كثير هذا الافتراء

رئيس جمعية "بيت المصوّر" في لبنان كامل جابر يردّ على مقالة الزميل محمد حجازي في الميادين نت تناولت تكريم الراحل نصري شمس الدين.

أياً من الحضور أو المتحدثين أشار من قريب أو بعيد إلى أن الرحابنة متهمون بظلم نصري
تحت عنوان "نصري شمس الدين في إحتفالية عيد ميلاده التسعين: المنظّمون والسياسيون إقتسموا قالب الحلوى» كتب الأستاذ محمد حجازي على «موقع الميادين» الذي نكنّ له كل تقدير واحترام على رسالته الإعلامية، كلاماً من مطلعه وحتى ختامه، لم نستشف منه غير الافتراء وإرادة تشويه لكل ما قامت به بلدية جون والهيئات المنظمة وكل من شارك في إطلاق هذا المهرجان الأول من نوعه في مسقط رأس الراحل نصري شمس الدين؛ وعملاً بقانون حق الرد، نتمنى على إدارة الموقع أن تنشر ردنا تحت مقالة الأستاذ حجازي.

يبدأ الكاتب من العنوان بأن المنظمين والسياسيين اقتسموا قالب الحلوى، وأي قالب هذا عمل له معظم المشاركين طوال شهر ونصف برغم كل العقبات المالية واللوجستية لتحقيق هذا الهدف، ولم ينل معظم هؤلاء غير ميدالية نصري شمس الدين تقديراً لما قدموه من تعب ودعم مباشر أو غير مباشر؟

ثم يذهب الكاتب للدفاع عن الرحابنة في تكريم وتعزيز دور نصري شمس الدين في أعمالهم ومسرحهم، مع العلم أن أياً من الحضور أو المتحدثين أشار من قريب أو بعيد إلى أن الرحابنة متهمون بظلم نصري! ولم يسمع الكاتب ما قاله النائب محمد الحجار الذي لعب دوراً بارزاً في التوقيع على إصدار طابع بريدي للراحل الكبير وإقامة المهرجان برعاية وزارة الثقافة وكان شريكاً في هذا التنظيم والمهرجان، ومما قاله النائب الحجار مثلاً" للأسف لبنان الرسمي لم يكرم قبل الآن نصري شمس الدين مثلما كَرَّم كباراً آخرين مستحقين مثل وديع٬ صباح وفيروز". 

وهو يعني بذلك مجموعة من الطوابع البريدية التي صدرت في آن معاً لفيروز وصباح ووديع الصافي ونبيه أبو الحسن وشوشو (حسن علاء الدين) وكركلا والأخوة بصبوص عام 2011 في الوقت الذي منحت فيه 6 طوابع بريدية للرئيس ميشال سليمان، ثم للراحل الكبير زكي ناصيف (2016) وللفنان إيلي صنيفر وهم يستحقون ذلك، ولم تمنح نصري طابعاً مماثلاً إلى أن وقع وزير الاتصالات أخيراً على طابع طالبت به البلدية وعائلة نصري والنائب الحجار والجمعيات المنظمة.

ومما قاله رئيس البلدية: "يا ابن لبنان والعالم العربي، لقد ظلمت في حياتك وظلموك في مماتك واستمروا بعد غيابك ، لقد كنت على المسرح اميراً وبويجياً وفي الحالتين كنت ملكاً، لكن ضيعتك واحباءك سوف يبقونك اميرا خالدا مدى الدهر، فتحية اليك وليس الى روحك لأن امثالك لا يموتون، وإن بخلت عليك بعض الاذاعات والمحطات، فإن صوتك الرنان يبقى يدوّي ما دام الاثير موجودا، وما هذا التكريم الا لفتة وفاء صغيرة لك ولكل الفنانين المظلومين امثالك." فليقل لنا الكاتب كم مرة في النهار يسمع أغنية لنصري شمس الدين إذا ما استثنينا إذاعة «صوت الشعب»، أغنية لنصري، أو يشاهد مشهداً له إلا على محطة تلفزيون لبنان؟

يقول الكاتب "ملل قاتل في متابعة الكلمات التي ألقيت ولو سمع بها سيبويه لعاد من حيث هو وإنتقم من كل الذين لا يعرفون العربية ولا قواعدها، مطوّلات فارغة، وأحاديث خارج السياق".

