مكرماً.. الراحل نصري شمس الدين "يعود" إلى إذاعة لبنان

أزفت ذكرى رحيل العملاق الفني اللبناني العربي نصري شمس الدين ، فتجسّدت هذا العام بإطلاق اسمه على استديو رقم 4 في "اذاعة لبنان" في حفل رسميّ مهيب.

  • مكرماً.. الراحل نصري شمس الدين
    من حفل افتتاح الاستديو في إذاعة لبنان (الصورة لنبيل اسماعيل)

بتاريخ 18 آذار/ مارس من العام 1983، هوى عملاق الأغنية اللبنانيّة الشعبيّة، الفنان نصري شمس الدين على خشبة مسرح “نادي الشرق” في دمشق، بعد وصلة غنائية قصيرة، وفي أثناء تأديته أغنية “الطربوش”، إثر نزيف دماغيّ حادّ، ما أدّى إلى وفاته في عزّ عطائه عن 56 عاماً.

وفي ذكرى رحيله، أطلق وزير الإعلام في حكومة تصريف الاعمال المهندس زياد المكاري اسم الفنان الكبير الراحل نصري شمس الدين على استديو رقم 4 في "اذاعة لبنان"، بحفل أقيم عصر أمس الثلاثاء في استديو الاذاعة.

مكاري: لا نقف لنبكي على الأطلال

مكاري أوضح في كلمته "أن تكريم نصري شمس الدين لا لنقف نبكي على الأطلال ونقول كنا وكنا، والزمن الجميل والعصر الذهبي للبنان، ولكنني أريدها رسالة لأجيالنا الجديدة، لكل شخص لديه القليل من الشك بوطنه لبنان وبالإرث والتراث اللبناني. نريد اليوم أن نؤكد لاجيالنا الشابة أننا نملك عالما من الإرث الذي لا يثمن ولا مثيل له في المنطقة".

وقال: "على المستوى الشخصي، أعرب عن سعادتي وفخري الكبيرين لأن يحفر اسمي على هذه اللوحة إلى جانب اسم الفنان الكبير الراحل نصري شمس الدين، واليوم صار هذا الاستديو استديو نصري شمس الدين".

الغريب: صوته متجذّر في الهويتين اللبنانية والعربية

أما مدير الإذاعة محمد الغريب فاستهل كلمته بطلب الوقوف دقيقة صمت عن "روح الفنان الكبير وأرواح شهداء لبنان وغزة نتيجة الهمجية الإسرائيلية". وقال: "لأنه نصري شمس الدين الذي تتشح حنجرته بجمال صوته وعذوبته ونقائه وصفائه لأنه صاحب المساحة والمدى اللذين يغطيهما صوته من دون نشاز وبارتياح فائق، ولأن مكانته في ما نحت صوته في تاريخ الفن العربي، ولأن صوت نصري متجذر في الهويتين اللبنانية والعربية، ولأنه بالاضافة الى ذلك يعدّ ممثلاً موهوباً اتفق أداءه بالجودة بعيداً عن التكلف والاصطناع حيث كانت إطلالته وحضوره محببين الى الجمهور، جمهوره وجمهور الاخوين الرحباني والسيدة فيروز، حيث كانا الثنائي الاهم، فإننا سمينا استديو رقم 4 في إذاعة لبنان باسمه".

الرومي: يحمل عنفوان لبنان

مديرة البرامج في "اذاعة لبنان وعريفة الحفل ريتا نجيم الرومي" قالت: "الفنان الجميل المرهف الذي عشق الطبيعة والجمال والموسيقى، وقف هامة لبنانية جميلة على المسرح، ينظر الى فيروز يرمقها بنظرة الجد المحب الذي يعشق البطولات صادحاُ بصوته".

اضافت: "طالما لوّح لنا مع ابتسامة مشرقة تحكي لنا عن حبّه الكبير للاذاعة التي عشقها، فهنا ولد هذا الكبير نصري شمس الدين في هذا الاستديو الذي يطلق اسمه عليه اليوم، تغلغل صوته الشجي حاملا عنفوان لبنان وسمو الامراء وحنان الخال وحب العاشق يغني سامحينا والطربوش".

