غاب الصحافي، المترجم، والمخرج "ريمون بطرس"

خسرت سوريا والوسطان الإعلامي والسينمائي العربي، الصحافي، المترجم والمخرج "ريمون بطرس"، الذي توفي عن 70 عاماً، في أحد مستشفيات دمشق متأثراً بمرض عانى منه طويلاً، ودخل من أجله قسم الطوارئ للعلاج عدة مرات، وكانت الأخيرة في الثاني من آذار/ مارس الجاري، حين فارق الحياة التي عاشها متنقلاً بين الإعلام والترجمة من الروسية إلى العربية، والإخراج للشاشتين.

  • غاب الصحافي، المترجم، والمخرج "ريمون بطرس"
    "ريمون بطرس" في آخر أيامه

عرفناه بدءاً من أواخر الثمانينات حين كان حاضراً في معظم دورات "مهرجان دمشق السينمائي الدولي" يوم كان يقام مرة كل عامين بالتنسيق مع أيام قرطاج السينمائية، وأول شريط روائي طويل تعرفنا عليه من خلاله كان "الطحالب" (1990) الذي صوّره مع صديقه ورفيق مسيرته الفنان "أيمن زيدان" (ومعه نورمان أسعد، وعباس النوري) الذي كان أول فنان نعاه بأسف بالغ، وهو صوّره بعد أربع سنوات على أول أعماله الطويلة (بعد عودته من دراسة السينما في كييف عاصمة أوكرانيا) "المؤامرة المستمرة" بتمويل مشترك سوري سوفياتي، وإخراج مشترك مع "إيغور ريستينوف"، وبعدهما صوّر فيلمين طويلين: "الترحال" (مع جمال سليمان، سليم حداد، سمر سامي، نورا رحال، وسلاف فواخرجي) و"حسيبة" (2008) صوّره بكاميرا ديجيتال (مع طلحت حمدي، سلاف فواخرجي، سليم صبري، وإمارات رزق)، كما عمل مساعداً للمخرج محمد شاهين (زوج الفنانة منى واصف)، مضافاً إليها عدداً من المحطات الدرامية للشاشة الصغيرة (الجذور تبقى خضراء،أم هاشم، زواريب مدينة منسية).

"بطرس" الذي عرف بتواضعه، وثقافته العالية ودأبه في العمل اليومي المتواصل، ظل وفياً للغة الروسية التي أجادها خلال فترة الدراسة وإستغلها خلال حقبة عمله في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، فقدّم برنامجاً فنياً ثقافياً في القسم الروسي بالإذاعة، وشغل لسنوات منصب القيّم على قسم الترجمة في التلفزيون، فأنجز ترجمة عشرات الساعات التسجيلية والدرامية من الروسية إلى العربية، تماماً كما كان أميناً لإنتمائه إلى أرضه وشعبه وهو ما عبّر عنه في كم كبير من الأشرطة التسجيلية (البداية، الشاهد، همسات، خطوات، نشيد البقاء، أحاديث الحجر، حصاد وآفاق، الملتقى، ترانيم، مدن الأيام القادمة، حلب على ضفاف المستقبل، ملامح دمشقية، نوافذ على الزمن الآتي، أنغام الخط الشامي) وشريطين قصيرين (صهيونية عادية، عندما تهب رياح الجنوب)، وآخر ما أنجزه "أطويل طريقنا أم يطول".

ربما لم يأخذ المخرج "ريمون بطرس" حقه من الترويج الإعلامي، لكن ذلك عائد إليه شخصياً وهو وحده الذي يتحمل مسؤولية عدم ظهوره في لقاءات صحفية منشورة في صحف ومجلات متخصصة (ظهر فقط في فصلية:الحياة السينمائية التابعة لوزارة الثقافة) ولسان حاله يردد: "يا أخي شاهدوا أعمالي وأكتبوا عنها ولن أزعل إذا شتمتموها، لماذا أتحدث عن أفلامي وأنا من صنعها وهي صورة عني مئة في المئة". هذا الكلام صحيح لكن ليس المطلوب منه التحذث عن أفلامه وقت عرضها، بل مناقشة سينماه مع نقاد فاهمين ومتابعين.