عكار اللبنانية: معالم تاريخية ومواقع طبيعية ساحرة

تتميّز كل منطقة في عكار بمميزات خاصة، وتحتوي كل منها على مواقع أثرية، وتراثية، ومناخية، وبيئية مختلفة، ولا يمكن للزائر الراغب بالتعرّف إلى المنطقة عن كثب إنجاز مهمته في يوم واحد، ويمكن لجولة أن تضم معالم من كل منطقة فيها، لقضاء نهار سياحي زاخر.

  • من آثار حلسبان في القليعات
    من آثار حلسبان في القليعات

عكار منطقة مترامية عند الحدود الشمالية للبنان، فيها تنوّع بيولوجي، وأثري، وتاريخي، ومناخي واسع نظراً لاتساعها، وارتفاعاتها المتفاوتة، وتاريخها كمعبر بين ساحل المتوسط الشرقي، والداخل السوري، وقد كانت حتى الأمد القريب أكبر قضاء في لبنان، قبل تحويلها إلى محافظة.

تضم عكار ما يزيد على 300 بلدة، وتنقسم إلى 4 تجمّعات سكانية يشكّل كل منها منطقة مستقلة جغرافياً واجتماعياً، وأقسامها هي الشفت وسهل عكار، القويطع-الجرد، الجومة، الدريب. 

تتميّز كل منطقة بميزات خاصة، وتحتوي كل منها على مواقع أثرية، وتراثية، ومناخية، وبيئية مختلفة، ولا يمكن للزائر الراغب بالتعرّف إلى المنطقة عن كثب إنجاز مهمته بيوم واحد، ويمكن لجولة أن تضم معالم من كل منطقة فيها، لقضاء نهار سياحي زاخر بشتى المعارف والاهتمامات.

"عرقة"  المطمورة تحت الأرض؟

تقع في منطقة الشفت-السهل، وكان الموقع قاعدة رومانية إدارياً وسياسياً، وامتدت من موقع تلّها الحالي في نقطة وسطى في عكار، على مقربة كيلومترين من مركز المحافظة- حلبا، وحتى البحر، شاملة مساحات واسعة من سهل عكار، ثاني أكبر سهول لبنان بعد البقاع، ويمتد داخل الأراضي السورية.

يرجح الأثريون أن تكون عرقة المدينة لا تزال مطمورة تحت الأرض في السهل الذي امتدت فيه بين موقعها الحالي، وساحل البحر. 

تُعْرف عرقة اليوم بأنها ذلك التلّ القليل الارتفاع ولا يزيد على 30 متراً، يجري قربه نهر عرقة، وتتراكم في داخل التلّ طبقات متراتبة من الآثار، أحدثها على سطح التل، وهي آثار عثمانية ومملوكية، كما أظهرت الحفريات التي بدأت في ستينيات القرن الماضي، ولم تنتهِ، قامت بها بعثة فرنسية، وهي متوقّفة عن المتابعة حالياً.

  • من آثار عرقة
    من آثار عرقة

ليس امتداد عمليات الحفر منذ الستينيات أمراً غريباً إذا عُرِف أن الموقع يحتاج للكثير من الحفر وصولاً إلى أعماقه، فكل مرحلة من طبقاته تحتوي آثاراً حضارية أقدم مما هو فوقها، ولذلك اكتشفت آثار صليبية تحت الآثار المملوكية، ورومانية تحت الآثار الصليبية، ويونانية تحت الرومانية.

نبت من عرقة أباطرة حكموا الإمبراطورية الرومانية، واشتهرت منهم عائلة ساويروس، منهم ألكسندر وسبتيموس.

آثار متنوّعة في عكار العتيقة

 تقع في منطقة الجومة، وهي مدينة شكّلت مركزاً لسلطة آل سيفا-الولاة التابعين للسلطنة العثمانية، تتميّز بقلعتها الأثرية، وجمال موقعها، وغزارة مياهها، وفيها آثار متنوعة التواريخ منها منطقة غزراتا، وكنيستها الأثرية، ومدافن ونواويس تعود لحقب تاريخية متنوعة، وينابيع غزيرة أبرزها نبع الشوح، ونبع الشيخ جناد، وتتشكّل من مياهها شلالات جميلة عالية، ومن مواقعها الهامة جبل وسهل القموعة. 

  • قلعة عكار العتيقة
    قلعة عكار العتيقة

وفي البلدة مسجد مملوكي، ومطاحن أثرية وتراثية، وغابات حرجية من الصنوبر والسنديان والشوح والأرز، وتتميز بأشجار الجوز المعمّرة.