  • مكرماً.. الراحل نصري شمس الدين
    كلمة وزير الإعلام اللبناني

وتابعت: "على عين المية يا سمرة، هو اليوم نجم هذا الحفل الذي منذ انطلاقه من هنا وصعوده على المسرح، سطع نجمه في سماء الاغنية اللبنانية".

فرقة المعهد  الوطني العالي للموسيقى

 حضر الحفل ممثلة وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، رئيسة الكونسرفتوار الوطني الدكتورة هبة القواس، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، مدير "اذاعة لبنان" محمد الغريب، ومديرة البرامج في الإذاعة ريتا نجيم الرومي وشخصيات فنية وثقافية وإعلامية واجتماعية.

وأحيت الحفل فرقة من المعهد الوطني العالي للموسيقى "الكونسرفتوار" بقيادة الموسيقار أندريه الحاج.

وقبيل بدء الفرقة الموسيقية بتقديم لوحاتها الفنية من أغاني الراحل شمس الدين، قدّم مدير الاذاعة ومديرة البرامج باقة ورد إلى القواس، التي شكرتهما وقالت: "إن صوت الراحل شمس الدين جميل جداً كجمال بلدته جون، ويجب أن نعرف بأن أهم الاصوات مرّت في اذاعة لبنان، وما ينوي أو يقوم به الكونسرفتوار هو التعاون لإبراز هذه القيم الفنية الكبيرة التي يعتز بها لبنان".

استديوهات باسم فيروز وحليم الرومي

وكانت الإذاعة اللبنانيّة الرسميّة، أطلقت في شهر آذار/ مارس سنة 2016 مبادرتها الأولى في تسمية استديو رقم 6 باسم الفنانة الكبيرة فيروز،وفي العام التالي، وبتاريخ 7 أيار/ مايو 2017 احتفت إذاعة لبنان بإطلاق اسم المطرب والملحن، الموسيقار حليم الرومي على استديو رقم 5.

  • مكرماً.. الراحل نصري شمس الدين
    جدارية تجسّد الاستديو

واكبت إذاعة لبنان انطلاقة نصري شمس الدين منذ بداياته الأولى، إذ كان يحضر إلى استديوهاتها، لتسجيل “اسكتشات” مع الأخوين رحباني وفريق عملهما، كذلك شهدت الإذاعة على تسجيل أولى أغنيات نصري الخاصّة “بحلّفك يا طير بالفرقة” كلمات أسعد السبعلي وألحان فيلمون وهبي.

 شمس الدين الأصيل من أصالة لبنان

 ملأ نصري شمس الدين الساحة الفنّيّة والطربيّة، والعالمين العربيّ والغربيّ، بصوت دافئ عميق، مانحاً الأغنية اللبنانيّة الأصيلة نكهة فريدة، ولوناً قلّ مثيله، فذاع صيتها وانتشرت انتشار النار في الهشيم، لذلك، لم يسقط نصري شمس الدين في ذاك اليوم “المشؤوم” من آذار سنة 1983 على المسرح، بل ارتفع ليحلّق كما كان صاحبه، تاركاً رصيداً فنّيّاً ضخماً ومميّزاً في القلب والبال والذاكرة والوجدان.

وللأسف، فقد  أمعنت الجهات الرسميّة والفنّيّة اللبنانيّة (عن قصد أو سهواً)، بعد رحيل نصري ولأعوام طوال في تجاهله، وقد أشاحت باهتمامها عن إرثه الغنائيّ والفنّيّ وعن تكريمه، مثلما كرّمت العديد من فنّاني جيله ومبدعي لبنان، ولم تهتمّ بأرشيفه ورصيده الفنّيّ الذي تناتشته الفوضى الإعلاميّة و”الغنائيّة”، وتجاهلت ما بقي من “كنز” غنائيّ، لم ينشر حتّى يومنا هذا، وهو كناية عن عشرات الأغاني المسجّلة بالصوت والموسيقى.