"نصري شمس الدين" في إحتفالية عيد ميلاده التسعين: المنظّمون والسياسيون إقتسموا قالب الحلوى

أكثر المتحدثون في إحتفالية بلدة جون- الشوف، بالذكرى التسعين لميلاد الفنان الكبير نصري شمس الدين، من الكلام عن أنه كان فناناً مظلوماً، والواقع عكس ذلك تماماً، فالأخوان رحباني تعاملا معه على أساس أنه نصف مسرحهما الغنائي الأول عربياً، فوقف على الخشبة ندّاً للسيدة الكبيرة فيروز، وهذا قمة الإنصاف الفني، أما الظلم فيطاله على الدوام منذ وفاته قبل 34 عاماً وحتى أمس القريب، في 26 آب/أغسطس، اليوم الذي تحوّل فيه تكريمه إلى مهرجان إنتخابي، كُرّم فيه وزراء ونواب وسياسيون ووجوه بلدية وعامة.

جيلبير جلخ يغني وخلفه المايسترو الحاج
لم نصدّق هذه التوليفة التي جعلت الفنان نصري واجهة، بينما كل ما خلفها لا علاقة له بالمناسبة، أو بالفن، فقط تجميع مرجعيات بلدية وسياسية بغطاء من وزارة الثقافة التي رعت الإحتفال، وتوزيع ميداليات مذهّبة تم تصنيعها بالمناسبة وعليها رسم المحتفى به، على وزراء الثقافة والبيئة والتربية، وعلى رئيس البلدية ونائبه، وعلى النائب محمد الحجار(قيّم نصري في كلمة) وعلى السيد تيمور جنبلاط( تسلمها ممثله في الإحتفال)، وعلى منظمي الحفل والمشاركين فيه، من رئيس مركز كامل جابر في النبطية وفرقة الدبكة التي شاركت في لوحتين متواضعتين، وطال التكريم من تبرع بالميداليات، وأخيراً المايسترو الذي إجتهد في التحضير للحفل أندريه الحاج، وصولاً إلى مقدّم الحفل، ونجل الراحل الكبير.


ميداليات "أهلية بمحلية"، رغم أنه تم الإعلان عن وجود مئة ميدالية أنجزت خصيصاً للإحتفال، ثم تمت الإشارة إلى وجود أزار تحمل صورة نصري، فوزّع عدد منها على الجالسين في الصف الأول فقط، وسط فوضى في تأمين أماكن للضيوف،وملل قاتل في متابعة الكلمات التي ألقيت ولو سمع بها سيبويه لعاد من حيث هو وإنتقم من كل الذين لا يعرفون العربية ولا قواعدها، مطوّلات فارغة، وأحاديث خارج السياق،  بينما الوجه الإيجابي في كل الحفل،  الحفل الغنائي، والمناخ النغمي الرحباني الخالد، وأغنيات لـ"نصري" ما زالت تنبض بالحياة وكأنها من نتاج الأمس القريب.


المايسترو"الحاج"ومعه 34 عازفاً وكورالاً، والصوت الشرقي المدهش "جيلبير جلخ"، الذي أثبت أن في حنجرته وإحساسه الكثير من روح الراحل الغنائية، هؤلاء يتقدمهم إسم "نصري" أنقذوا الإحتفالية من براثن السياسة والحسابات البلدية والعلاقات العامة والبزنس، كان ممكناً للإحتفالية أن تكون تجمعاً إنتخابياً صريحاً عندها لن نعترض أبداً، أمّا أن يقف المستفيدون والمخططون والمنظمون خلف إسم الفنان الكبيرلجذب أكبر عدد من الناس إلى إحتفاليتهم فهذا "بلوف" غير مقبول إحتراماً لروح "نصري" وقيمته الفنية الرفيعة.