تونس... المدينة المفتوحة على البحر بأبواب ملوّنة

تونس العاصمة، عدا عن كونها مركزاً اقتصادياً هاماً للدولة، فهي أيضاً مقصداً سياحياً جاذباً، بشواطئها الخلابة وبشقّيها القديم والحديث.

  • تونس... المدينة المفتوحة على البحر بأبواب ملوّنة
    المدينة العربي (تصوير فرح محفوظ)

 

تونس الخضراء، تلك الأرض التي أنجبت هنيبعل، إبن خلدون، أبو القاسم الشابي، الحبيب بورقيبة وكثيرين غيرهم... الأرض التي لم تخطئ أليسار (أو عليسة)، إبنة ملك مدينة صور باختيارها لتأسيس مدينة قرطاج، والتي لا تزال آثارها شاهدة على غنى الحضارة البونيقية، المتميزة بأنها خليط ثقافي شرقي وغربي وأمازيغي. هذا التنوع زادها سحرًا و انعكس على الإرث الحضاري الغني فيها.  

تونس العاصمة، عدا عن كونها مركزاً اقتصادياً هاماً للدولة، فهي أيضاً مقصداً سياحياً جاذباً، بشواطئها الخلابة وبشقّيها القديم والحديث. وتعتبر سيدي بو سعيد المطلّة على قرطاج وخليج تونس، والتي يعود تأسيسها إلى القرون الوسطى، من أروع الأماكن السياحية في العاصمة، ببيوتها البيضاء ذات الأبواب الزرقاء العتيقة المزخرفة.

  • تونس... المدينة المفتوحة على البحر بأبواب ملوّنة
    مقهى في سيدي بو سعيد (تصوير فرح محفوظ)

 

هناك بإمكانك الاستمتاع بالتجول بين أزقتها، و تناول حلوى البمبلوني الشهية، وشراء التذكارات ذات الطابع التونسي. وتشتهر سيدي بو سعيد بمقاهيها خاصة القهوة العالية و كافيه ديليس، التي كانت مصدر إلهام للفنان الفرنسي باتريك بروييل الذي تغنى بها بأغنية "Au café des délices". أما المشموم التونسي العابق بعبير الفلّ والياسمين، فيرتبط أيضاً بهذه المنطقة.

وبالإنتقال إلى المدينة العربي، ستمرّ بشارع الحبيب بو رقيبة، "قلب العاصمة"، بكلّ ما للكلمة من معنى، فهو الشاهد على  صيحات الشعب التونسي ضد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في ثورة الياسمين، وهو محطّ النشاطات الثقافية والفنية، تمتد على جوانبه المقاهي، المطاعم، والدور الثقافية، ويحوي على العديد من المعالم، كتمثال إبن خلدون، كاتدرائية تونس، برج الساعة، ومسرح تونس البلدي... وهو شارع يعج بالحياة، ويربط أوصال العاصمة الأربعة.

  • تونس... المدينة المفتوحة على البحر بأبواب ملوّنة
    متحف باردو (تصوير فرح محفوظ)

 

أما المدينة العربي ذات الطابع التراثي فهي حكاية أخرى، بأسواقها الشعبية التي لا تخلو من الأبواب العتيقة المزخرفة من مختلف الألوان والأشكال، فمنها المقوّس و منها المربع. وللمدينة العتيقة 24 باباً، بقي منها خمسة أبواب: باب بحر، باب الخضراء، باب الجديد، باب السعدون وباب العسل. ويحيط المدينة العربي جامع الزيتونة الذي يعدّ من أقدم المعالم الدينية في تونس، ويتميز بهندسة معمارية فريدة، بقبته ذات الطابع الأموي،وأعمدته الحفصية، والمحارب ذات الطراز الفاطمي.

  • تونس... المدينة المفتوحة على البحر بأبواب ملوّنة
    السوق الشعبي في المدينة العربي (تصوير فرح محفوظ)

 

ويعدّ جامع الزيتونة منبراً لنشر الثقافة الإسلامية في بلاد المغرب العربي، إذ كان أول جامعة إسلامية خرّجت الكثير من الفقهاء والمفسّرين، منهم إبن خلدون وإبن عرفة التونسي. عند زيارتك لتونس، لا بدّ من أن تمر على آثار قرطاج، حيث حمامات أنطونيوس، ومتحف قرطاج، والحي البوني الذي يشكل متحفًا في الهواء الطلق، وحي المنازل الرومانية، ومسرح قرطاج الروماني بتماثيله ومدرّجاته النصف دائرية، والذي يُعدّ من أهم المسارح العربية التي كانت ولم تزل منصّة لأهم المهرجانات الفنية، حيث تصدح أعذب الأصوات العالمية.

  • تونس... المدينة المفتوحة على البحر بأبواب ملوّنة
    جامع الزيتونة (تصوير فرح محفوظ)

 

وإن كنت مولعاً بفنّ الفسيفساء فإن متحف باردو هو الوجهة الصحيحة، فهو يعدّ ثاني أكبر متحف للفسيفساء الرومانية في العالم، والتجول في أروقته يأخذك إلى ذلك الزمان الغابر، حيث أساطير الآلهة وصراعاتهم، وتتنقل بين كلمات الإنيادة، أعظم الملاحم الشعرية لفرجيل الروماني. 

ولتكتمل المتعة في تونس، لا بدّ من تذوق أصناف المطبخ التونسي التقليدي، كأطباق الكسكسي الشهي، الطاجين، الكفتاجي، واللبلابي... والتي تعتمد على الهريسة والتابل كمكوّنات تميزها عن باقي الأطباق الشرق أوسطية، بالإضافة إلى سمك الدوراد في منطقة حلق الواد. 

 لا بد من التنويه بالشعب التونسي، فهو شعب حضاري، منفتح، مثقف، مضياف وهو على الرغم من انفتاحه على باقي الثقافات، فهو لا يزال يفتخر ويحافظ على التراث التونسي، ويحمله معه أينما حلّ، فتجد مثلاً إشارة الخمسة والريحانة تزيّن منازله، وحلي النساء. ولا يزالون يلبسون حتى اليوم الثوب التونسي التقليدي في حفلات زفافهم.