ليلة أشرق صوت "سمية" بروائع "الست"

لم تفاجئنا اللوحة الساحرة لرواد مسرح المدينة ليل السابع عشر من شهر أيار/مايوالجاري، الكل بأبهى الملابس، ومعظم الحضور إثنان إثنان، رجل وإمرأة، وجوه معروفة أو مألوفة، من سياسيين وفنانين وإعلاميين وشخصيات، مهابة وإحترام وتقدير لسيدة السهرة الرمضانية المميزة "سمية بعلبكي"، عنوانها "كلثوميات" ومن أجدر بقلة من المطربات المتمكنات تتصدرهن "سمية" بالدخول إلى هذا العالم المدهش والتجلّي والتجديد في رحابه.

ساعتان أخذنا الصوت إلى كواكب أخرى، كانت صاحبته كما بدر التمام في كامل لياقتها الغنائية، تصعد بالطبقات وتهبط، ترتجل تُسلطن فتهب الآهات في أرجاء الصالة الممتلئة عن آخرها ونسمع إشادات ومباركات بالجملة، والأهم أن الجميع كانوا على مدى السهرة العامرة يهبّون هبّة شخص واحد، وكأنما تمّت برمجتهم على موجة واحدة يصغون معاً يصفقون معاً ويتحولون بعفوية إلى كورال جماعي يردد مقاطع الأغنيات بصوت واحد، فتصغي "سمية"لهم ثم تدخل عليهم ليشكّلوا معاً، تحية حب واحدة لمُلهمة القلوب الرقيقة المرهفة "أم كلثوم" التي رددنا لها (حكم علينا الهوى، فكروني، إنما للصبر حدود، ودارت الأيام، بعيد عنك، والأطلال).
14 عازفاً ألفنا وجوههم في حفلات الكونسرفاتوار، مع الأوركسترات الثلاث (الوطنية اللبنانية، الشرق عربية، والفيلهارموني) من دون مايسترو( الشقيق لبنان، والزوج نبيه الخطيب، كانا معنا في الصالة)، قادهم بمهارة وحرفية صوت وتفريدات "سمية"، شعرنا سريعاً أنها عوّضت وأجادت وأبقت هؤلاء الرفاق في صحوة دائمة لمواكبة مزاج الأداء الخاص الذي يصنع أعلى درجات الإنسجام ويبث العدوى البالغة الإيجابية بين جمهور جاهز سلفاً لعيش المتعة السمعية مع روائع الست، بصوت يحترم خصوصية وقيمة الأغاني الخالدة ومبدعيها، وحالة نادرة بين أصوات مطربات اليوم، أن الصوت المؤدّي بروحية ما هضمه من ثقافة الكبار، كلما علا وصدح وحلّق يظل متيناً لا يتقطع ولا يصبح جارحاً للسمع كحد السكين.
ليلة سحر وسمروصفها أحد السمّيعة بـ "الهدية الأغلى"، أشرق فيها صوت "سمية" بباقة من روائع "الست"، وجذب الرواد في الصالة إلى ملعب المشاركة الميدانية في الغناء، فكانوا على مستوى سهرة من العمر، لم يكتفوا بالإستماع بل أدخلتهم الحالة الكلثومية في صميم لعبة الأصالة والسلطنة.