"عرس الدم" كلّف "حمّانا" قتيلين تنافسا على العروس

عشنا لحظات متعة فنية لم نعرفها أبداً من قبل، فقد لبينا دعوة الجامعة الأميركية في بيروت لعرض مسرحية "عرس الدم" للكاتب الأسباني "فديريكو غارسيا لوركا" في شوارع ومنازل وكنيسة بلدة "حمانا" الجميلة، بإدارة المخرجة "سحر عساف" التي وزّعت مشاهدها بين عدة منازل ومواقع في القرية وصولاً إلى الكنيسة التي شهدت ظهور العروس بعدما رأت بأم العين دم حبيبها يمتزج بدم عريسها بعد مواجهة حادة بينهما.

كانت تجربة دسمة مهنياً لنا، واكبنا عبرها ولثاني مرة (الأولى كانت مع المخرجة "علية الخالدي في مسرحية: أبو وردة السانتا، على خشبة غولبنكبان و3 طبقات في المبنى) نموذجاً يقدّم المسرح بتقطيع سينمائي مع فارق أن كل مشهد نتابعه مباشرة في مكان حصوله ونمشي إليه بأرجلنا، فقد غادرنا فريقين (20 صحفياً في كل واحد) مبنى "بيت الفنان" في البلدة، وإنتقلنا إلى منزل يبعد حوالى 500  متر، حيث أم (مي أوغدن سميث) تتحدث إلى وحيدها الشاب (وليد صليبا) ويكون إتفاق بينهما على موعد لطلب يد فتاة (الرائعة ماريا بشارة) لتكون عروسه المستقبلية. ثم قادتنا متسوّلة ( السمراء ريتا باروتا) بملابس فضفاضة ووجه حازم عبوس لا يبتسم لأحد (ضحكت كثيراً في الختام) إلى منزل آخر للشاب العصبي اللئيم ليوناردو (المميز جواد رزق الله) الذي يعيش مع زوجة (بسمة بيضون) لا يحبها ووالدتها (كريستين يواكيم) التي تساعدهما في تربية طفلهما.

البيت التالي الذي نمشي إليه كما التظاهرات الطلابية هو بيت العروس حيث تستقبلنا الخادمة (دارين شمس الدين)، والوالد (باسل ماضي) وإذا بالعريس ووالدته يصلان، يتم طلب يد العروس المتشنجة وإنهاء الزيارة في لحظات مع الإتفاق على موعد العرس، الذي يشكل أزمة قاسية على قلب "ليوناردو" الذي ما زال على حبه للفتاة التي تعاني من المشاعر نفسها مع معرفتها بأنه متزوج وأب لطفل وما زال يدور حول منزلها يومياً على ظهر حصانه لرؤيتها. وننتقل جميعنا إلى دار الفرح أسفل مبنى كنيسة البلدة، بعدما عرّجنا على مكان تزيين العروس في حديقة منزل ويصل "ليوناردو" ويتواجه مع العروس التي تطرده معلنة حبها للعريس الجديد، ووسط المدعوين تتلاسن العروس مع عريسها وترفض الرقص معه، وتنسحب، فيما يتسلل "ليوناردو" أيضاً بعيداً عن الأنظار.

العروس والحبيب هربا معاً وخرج المدعوون في إثرهما، بينما دعينا نحن إلى مبنى متواضع الحجم فيه قاعة عرض صغيرة شاهدنا على شاشتها كيفية البحث عنهما، إلى أن بلغهما العريس المصدوم، فوقفت العروس جانباً وتواجه الغريمان إلى أن سقطا معاً شهيدي حب إمرأة واحدة، ومن هناك تم إصطحابنا إلى مبنى الكنيسة حيث أم العريس في حالة أسىً وحزن، ومعها جارتها (باسكال شنيص) الباكية بحرقة شديدة، وإذا بالعروس تصل وآثار التراب والدماء على فستانها، ويمنع الحاضرون محاولة الأم خنقها على ما تسببت به من إزهاق روحين معاً بسبب رعونة تصرفها. مادة مسرحية جميلة رائعة أمسكت المخرجة "سحر عساف" بكامل خيوطها على أروع ما يكون العمل.