عملية للصاعقة تعبر بمصر من هزيمة 67 إلى الأمل

السنوات الست التي طرأت أحداثها على الساحة المصرية جمّدت الحياة الفنية وإستدعت جُهداً مضاعفاً في السنوات الأخيرة لإسترجاع الحضور السينمائي الذي يليق بعراقة وقيمة الأفلام المصرية، وظهرت عدة إشارات إيجابية في هذا المجال منها "الفيل الأزرق" (جزآن) و"تراب الماس" (للمخرج مروان حامد)، وآخرها "الممر" للمخرج المخضرم "شريف عرفة" (58 عاماً) الذي تعاون على النص مع شاعر الأغنية "أمير طعيمة" وكانت النتيجة ناجحة بإمتياز.

النص جريء وشفاف وحقيقي، ويتناول واحدة من أدق مراحل المواجهة مع إسرائيل من خلال عدوان العام 1967 والهزيمة التي مزقت الآمال بالنصر على إسرائيل وإسترداد الحقوق المغتصبة، ويرصد السيناريو والحوار حيثيات ردود الفعل العسكرية والمدنية على الهزيمة، وشعور الجميع بأن هناك حاجة ملحة لصدمة إيجابية تُحيي الآمال بأن النصر ما زال متاحاً في كل المجالات، ولم يُخف الفيلم وجود نقمة شعبية على الجيش وتحميله مسؤولية ما حصل، وتبدو الأجواء ملبّدة بالسواد لدى العسكريين في الشارع كما في منازلهم، إلى حد أن الضابط "نور" (أحمد عز) فاتح زوجته (هند صبري – ضيفة شرف) بضرورة الإنفصال رغم وجود فتىً لهما، لشعوره باليأس وعدم الرغبة في حياة طبيعية بعد الهزيمة، لكن الزوجة طيّبت خاطره وخفّفت من غلواء مشاعره ومنعته من أي موقف إجتماعي متسرّع.

كانت الكاميرا تتنقل بين الشارع الغاضب راصدة بواقعية لم نعهدها بهذه الشفافية نبض الناس، ومكاتب القيادات الأمنية المشغولة بلملمة الجرح العميق وإستعادة الثقة بالقوات المسلحة، ولم يمض وقت طويل حتى تم إستدعاء "نور" وقد بات برتبة مقدم، وطُلب منه البدء بالتحضير لعملية نوعية كبيرة عُدّة وعتاداً ثم البدء بتدريبات مكثفة حتى بلوغ الجهوزية الكاملة للتنفيذ، حيث يتحدد بعدها موعد البدء بالعملية مع فريق من خيرة قوات الصاعقة المصرية ضد أحد المواقع الإسرائيلية في سيناء، وقد خضع الممثلون (أحمد رزق، أسماء اليزيد، محمد فراج، أحمد صلاح حسني، أحمد فلوكس، أمير صلاح، محمود حجازي، محمد الشرنوبي، محمود حافظ، ومحمد جمعة) المنضوون تحت لواء المجموعة فعلياً لدورة تدريبية مكثفة في معسكر "أنشاص" لقوات الصاعقة وهو ما أبلغنا إياه الممثل "أحمد عز" الذي حضر مع بعض زملائه العرض الخاص للشريط في تجمع صالات "سينما سيتي سوق" بوسط بيروت، وتواجدت وزيرة الثقافة الدكتورة "إيناس عبد الدايم" التي صودف أنها موجودة في بيروت لإفتتاح فرع مكتبة "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، وأبلغتنا أنها تحضر الفيلم للمرة الرابعة على التوالي.

بميزانية مئة مليون جنيه مصري صُوّر "الممر" الذي تميز بإستعانته التقنية بفريق أميركي متخصص في المؤثرات الخاصة والمشهدية، وهو ما بدا واضحاً ومؤثراً في مشاهد الغارات الجوية وتدمير الآليات والمواقع العسكرية وحتى في المواجهات بين الجنود، وسقوط إصابات، وقد تميز الممثل الأردني "إياد نصار" في شخصية الضابط الإسرائيلي التي تحسب له في خانة الإجادة، وكان لحضور (هند صبري، شريف منير، عمر زهران، حجاج عبد العظيم، وإنعام سالوسة) كضيوف شرف وقع طيب على الشريط الذي كن ضمانته الأولى مخرج المخضرم "شريف عرفة" صاحب المحطات المتميزة سينمائياً منذ 37 عاماً (طيور الظلام، مافيا، حليم، الدرجة الثالثة، اللعب مع الكبار، الإرهاب والكباب، المنسي، الكنز، والجزيرة 2) والموسيقى الرائعة والمؤثرة لـ "عمر خيرت".