"يربوا بعزكن" كوميدراما لبنانية أضحكتنا وأدمعتنا

ليس أكثر من الأفلام المحلية اللبنانية التي تضرب على وتر الترفيه أكثر من طرق باب القضايا المختلفة التي يعيشها اللبنانيون في يومياتهم. لكن الواقع أنجب شريطاً فاجأنا بالكامل عنوانه "يربوا بعزكن"، إخراج "ديفيد أوريان" عن سيناريو لـ (آيزك فهد، ودوريس سابا) قصة وإنتاج (آيزك، وسام لحود) يكاد يختصر واقعنا من خلال نموذجين من النساء صودف أنهما أنجبتا 3 أبناء في وقت واحد وفي المستشفى نفسه لتحصل مفارقات عديدة على أصعدة مختلفة.

شريط في قمة البساطة والجمال. جماهيري بكل ما للكلمة من معنى، أضحكنا من دون تكلف، وأدمعنا على الكثير من المواقف الإنسانية النبيلة التي يدخل معظمها في باب الوطنية السمحة معطوفاً على مشاعر صادقة تحتمها مشاعر الأمومة بين النساء وتنعكس إيجاباً على الصورة الأكبر للعلاقات، فتسقط الإعتبارات الهامشية ويحضر الإنسان بكل ثقله وقيمته، من خلال نص بالغ السلاسة والعفوية والصدق، ينطلق من عامل الأمومة، بين سيدتين شابتين (باميلا الكك، ورولا بقسماتي)، الأولى زوجها ميسور (شادي حداد) والثانية من سيدات الجبل زوجها عامل ومزارع متواضع الحال (عمار شلق) تزامن مخاضهما للولادة فأنجبت السيدة الثرية بنتاً ولم يحضر لزيارتها أحد خصوصاً من ذويها لأنها تزوجت من غير طائفتها، بينما الأخرى رزقت بتوأم من الذكور وجاءها أهل وأقارب كثيرون للتهنئة.

السيدتان يجمعهما جناح واحد في المستشفى الذي يديره (غبريال يمين) ووقع في حيرة مع المزارع النجار الذي لا يملك بدل ولادة زوجته، فيما لا أسرّة متوفرة في المشفى لاستقبالها، فتدخل الشاب الثري ابن النائب السابق وعرض استضافة الأم الثانية في جناح زوجته لحل الإشكال الحاصل وإذا بالفوضى تدب في المكان من حركات وتعليقات ابن الضيعة الظريف (رامي عطالله) الذي ملأ الفيلم بهجة وضحكات من القلب، وجاء الحل السحري من نبل وشهامة أهل الجبل عندما احتاجت الأم الثرية لدم وإذا بقافلة من السيارات تصطف عند مدخل المستشفى ويدخل من فيها للتبرع بالدم، وهذا ما يوطّد العلاقة بين الزوجين كما بين السيدتين ليكون المشهد الأخير إلى مائدة غداء في الهواء الطلق.

عرف الشريط كيف يكون بسيطاً وعميقاً، ترافقه موسيقى خلابة لـ "إميل عواد"، مع تصوير بديع أداره "حسن سلامة"، وجاء الكاستنغ في غاية الكمال، لأن الممثلين لعبوا أدوارهم باندفاع وفهم ومن منطلق هضم المطلوب من كل شخصية، ولم نشعر أن بديلاً لأي منهم كان ممكناً أن يكون أفضل منهم.

"عمار"المدهش، "رامي" العسل، "باميلا" السندريلا القابضة على النجومية بثقة، "رولا" التي تختصر الوجع والفرح في آن تواصل تأكيد حضورها كممثلة، "غبريال" أستاذ الكاراكتر بنكهة مختلفة في شخصية vahe التي لا تنسى، "شادي" والدور المفصّل على مقاسه، "هند خضرا" أعطت صورة المحجبة الجميلة التي تستمع إلى الغزل بخفر وذكاء، حتى المتمكنة "تقلا شمعون"، والمعلّم "نقولا دانيال" كانا فاعلين في حضورهما الشرفي.