في مبادرة سياحية.. معالم طرابلس توثّق مرئياً

اثنا عشر طالباً جامعياً لبنانياً ينفذون 12 فيلماً وثائقياً قصيراً للترويج لبعض المعالم الأثرية والتراثية الحضرية لمدينة طرابلس، شمالي لبنان.

  • في مبادرة سياحية.. معالم طرابلس توثّق مرئياً
    في مبادرة سياحية.. معالم طرابلس توثّق مرئياً

باقة من المعالم الأثرية والعمرانية والتراثية والحضرية وُضعت على الشاشة السياحية للبنان، عبر اثني عشر فيلماً توثيقياً قصيراً، ترويجاً لبعض من تراث المدينة. 

نفّذ التجربة اثنا عشر طالباً جامعياً من كليات الإعلام في جامعات "العزم"، و"الجِنان"، وطلاب من الجامعة اللبنانية والمجتمع المدني، بعد إجراء تجربة على التوثيق في دورة أقامتها مؤسسة "نيو ميديا"، وتعاونت فيها مع "الرابطة الثقافية" في المدينة.

رئيس الرابطة الثقافية الصحافي رامز فري عدّد المواقع المختارة، واعتبر أنّ "مبادرة طرابلس السياحية اليوم، شكلاً ومضموناً، هي مبادرة جادة ومسؤولة، تحمل في ثناياها العديد من الدلالات، وأبرزها الأهمية الكبرى للواقع السياسي والثقافي والأثري لطرابلس الفيحاء، وثانياً: قضية إعادة إحياء المدينة الأثرية وتأهيلها، وثالثاً: وضع طرابلس التراث على الخارطة السياحية والثقافية اللبنانية".

المواقع هي: قلعة طرابلس، وبرج السباع، وحمام عز الدين، وخان العسكر، وتوّلت "وزارة الثقافة" اللبنانية الإشراف على تنفيذها، بينما تولت وزارة الاقتصاد موقع المعرض، وأشرفت الرابطة الثقافية و"نيو ميديا" على موقعي "الجامع المنصوري الكبير، وكنائس المدينة، أما بقية المواقع فكانت من إشراف وزارة السياحة وهي: خان الصابون، وخان الخياطين، وخان العسكر، ومدينة الميناء، والمأكولات والحلويات الطرابلسية. 

قلعة طرابلس

تعد قلعة طرابلس أكبر قلاع لبنان، شيّدها الصليبيون مطلع القرن الثاني عشر، على قاعدة حصن عربي كان يعرف بحصن الصحابي سفيان بن مجيب الأزدي، واستخدمها الفاطميون أثناء ولايتهم المدينة، وتقع على رابيةٍ في منطقة أبي سمراء كانت تعرف بتلة الحجاج، وتشرف على كل المدينة، في موقع جميل، واستراتيجي عسكرياً حيث تنكشف منها كل المنطقة المحيطة بها. 

استخدمها الصليبيون مقراً لإقامة ولاتهم، وملوكهم، وأمرائهم، وبدأ تطوير بنائها على يد ريمون دي سان جيل، وهو كونت صليبي، واكتسبت منه  تسمية "سان جيل" التي حُرِّفت على لسان العامة إلى "صنجيل". 

دمّر المماليك القلعة بعد حصار المدينة لستة أشهر، وأعاد أسمندر الكرجي المملوكي بناءها، وأقام عليها العثمانيون بعض إضافات.

يبلغ طولها 136 متراً، وعرضها 70 متراً، وجرى ترميم أجزاء منها أواخر القرن الماضي، وهي تحتوي على بقايا آثار قيّمة تشكل ركيزة لمتحف مستقبلي.

برج السباع  

بعد دخول المماليك إلى المدينة وتحريرها من الصليبيين، شيّد المماليك سبعة أبراج دفاعية على طول الساحل قبالة المدينة، وبينما أزيلت غالبيتها، بقي برج عز الدين، وبرج السباع، وبقايا برج العدس على مقربة من المرفأ.

بنى البرج أحد القادة المماليك ويعرف ببرج برسباي، واستخدمت في بنائه أعمدة غرانيت لتدعيم جدرانه، له مدخل جميل من الحجارة البلقاء المتناوبة بالأسود والأبيض، ويعتقد أنّ رأسي سبع كانا على مدخله، لذلك عرف بهذا الاسم، لكن لا يعرف مصيرهما. 

حوّلته مرجعيات المدينة، بالتعاون مع المديرية العامة للآثار إلى موقع سياحي، حيث استضاف العديد من المناسبات السياحية والفنية والثقافية. 

لا يزال البرج بحالة جيدة، ويقع حالياً على مقربة من مدخل مرفأ المدينة، وتقوم قربه محطة سكك الحديد، وما بقي فيها من قاطرات أثرية.

