حمّانا: تراث لبناني مميز.. يتوّجه "يوم الكرز"

في الخريف والربيع هناك السير في طبيعة حمانا، وتتنوع مساراتها بين القصير السهل في ربوع البلدة، والطويل الصعب الذي يشمل البلدات الواقعة حولها، ويربطها ببعض، وفي الشتاء يحلو للزائرين المشي على الثلج، وصيفاً هناك"الهايكينغ" و"الكانيونينغ".

  • يوم الكرز في حمانا
    يوم الكرز في حمانا

جمعت مجد السياحة، والتراث، والجمال البيئي من أطرافه. هي "حمّانا"، البلدة النموذجية اللبنانية المتألّقة جمالاً، وتراثاً، وتاريخاً، ومعالم متعددة، وبيئة متنوّعة، وموقعاً يصل الأعالي بالساحل. زادها أهلها جمالا بإقامة يوم سنوي لـ"الكرز"، الانتاج الهام الذي تتميز به كمّاً ونوعاً، مع ما يحفّ به من أنشطة، ودينامية مميّزة.

وانطلاقاً من ساحة البلدة، يمكن للزائر أن يجول في أنحاء البلدة للإطلاع على ما تكتنزه من جمالات، منها ما هو طبيعي، ومنها ما هو من صنع الانسان.

"يوم الكرز" الحمّاني

اعتاد سكان البلدة بما لديهم من حسن مبادرة إقامة يوم للكرز في ساحة البلدة. فكرة جمعت الجمال الطبيعي، مقروناً بالجمال الانساني حيث تنضم إليه مسابقة "ملكة جمال الكرز"، تساهم نوادٍ متعددة في البلدة بإنجاحه، فتحوّلت حمّانا مع الوقت إلى نقطة استقطاب لمختلف منتجي الكرز في حمانا، ومحيطها من البلدات، يقصدونها للمشاركة في فرح اليوم، وفي تسويق الانتاج الذي يبدأون بالعمل عليه قبل موسم القطاف.

كما ينضم كثيرون من مختلف المناطق للمشاركة في قطاف الموسم، وجنيّ ثماره، لتتحول البلدة على خلفية حبة الكرز اللذيذة إلى مهرجانٍ يختتم بيوم الكرز.

  • يوم الكرز في حمانا
    يوم الكرز في حمانا

 وتتحدث منسقة مكتب التنمية المحلية في بلدية حمّانا السيدة لورا البيري لـ"الميادين نت" عن فكرة مهرجان الكرز التي بدأت في السبعينات، قبل الحرب الأهلية، وتعود الفكرة لنوادي حمانا، وترافقت مع انتخاب "ملكة جمال الكرز"، وتشارك فيه البلدة كلها، والدوافع، بحسب البيري- هو الاصطياف والسياحة فحمانا معروفة بكرزها المميز بسبب تربتها، ووفرة المياه فيها.

احتفال الكرز هو يوم واحد، ويستمر منذ الصباح وحتى المساء، كما تقول البيري، مضيفة إن "بلدية حمانا باتت تتابع أموره، منذ سنة 2008 تحت عنوان يوم الكرز الحمّاني، والهدف مساعدة المزارعين، وتسويق انتاج حمانا من الكرز، ومشتقاته، مثل المربيات، والكومبوت، والشرابات المختلفة، والعصائر، ومشتقات متنوعة من الكرز، وهو انتاج كبير، وإقامة يوم الكرز يساعد على تصريف الانتاج.

  • من افتتاح مهرجان الكرز
    من افتتاح مهرجان الكرز

نشاطات على مدار العام

تقدّر البيري إنتاج يوم الكرز بعشرة أطنان، تنضم إليها بقية المشتقات، لتجعل من موسم الكرز موسما اقتصاديّاً يرفد المزارع، والحرفي الناشيء على هامش الانتاج، بمدخول كان سابقاً للرفاهية، زمن الازدهار اللبناني، لكنه اليوم سَنَدٌ في أزمة خانقة.

وتتحدث البيري عن حمانا بوصفها "بلدة سياحية بامتياز، وباتت اليوم أكثر شهرة، ولا تتوقف نشاطاتها على مدار السنة، صيفاً وشتاءً، وفيها السياحة البيئية بحمى حمانا، وجبالها".