قلعة "فيليكس" في مُنْجِز

 من بلدات منطقة "الدريب"، اكتسبت تسميتها من التل الذي تقوم عليه قلعة "فيليكس"، وهي قلعة صليبية، بناها أمراء من آل "داكيز" الصليببين، وتقسم الكلمة إلى قسمين، "مون" أي التل، و"غيز" نسبة للأمراء من آل "داغيز"، وهي عائلة اشتهرت زمن الصليبيين، ولا يزال عدد من عائلاتها موجوداً في طرابلس اللبنانية حتى اليوم، ويعرفون بآل "داكيز".

في منجز، عدة معالم أثرية وسياحية أخرى، أبرزها النهر الكبير الفاصل بين لبنان وسوريا، وتقام عليه العديد من المواقع السياحية من مقاهٍ، ومطاعم مظلّلة بالأشجار الدهرية، وهناك دير سيدة القلعة، وقصر أثري، ومدافن وكنائس أثرية، منها كنيسة مار دانييل، ونبع غزير يعرف بنبع الجعلوك.

كما تضمّ منجز محترفاً فنياً للنحت، والرسم، والحرفيات المتنوّعة.

القبيات المترامية المساحة

تقع في منطقة "الدريب"، وهي مدينة مترامية تقع إلى الشمال الشرقي من عكار، وتصل إلى حدود قضاء الهرمل، والقموعة في المرتفعات، وتطلّ على سوريا غرباً وشمالاً، فيها الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية، والمواقع البيئية، وأبرزها: 9 كنائس وأديرة، وفي بعضٍ منها آثار رومانية، مثل دير مار شليطا، وقربه قبور ونواويس قديمة، وكنيسة غزراتا الأثرية، وكنيسة سيدة شحلو، وكنيسة ودير مار جرجس الأثري وبقربه آثار قديمة، وفي البلدة معمل لخنق الحرير، وعدة عيون غزيرة، ومحميات بيئية تمتد من المنخفضات بغابات صنوبر، وترتفع إلى السنديان في الوسط، بلوغاً محمية الشنبوق المجاورة للقموعة حيث  غابات الشوح، والأرز واللزاب.

  • سهل القموعة
    سهل القموعة

قلعة القليعات الصليبية

تقع البلدة في سهل عكار، وأبرز مواقعها قلعة القليعات الصليبية التي يملكها اليوم آل المقدّم من طرابلس، ولا يزال الكثير من أجزائها قائماً، لكنها مهملة بصورة عامة، ومطار القليعات الذي تجري اليوم مطالبات بتحويله إلى مطار مدني، يتميز باتساعه، وطول مدارجه  التي تزيد عن مدارج مطار بيروت، وقد جرت عليه ترميمات، وهو صالح للعمل، ويشكّل متنفّساً سياحياً للعاصمة بيروت فيما لو وضع في الخدمة.

  • شلال في عكار
    شلال في عكار
  • أرزة في القموعة
    أرزة في القموعة
  • شلال في عكار العتيقة
    شلال في عكار العتيقة

وهناك البيرة من بلدات الدريب، وهي تضم قصر جعلوك الأثري،وجامعاً أثرياً، وخمس مزارات لأولياء راحلين، وقلعة طيبو، وقلعة البيرة الأثرية التي تحتوي على معصرة زيت قديمة، وإسطبلات خيل، وآثار لمحاكم ومشانق، كون البلدة كانت مركزاً لولاة عثمانيين من أبناء المنطقة، عُرِفوا بقسوتهم، وتشدّدهم في الحكم.

كما تحتوي البيرة على عيون مياه غزيرة، وأحراج سنديان وصنوبر وأرز معمرة، ولها إطلالة شمالية تكشف بحيرة حمص. 

قلعة "عروبة" في القموعة

تقع في أعالي منطقة القويطع، وهي موقع سياحي مميّز، يشتهر بسهله الذي يرتفع زهاء 1400 متر عن سطح البحر،ويمتد باتساع منقطع النظير على أعالٍ من هذا المستوى، إذ يبلغ طوله زهاء ثلاثة كيلومترات، وعرضه الكيلومترين، يتحوّل شتاء إلى منبسط من الثلوج، وفي الربيع يتحوّل إلى بحيرة، وصيفاً إلى مروج أعشاب خضراء.

  • معصرة في حلسبان
    معصرة في حلسبان
  • آثار في حلسبان
    آثار وأجران في حلسبان

تعلو السهل جبال حتى 2800 متر عن سطح البحر، وعلى إحدى قممها تقوم قلعة "عروبة"، ويشتهر الموقع بغابات الشوح، والأرز، واللزاب، وفيها نباتات نادرة، وغابة فريدة من نوعها لشجر "العزر"، وفيها مغاور، وينابيع غزيرة.