حمام عز الدين

من أبرز حمامات المدينة، ظل يعمل حتى أواسط سبعينيات القرن الماضي، وقد أنشأه المماليك فوق مُنشأة دينية لاتينية حيث لا تزال نقوش وإشارات لاتينية تعلو مدخله.

أعيد ترميمه، وتجديد بنيته التحتية، وصار قابلاً للعمل، لكنّ وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار آثرتا إبقاءه معلماً سياحياً للتدليل على أقسامه، وبنيته.

تعلوه قبب مغروزة بأقداح زجاج تتيح دخول أشعة الشمس عليه للإنارة، موزّعة على شكل نجوم جميلة منتظمة.

باحته الخارجية واسعة تتوسطها بركة ماء ككل الحمامات، ويقسم داخله إلى ثلاثة أقسام: الجواني (الأعلى حرارة)، والوسطاني (متوسط الحرارة)، والخارجي (حرارته معتدلة).

هناك عدة حمامات لا تزال قائمة في المدينة القديمة، وهي حمام العبد، الوحيد الذي لا يزال عاملاً، وحمام النوري، وهو أضخمها، وأفخمها، لكنه مهمل، والحمام الجديد في محلة باب الرمل عند المدخل الجنوبي للمدينة القديمة.

الجوامع

أبرز الجوامع، وأقدمها، وأكبرها في المدينة هو الجامع المنصوري الكبير، لكن المدينة المملوكية تضم عشرات المساجد الأخرى، أبرزها: طينال، والحجيجية، والبرطاسي، والتوبة، والعطّار، والأويسي، وسواها من العصر المملوكي، والمعلق، وأرغون شاه والحميدي، والسنجق وسواها من العصر العثماني.

وتنتشر المساجد الحديثة في كل أرجاء المدينة، وبرزت منها مساجد فاخرة شيّدت في العقود الأخيرة في منطقة الضم والفرز، وأبرز المساجد الحديثة مسجد "الشكر" على شاطئ البحر بمآذنه الأربع، وتشكيلاته الفنية الشبيهة بمسجد الأمين البيروتي.  

غالبية المساجد الأثرية لا تزال تحافظ على تشكيلاتها العمرانية الجميلة من حجارة مصقولة، ومآذن عليها نقوش وحفريات، ومتدليات، ومقرنصات، وزخارف جميلة، تشير إلى تطور العمارة في العصر المملوكي. 

الكنائس

تنفرد طرابلس بين كل المدن المعروفة أنها تحتوي شارعاً اسمه شارع الكنائس لأنه يضم عدة كنائس لمختلف المذاهب المسيحية، وأبرزها، وأكبرها على مستوى لبنان كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس، ومار مخائيل المارونية، ومار جرجس الكاثوليكية، ومار يوسف اللاتينية، ومار نقولا الأرثوكسية، وربما هي الأعتق في الشارع، وكنيسة الآباء الكرمليين، وكنيسة الآباء اليسوعيين التي انتقلت بانتقال مدرسة الآباء اليسوعيين (الفرير) خارج المدينة.

وهناك كنائس منتشرة في مختلف الأحياء، نذكر منها كاتدرائية مار مارون التي أعطت اسمها  للشارع الذي تقوم فيه - شارع مار مارون، وكنيسة مار مخائيل المارونية، ومار مخائيل الأرثوذكسية وكلتاهما في القبة، وكنيسة السيدة في سوق القمح المتفرّع من باب التبانة، إضافة إلى ثلاث كنائس للبروتستانت. 

أعمار هذه الكنائس حديثة نسبياً، ويعود أقدمها إلى القرن الثامن عشر، لكن هناك مُصَلّى أرثوذكسي اسمه كنيسة يونس في سوق البازركان داخل الأحياء القديمة للمدينة، كما أنّ جامع الأويسية كان كنيسة شرقية، وجرت مبادلة الكنيسة مع مصبنة أقيمت مكانها كنيسة مار نقولا الأرثوكسية في شارع الكنائس.

وفي الميناء عدة كنائس لمختلف الطوائف، أقدمها، وأكبرها كاتدرائية مار جرجس الأرثوكسية التي أقيمت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وكنيسة مار الياس الأرثوكسية، ومار أفرام السريانية، وكنيسة البشارة الكاثوليكية، وقربها كنيسة للآباء الفرنسيسكان، وكنيسة سيدة النجاة المارونية. 

هذا غيض من فيض مما تكتنزه مدينة طرابلس من معالم تراثية وأثرية، ومنها المدارس المملوكية، وبيوت وقصور ومراكز سلطة مختلفة في مختلف أنحاء المدينة،  ومعالم أخرى متنوعة.