"لماذا" للينا خوري: نوستالجيا النضال حتى الموت في السبعينات

نبشت المخرجة لينا خوري نصاً مسرحياً للكاتب الكبير عصام محفوظ بعنوان: لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو 71، كتبه قبل 45 عاماً وتقدمه في ذكرى غيابه العاشرة، للمرة الثانية في 3 آذار/مارس الجاري على خشبة المدينة، بعد إفتتاحه لأول مرة على خشبة غولبنكيان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ولمدة أسبوع فقط.

"لماذا"ترصد 3 شخصيات من مناضلي السبعينات
"لماذا.."كان يمكن أن تبقى في أرشيف الجامعة اللبنانية الأميركية(LAU) وفي لائحة الأعمال التي أخرجتها لينا خوري، لكن أحد المتطاولين على هذا النموذج المسرحي الراقي والعميق إدّعى أن المسرحية تمس جوهر الديانة المسيحية وتحركت أكثر من مرجعية لتدارك ردات الفعل، وبادرنا مع الزملاء الكتّاب إلى حشد الطاقات لرفع الغبن عن العمل لأنه بريء مما إتهم به. من هنا كان الإهتمام بإعادة العرض مجدداً، مع فرصة سانحة لبعض التعديلات البسيطة، وجاءت النتيجة ممتازة جداً، وبدا العمل مشدوداً أكثر، مباشراً وعميقاً في آن، رغم أن الموضوع سياسي عن ثلاث شخصيات قضى أصحابها إعداماً: سرحان سرحان( الشاب الفلسطيني الذي إغتال السيناتور روبرت كينيدي) الزعيم أنطون سعادة( مؤسس الحزب السوري القومي الإجتماعي)فرج الله الحلو( من قياديي الحزب الشيوعي اللبناني).   المسرحية تعيد أجواء محاكمات هؤلاء، وتستذكر ما كانوا وماذا فعلوا وكيف تمت إدانتهم كل واحد في قضية مختلفة عن الآخر، لكنها أولاً وأخيراً كانت تصب في خانة الإنسان العربي غير الضامن لغده والباحث بجد عن منفذ حرية لأخذ هواء ديمقراطي يفتح النوافذ والأبواب على غد أفضل للأجيال المقبلة. الكاستنغ كان موفقاً جداً في إسناد الأدوار: أسامة العلي(سرحان) طارق تميم(فرج الله، وكانت الإشارة موفقة إلى أن الشباب يضربونني عن جد)وعلي سعد(الزعيم، وقد أداه بصوت فيه قرار وثقة وثبات).ولنا أن نفرد مساحة مباركة للممثل الأول في العمل طلال الجردي أحد فرسان الخشبة اللبنانية من دون منازع.     الأسلوب الساخر الذي يعتمده النص يؤدي رسالة نموذجية حول الفارق بين مناضلي الأمس وأمثالهم من مناضلي اليوم، وشتًان ما بين النموذجين، وصولاً إلى ترتيلة: سيدي، التي لحنها ووزعها الفنان زياد الرحباني، وهي جاءت في محلها وجميلة وجاذبة، وبدت ترد بنوعيتها وشفافيتها على الملاحظات المغرضة التي تحمل في خلفيتها ملامح إثارة رخيصة لا أساس لها على أرض الواقع .   "لماذا".. مادة سياسية، فنية، وجماهيرية بإمتياز ومن حظ رواد المسرح أنها مستمرة على خشبة المدينة عتى 3 نيسان/أبريل المقبل، وفي فريق الممثلين الذين يملأون الخشبة بحيوية لافتة: عبدو شاهين، آلين سلوم، لينا سحاب، ألين شامي، شادن فقيه، محمد عقيل، أحمد الخطيب، روان حلاوي، عبد جمعة، وهبة سليمان.