"براناغ" يرتكب جريمة جديدة في "قطار الشرق السريع"

عاشت 86 عاماً(1890 – 1976) وتوفيت قبل 41 عاماً. "أغاتا كريستي" الروائية الأشهر في القرن الماضي، ما زالت رواياتها البوليسية حاضرة بقوة إلى يومنا هذا، وآخر من تناولها المخرج والكاتب والممثل الإنكليزي "كينيث براناغ" في نسخة 2017 من روايتها الشهيرة( منذ العام 1934) " جريمة في قطار الشرق السريع".

لا شك أن "براناغ" قدّم إلى الآن أفضل قراءة سينمائية للرواية، حتى أنه تجاوز الشريط الذي صوّره عام 74 المخرج "سيدني لوميت" وإستعان فيه بالممثل "ألبرت فيني" لدور المحقق "هيركول بوارو"، والمفارقة أن "أغاتا" شاهدت النسخة قبل وفاتها بعامين وعابت على "لوميت" أنه تغاضى عن تفصيل في صورة المحقق "هيركول بوارو" "لقد كان له شاربان من أجمل ما عرفته إنكلترا في تلك الحقبة" ولم يلحظ الفيلم هذا التفصيل، بينما أعطاه "براناغ" حيّزاً رحباً وهو نفسه لعب الشخصية بمنتهى الإجادة مع شاربين رائعين، مما جعله بحق سيد فيلمه مخرجاً وبطلاً، إلى جانب مدير التصوير اليوناني "هاريس زامبرلوكوس"، وجعلنا الشريط نتجاوز أداء "ألبرت فيني" للشخصية(عام 74) و"بيتر أوستينوف"(78) و"آلفريد مولينا"(2001) و"ديفيد سوشيه"(2010) و"مانساي نومورا"(2015).

"قطار الشرق السريع" كان الرابط الحيوي (بين: إسطمبول، دمشق، القدس، القاهرة، وبغداد) خلال الحقبة ما بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وللعلم فقد كتبت "أغاتا" روايتها هذه، في الغرفة 411 بأحد فنادق إسطمبول(بيرا بالاس) الذي تحوّل حالياً إلى متحف أثري، وهي واحدة من عدة قصص وضعتها الكاتبة ( الأميركية الأب والإنكليزية الأم) حول القتل والموت (جاؤا إلى بغداد، جريمة في بلاد الرافدين، وموعد مع الموت) وتتناول رحلة في القطار كان من ركابه شخصيات رفيعة من المجتمع والمال إضافة إلى المحقق "بوارو"  الذي وجد عملاً رئيسياً له، عندما عُثر على رجل الأعمال "إدوارد راتشيت"(جوني ديب) جثة هامدة غارقة في الدم نتيجة طعنات عديدة في البطن والصدر، فبادر إلى ممارسة عمله كمحقق في الجرائم، مع ركاب الرحلة.

مرّ "بوارو" على جميع الركاب (لعب شخصياتهم النجوم:بينيلوبي كروز، جوني ديب، ميشيل بفايفر، جودي دانش، ويلام دافو، ديريك يعقوبي) إلتقاهم واحداً واحداً، حتى إستقر على الذين ساهموا في الجريمة، خدمه في ذلك إضطرار القطار للتوقف بعدما أعاق مساره إنهيار ثلجي، منع مرتكبي الجريمة من أي إمكانية للفرار، وإستطاع "براناغ" أن يحوّل الفيلم إلى ملعب فني لإبداعه، فكانت الأسماء الكبيرة مجرد أدوات لتوصيل رسالة الفيلم، ومن ضمن اللاعبين نجح هذا الفنان الشكسبيري بإمتياز، أن يكون بينهم الممثل الأول بجدارة.