فعلاً لم يدر الجميع أنهم أمام امتحان للغة العربية وأنهم أمام سيد اللغة الذي استحضر سيبويه لينتقم، مع العلم أن وزراء للإعلام والثقافة في لبنان ورؤساء جمهوريات وحكومات وعمداء جامعات يطيحون باللغة العربية في أهم المهرجان الثقافية ولم يتنطح الكاتب ويدافع عن حق سيبويه في الانتقام. ثم اعتبر المشاركة تجميعاً للسياسيين والفاعليات البلدية، وماذا يسمي الكاتب حضور رئيس الجمهورية أو الحكومة أو الوزراء والنواب في غالبية المهرجانات السياحية التي تتم في معظم المناطق اللبنانية وتجري في أحيان كثيرة برعاية أحدهم، ويكون الكاتب حاضراً لكنه لم يسبق وأن اتهم هذا الحضور بالتجميع السياسي، أليس هذا افتراء لمجرد الافتراء؟

من حق كل واحد من الحضور أن يعجب بفقرة ما في البرنامج، مع الاشارة إلى أن أياً من المتحدثين في هذا المهرجان الشعبي الذي لم تُبع فيه ولا بطاقة واحدة لتكريم نصري شمس الدين، بل غطت نفقته البلدية وبعض الداعمين ممن كرمتهم البلدية بإهدائهم ميدالية نصري شمس الدين، ميداليات لم تنلها البلدية مجاناً، بل دفعت ثمن كل واحدة منها خمسين دولاراً مثلما شارك أكثر الهواة ممن يجمعون الميداليات في لبنان بالتبرع لإصدارها واقتناء واحدة منها، وأعلنت البلدية أنها ستطلقها في المهرجان، ومن حق البلدية أن تكرم من تشاء في ميدالية نصري شمس الدين (14 ميدالية) التي حملت توقيعه وشعار وزارة الثقافة ولم تحمل صورة أي من السياسيين أو رئيس البلدية أو أي مرشح للانتخابات. (ويعلم الكاتب تماماً) أن أيا من المتحدثين لم يتطرق إلى السياسة بكلامه، بل كل ما قيل، قيل عن نصري شمس الدين، وأقر الجميع أننا جميعاً مقصرون بحق نصري وجئنا اليوم لنعيد إليه بعض الاعتبار، فكيف يكون هذا المهرجان آخر محطة في ظلم نصري والإساءة إليه؟

أو لم يرَ الكاتب إيجابية في إعلان وزير الثقافة أمام الجميع بالآتي: « هذا التكريم اتى متأخرا، انما اعدكم اننا سنعمل المزيد وسنتشارك مع رئيس البلدية باقامة مكتبة وطنية موسيقية للفنان نصري في جون، هذه المكتبة ستكون لتعليم التراث الشعبي، وسيكون في جون خير سفير لنصري» !!!.

وللكاتب أن يتحقق من الأسماء فلا يطلق الاتهامات جزافا. فأنا كامل جابر رئيس جمعية بيت المصور في لبنان ولست رئيس مركز كامل جابر الذي أنشأه النائب ياسين جابر في النبطية. ثم أن فرقة الدبكة هي لتلامذة من ثانوية حسن كامل الصباح، ممن هم دون الثامنة عشرة، أحبوا المشاركة ودبكوا «بتواضع» على أغنيات نصري ليعيشوا بعضاً من أصالة نصري ويتعرفوا إليه من خلال الدبكة والرقص، وما الضير في أن تحصل هذه الفرقة على ميدالية نصري لتعلقها وساماً على جبين تجربتها وتكون فاتحة لذكرى نصري الذي يجب أن يبقى حاضراً من جيل إلى جيل؟؟؟

وأخيراً استشهد ببعض الكلام للكاتب محمد حجازي عن نصري شمس الدين قاله في العام 2014: « فنصري لا يحظى في يوميات الإذاعات والفضائيات سوى بقدر محدود من الإهتمام، حين تبث مقاطع غنائية حوارية من المسرحيات الرحبانية بينه وبين السيدة فيروز، وهو خاسر معنويا حين تكون الأوامر المعطاة تقضي بفرض العبارة التالية في تعريف أعمال الرحابنة: والآن نستمع الى مسرحية ايام فخر الدين كلمات وألحان الأخوين الرحباني غناء السيدة فيروز والمجموعة. يعني ن نصري الذي يتقاسم المسرح مع السيدة فيروز في أعمال الأخوين الرحباني الخالدة بين عامي 1961 و1978 كان بين المجموعة ولم يكن صاحب اعتبار أول يساوي السيدة فيروز شريكته في البطولات.

وتساءل حجازي: «وهل يُعقل أن يمر كل هذا الوقت على رحيله ولم يصدر ولو مؤلف واحد يحكي عن المطرب الذي يغني وكأنه لا يغني، عن الفنان العصامي، الطيب، الاجتماعي، عن الذي تعلَم بالفطرة وأدى بعفوية مذهلة، عن ذلك الرائع انسانا كما هو فنان... كل هذا مؤلم لواحد من الكبار الذين صنعوا مجد الأغنية اللبنانية وخصوصيتها، عاش يعمل لا يلتفت الى اعلام أو علاقات عامة مع وسط معيَن يكون فيه ضامنا لبعض المكتسبات، أو حتى ما يتقاضاه بدل الأعمال التي يلعب يطولتها للمسرح أو للشاشة الفضية».

يا عزيزي: كثير هذا الافتراء... وشكراً


* رئيس جمعية "بيت المصوّر" في لبنان