"في الخريف والربيع"، تقول البيري، "عندنا الهايكينغ، والسير في الطبيعة، وتتنوع مساراتها بين القصير السهل في ربوع البلدة، والطويل الصعب الذي يشمل البلدات الواقعة حولها، ويربطها ببعض. وفي الشتاء، عندنا المشي على الثلج، وصيفا، إضافة للهايكينغ عندنا الكانيونينغ، مفاده النزول بالحبال على الصخر وانتهاء بالغطس في نبع الشغور.

  • شاغور حمانا
    شاغور حمانا
  • جسر على الشاغور
    جسر على الشاغور

مقوّمات سياحية 

هناك مقوّمات سياحية كثيرة في حمّانا، منها قصر بيت مزهر الذي سكنه الشاعر الفرنسي الفونس لامارتين، وسوق الميدان، وهناك العديد من المعالم السياحيّة، من كنائس وأديرة، ومسجد، ومجمّع رياضي كبير لمختلف الألعاب، ومسبح، ومزار القديس شربل الذي شيد سنة ٢٠١٨.

ووفق دراسة أعدّتها بلدية حمانا، فهي تقع على مسافة 33 كلم شرق بيروت، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر 1150 مترا، تؤكد آثار متعددة  فيها أنها قديمة، ومرّت العديد من الحضارات عليها، وبدأ قدوم العائلات المسيحية إليها ابتدا ًء من اوائل القرن الثامن عشر، من مختلف الأنحاء اللبنانية، وربما قدّم بعض منهم من حوران في سوريا.

  • ملتقى الكنائس في البلدة
    قصر مزهر في البلدة

وتظهر الدراسة نشوء المعاهد التربوية فيها على يد الراهبات المحليّات، وأولها في العام 1846 على يد راهبات القديس يوسف، إضافة إلى المؤسسات الفرنسية والكاثوليكية الاخرى، والإرساليات البروتستناتية واللاتينية بعد ذلك، وبلغت المدارس التسع عام 1883، غالبية مدرّسيها من الوطنييّن.

ومن المعروف تأثير إقامة مشروع خط الحديد بين بيروت ودمشق، عبوراً بجبل لبنان، في العام 1895 في نمو المنطقة، ولم يمضِ زمن طويل حتى قامت فيها فنادق كبرى، وأبنية عصريّة منظّمة، وتحوّلت الى شبه مدن زاهية ضاحكة، يؤمها المصطافون من كل جانب. 

كان لموقع حمانا الجغرافي، عدا ارتفاعها عن سطح البحر ونعمة الشاغور عليها، تأثير مباشر على ازدهارها في الربع الثاني من القرن العشرين، عندما أوغلت الحداثة في البنية اللبنانية التقليدية، وضربت إنتاج الحرير، فنعمت حمّانا بمجاورتها لبلدة صوفر الناشئة حديثاً على يد بعض العائلات الأرستقراطية اللبنانية، بفائض الوافدين على صوفر، حيث راج الاصطياف في حدود السنوات 1936 – 1941.

  • ملتقى الكنائس
    ملتقى الكنائس

وأبرز المعالم الأثرية فيها هي سوق الميدان، ودير الراعي الصالح، وخان مراد، والعقد، وقصر المقدمين من آل مزهر اول العائدين الى المنطقة بعد الحملات المملوكية 1302-1306، وسكنوا القصر الذي يعود بناؤه الى القرن الثاني عشر وهو من الطراز الغوطي.

وبين عامي 1732-1733 زار الشاعر الفرنسي لامارتين الشرق، وكانت له محطة في حمانا، وأعجب بالموقع وبالقصر فوصفه في مؤلفة Voyage en Orient حيث تغنىّ بوصف حمانا، وجال واديها الذي حمل اسمه. 

تنعم حمانا بسياحة دينية واسعة حيث تضم 6 كنائس أولاها بنيت عام 1600، ومسجد حمانا الذي بني سنة 1968. وفيها مكتبة عامة تضم حوالى 9000  كتاب.

  • ساحة البلدة
    ساحة البلدة

ولم يكن ينقص حمانا جمالاً إلاّ تصوير مسلسل "الهيبة" فيها، ليزيد اهتمام السواح بها من مختلف الأنحاء، حيث باتوا يقصدون ساحتها، والتعرّف على المقهى الذي جرى التصوير فيه، وما يحف به من مقاهٍ تراثيّة، ومعالم سياحيّة جميلة.