"تصبحون على وطن"... من دون نشيد وطني!

في المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة مهرجانات بعلبك الدولية، قال الفنان "مرسيل خليفة" إن عنوان عمله "تصبحون على وطن" لإفتتاح المهرجانات في الخامس من تموز/يوليو، يحتمل الوجهين الإيجابي بمعنى الأمل، والسلبي بمعنى الإستسلام، والجواب من خلال مادة الحفل الذي جاء ضخماً جاذباً ودسماً بأرفع مقامات الموسيقى التي عرفت معها ألحانه المعروفة إعادة توزيع فبدت متآلفة جداً مع آلات الأوركسترا الفيلهارموني اللبنانية وجوقة جامعة اللويزة.

وجاء الجواب على السؤال حول مرمى العنوان سريعاً ومع أولى مقطوعات الموسيقى في برمجة الحفل عندما بادر الفنان "خليفة" الحاضرين بالقول إنه خالف القائلين بإفتتاح عبر النشيد الوطني اللبناني، وفضّل عليه موسيقى من تأليفه لبعلبك وأهلها، لنشهد بعدها مناخاً موسيقياً بالغ الرقي والجذب مع 150 فناناً ما بين عازف وكورال، يقودهم المايسترو  "لبنان بعلبكي"، إمتد ساعتين كاملتين في تجاوب نموذجي من الحضور الذين شكلوا كورالاً إضافياً رفع من منسوب ألق اللقاء ولمعانه، وبعدها كانت مساحة رحبة لردود الفعل المتلاحقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي جماهيرياً وفنياً على إستبعاد النشيد، رد عليها "خليفة" بأن عنوانه معروف في عمشيت وهو جاهز لأي إستدعاء أومساءلة.

حرص الفنان "خليفة" على تكريم أسماء من مرّوا في بعلبك من اللبنانيين الكبار أمثال (الأخوين رحباني، صباح، نصري شمس الدين، توفيق الباشا، عبد الحليم كركلا، طلال حيدر) وحيا روح نجمة فرقة كركلا "أميرة ماجد" التي عانت الشلل من رصاصة قنص ثم قضت، وروح الشاعر "خليل حاوي" الذي فضّل وضع حد لحياته بعد رؤيته أول جندي إسرائيلي في بيروت. ومن "قصيدة بعلبك" إلى أغنيات غناها مع كامل الجمهور بحماسة وإندفاع (لا تنسى شعب الخيام، ريتا، أمي، منتصب القامة أمشي، إنهض يا ثائر، بغيبتك نزل الشتي، أحمد العربي، عصفورة، يعبرون الجسر، وموال: ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا)، وتميز عزفاً على البيانو نجله "رامي"، وعلى التشيللو إبن أخيه "ساري".

ورغم إهتمامه البالغ بتحريك الجمهور وجعله مشاركاً في الغناء، إلا أن حسه الناقد دفعه لتوجيه كلامه إلى المسؤولين الجالسين في الصفوف الأمامية داعياً إياهم للغناء مع باقي الحضور، وكانت ملاحظة أخرى أعطاها للقيمين على تصوير الحفل الذين إستعانو بطائرة "الدرون" (تُوجه عن بعد وتحمل كاميرا) لأخذ لقطات من فوق للحفل وقال "طوشتونا" (يطلق عليها إسم الزنّانة) فإرتفعت في فضاء المكان إلى أعلى حتى كادت تختفي وإرتاحت الأسماع التي ركزت على الموسيقى وحسب، في حفل أنيس، زاخر بالأنغام الأليفة مع القلب، ومنبر كاد يضيق بالفنانين فوقه لولا المدرجات التي خدمت في السياق.