مثقفون عرب ينسحبون من فعاليات ثقافية تمولها الإمارات

رداً على التطبيع الإماراتي، تتواصل سلسلة الانسحابات من الجوائز والأنشطة الثقافية التي ترعاها أبو ظبي.

  • مثقفون عرب ينسحبون من فعاليات ثقافية تمولها الإمارات
    مثقفون عرب ينسحبون من فعاليات ثقافية تمولها الإمارات

منذ الإعلان عن التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات، أعلن كتّاب ومثقفون فلسطينيون وعرب انسحابهم من أنشطة وجوائز ثقافية ترعاها وتنظمها السلطات الإماراتية، وذلك للتعبير عن رفضهم لتطبيع العلاقات مع الاحتلال ودعمهم للقضية الفلسطينية.

وكان المصوّر الفلسطيني محمد بدارنة من أوائل المنسحبين من معرض للصور الفوتوغرافية تنظمه "مؤسسة الشارقة للفنون".

وكان يفترض ببدارنة المشاركة في 29 آب/أغسطس في معرض "وجهة نظر 8" بصور من مجموعته "إيفري داي بالستاين".  

واعلن على صفحته على موقع "فيسبوك" باللغتين العربية والإنكليزية مخاطباً المؤسسة، "انطلاقاً من إيماني بأن الفن ما لم يكن مشتبكاً بالقضاياً الإنسانية والعدالة فلا قيمة له، أعلن سحب مشاركتي من معرضكم". 

بدارنة المقيم في برلين قال لوكالة "فرانس برس" إنه "لم يكن قرار انسحابي يحتاج الكثير من التفكير (...) وكجزء من شعوب واقعة تحت الاحتلال، علينا اتخاذ مواقف ضد كل ما هو متصل بالتصالح مع الاحتلال وتحويله إلى حالة طبيعية". 

ويقول بدارنة إن المشاركة في المعارض تمثل "فرصة لعرض الرؤية الفنية وعرض القضايا والمنافسة أيضاً، لكن هناك ميزان ومعايير علينا اتباعها". 

وندد الفلسطينيون بالخطوة الإماراتية التي اعتبروها "طعنة في الظهر". ودعا وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف المثقفين العرب إلى "الاصطفاف (...) حفاظاً على هويتنا العربية". 

ومن عمّان، أعلن الشاعر والروائي الفلسطيني أحمد أبو سليم سحب ترشيح روايته "بروميثانا" من جائزة البوكر العربية، التي تنظم بدعم من دائرة ثقافة وسياحة أبو ظبي بالشراكة مع مؤسسة جائزة "بوكر" في لندن. 

وقال أبو سليم إنها خطوة "منسجمة مع توجهاتي الإنسانية قبل الأدبية ومقدمة لدوري في التغيير"، مضيفاً أن "الجائزة في هذه الحالة تكون عدم الحصول على الجائزة، أما الحصول عليها فسيعد خطيئة".  

ويرى أبو سليم أن الانسحابات قد تنعكس سلباً على أصحابها، لكنه يضيف "أنا مثقف منحاز لفلسطين، مهما بلغت الكلفة. من يسيطر على الفعاليات الثقافية جهات رسمية على الأغلب، وبالتالي سيتم استثناؤنا من هذه الفعاليات". 

من جانبه، أكد الكاتب والأكاديمي الفلسطيني خالد الحروب أنه رفض ترؤس لجنة تحكيم البوكر هذا العام، علماً أنه عضو سابق في مجلس أمنائها.

وكذلك الشاعر المغربي محمد بنيس الذي انسحب من عضوية الهيئة العلمية لــ "جائزة الشيخ زايد للكتاب". 

ولم تتوقف الكاتبة الإماراتية ظبية خميس منذ 13 آب/أغسطس الذي اعتبرته "يوماً حزيناً وكارثياً"، عن مشاركة متابعيها بالمنشورات التي تعبر عن رفضها للاتفاق. 

وكتبت في إحداها "لا للتطبيع مع إسرائيل في الإمارات والخليج العربي، إسرائيل عدو للأمة العربية بكاملها". 

وأكد مثقفون في كل من البحرين والمغرب وعُمان وقطر والجزائر والعراق وتونس وغيرها من الدول العربية رفضهم الاتفاق في بيانات ومنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ورحبت "اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل" (بي دي إس) بهذه المقاطعة التي اعتبرتها "استجابة طبيعية". 

وقال أحد مؤسسي اللجنة عمر البرغوثي "لم تأتِ هذه الانسحابات فقط استجابةً للنداء الذي أطلقته حركة المقاطعة، ولكنّها أيضاً استجابة طبيعية وطنية من المثقفين والمثقفات العرب"، معتبراً أن المقاطعة "تبشّر بأن هذا التحالف (...) لن يلقَ إلا النبذ والتخوين من غالبية الشعوب العربية، ومن ضمنها شعوب دول الخليج".  

ووقع 17 من الفائزين السابقين بجائزة البوكر العربية ومن رؤساء وأعضاء لجان تحكيم وأعضاء مجلس أمناء سابقين من جنسيات عربية مختلفة، على نداء وجّه الى مجلس أمناء الجائزة يطالب بوقف التمويل الإماراتي لها.

وعلّق الشاعر الفلسطيني ومدير تحرير "فسحة ثقافية فلسطينية" علي مواسي بالقول "كثيرون من أهل الثقافة في العالم العربي سيمارسون الصمت تجاه طعن الحقوق والحريات الفلسطينية، استمتاعاً بالفرص والامتيازات التي يوفرها المال الإماراتي". ويعتقد مواسي أيضا أن الشارع العربي والإسلامي لن يتأثر باتفاق تطبيع العلاقات ثقافياً. 

ويستشهد مواسي باتفاقات السلام التي وقعتها "إسرائيل" مع كل من مصر (1979)، والأردن (1994)، قائلاً إنه: "ما زال أهل الثقافة والفن الأردنيون والمصريون يرفضون التعاون مع أي شيء له علاقة بإسرائيل".

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.