"حكايات رامي خليفة للبيانو والأوركسترا" رواها 85 عازفاً

ليل الجمعة في 10 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري كان موعداً مع الموسيقى في سياق راق، ممتع، مختلف، ويفتح الباب على عبقرية تأليف موسيقي تضاف إلى خصوصية إحترافية في العزف على البيانو للمبدع الشاب "رامي خليفة" (نجل الفنان المميز مرسيل خليفة)، الذي كتب الجزء الثاني من حكاياته للبيانو والأوركسترا، وعزف مادتها مع "الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية" بقيادة المايسترو "لبنان بعلبكي".

الحفل أقيم في باحة كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين (شارع مونو- بيروت) وشهد حشداً كثيفاً من الحضور المتنوع بلغ حد الإختناق، تقدّمه الفنان "مرسيل" الذي بدا فرحاً متوهجاً وهو يتابع الجموع تتزاحم لأخذ مكانها والإستماع إلى نجله "رامي" في عمله الموسيقي الجديد، الذي تعاون عليه مع المايسترو "لبنان بعلبكي" قائداً للأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية مع عازفيها الـ 85 الذين ملأوا بالكامل المنصة الرئيسية بينما تزاحمت في باحة الكنيسة الرحبة نماذج أقرب إلى الكوكتيل البشري من الحضور المتعطش لموسيقى حقيقية تملأ الدماغ والقلب في آن، بينما توفرت على المنصة كتلة متراصة من الخبرات في العزف جاءتنا من جهات الدنيا البعيدة والقريبة، خدمة لصورتنا الحضارية في مجال الأنغام.

الفنان "مرسيل" فاضت أحاسيسه وكتب عدة مقاطع تتناول نجله "رامي" فهو يتذكره يلعب صغيراً على دراجته الهوائية، ثم مغادراً إلى باريس حيث أمضى عشر سنوات، وإلى نيويورك حيث درس 6 سنوات في أكاديمية "جوليارد سكول"، ونقتطف من رأيه "يا لروعة النداء الذي يهتف به وترك"، "يا رامي إن جميع حواسي تنسكب لتلامس هذه الموسيقى الرابضة بين أصابعك، وأنحني في تحية مرفوعة لك"، "جميل هو إيقاع لحنك المزين بالفرح، إنه يخفق كنبض الحياة".كل هذا كنا رأيناه مجسّداً على وجهه ونحن نحييه في الصالة، فليس أروع من مجد رجل يتلقى بفرح غامر حب الناس لموهبة إبنه، ويراهم يتزاحمون للعثور على مقعد كي يتابعوا جديده، ويتفاعلوا معه، ومن ثم يحمّلونه مسؤولية العمل التالي.

الموسيقى التي أمتعتنا كانت مصاغة بفكر مختلف، ونهج لا قاعدة له غير التأثير في السامعين، مدركي قيمة الموسيقى ومؤداها، وبدا "رامي" إستفزازياً في الضربات المصاغة بحدّة، والصادمة كونها تفاجىء السامع وتدفعه إلى حال دائمة من اليقظة والتنبه، وكانت حصيلة تأملنا في أداء عدد كبير من العازفين فهمنا العميق لفرادة العمل الموسيقي الذي ألّفه "رامي"، وعندما سألنا المايسترو "بعلبكي" عن هذه الصورة أكّد على خصوصية العمل الموسيقي وإحتياجه إلى يقظة زائدة عند التنفيذ.