"200 متر" للفلسطيني أمين نايفة في بيروت

فرصة رائعة عاشتها بيروت مع برمجة دار النمر للفن والثقافة، عرضاً خاصاً للشريط الفلسطيني "200 متر"، نص وإخراج أمين نايفة، مساء الأربعاء في 8 أيلول/ سبتمبر الجاري، تواكبت مع فرحتنا بتحرر 6 سجناء فلسطينيين من غطرسة الإحتلال الإسرائيلي.

  • "200 متر": لقطة للزوجين مصطفى(علي سليمان) وسلوى (لانا زريق)

شريط مؤثر جداً فيه دفق من الصدق والعواطف النبيلة تحضر على مدى وقت عرضه (96 دقيقة) على شاشة قاعة النمر للفن والثقافة في بيروت ضمن فعاليات مساء الأفلام، حيث شغل الحضور مساء الأربعاء في 8 أيلول/ سبتمبر الجاري وغالبيتهم الكاسحة من النساء، مساحة الصالة التي راعت التباعد حرصاً على عدم حصول أي عدوى بفيروس كورونا، فيما أراحتنا كثيراً التقنية المتوفرة لعرض فائق الدقة في وضوح الصورة ونقاء الصوت، بما يعني أنه عرض محترم لقضية تحتل صدارة الاهتمام عالمياً، كاشفة صلف الاحتلال الإسرائيلي، تواجهه إرادة شعبية فولاذية تلقنه كل يوم دروساً في الشجاعة والإقدام وبذل الأرواح رخيصة فداء الأرض التي خرج من بطنها قبل أيام ستة أسرى من أبطال فلسطين إلى الحرية.

صحيح أن معظم مشاهد الفيلم صوّرت في الأردن إلاّ أن المناخ العام الذي تأمن في الشريط للتعبير عن سياسة "إسرائيل" في محاولة إذلال المواطنين الفلسطينيين، وتعطيل حياتهم اليومية بُغية جعلهم ييأسون ويستسلمون، لكن الفلسطينيين خبروا خطط وسياسات "إسرائيل" وهم يتعاملون معها بكثير من اليقظة والحكمة والقوة، وقد نجح "200 متر"، في نقل هذه الأجواء بعفويتها وعمقها إلى المشاهدين وهو سبب جعل الفيلم يحظى بتقدير أو جائزة من كل المهرجانات الإقليمية أو العالمية التي شارك فيها، إنطلاقاً من فكرة بسيطة فجّرت مواقف ومشاعر مضاعفة، عن عائلة شطرها الجدار الإسرائيلي الفاصل إلى قسمين لضرورات عمل الوالد مصطفى(الرائع علي سليمان) في جهة، وزوجته سلوى (لانا زريق) مع 3 أطفال في الجهة المقابلة، بحيث لا يفصل بينهما أكثر من 200 متر، ولكنه حين يضطر لزيارتهم يحتاج لنهار كامل يلتف خلاله حول الجدار مزوداً بأكثر من تصريح مرور من السلطات العسكرية الإسرائيلية إضافة إلى مافيا من الطرفين تتقاضى بدلات مرتفعة لتسهيل العبور من دون عوائق.

كل ما في الشريط مع أدق التفاصيل يصب في خانة رصد الواقع الضاغط والقاسي الذي يعيشه الفلسطينيون، حتى وجود الشخصية النسائية الألمانية آن (تجسدها الممثلة الإيطالية آنا أونتربيرغر- 36 عاماً) هدف منه المخرج الإيحاء بأن الموساد زرع عناصر له في كل مكان ومنها الصبية آنا التي تقدّم نفسها في الفيلم على أساس أنها ألمانية، والدها من أصل فلسطيني، وإذا بها عند حاجز عسكري تتكلم العبرية لتختلف مع صديقها العربي في السيارة الذي اكتشف ذلك لأول مرة، وتبين أنها يهودية، ولا علاقة لها بألمانيا.

الموسيقى التصويرية لـ فرح سليمان جداً جاذبة ومؤثرة، في إنتاج لـ مي عودة.