إيران والعرب.. وعمليات بناء تُصقل بريشة!

إيران والبلاد العربية شهدت تقارباً ثقافياً يكاد يكون معدوماً بمحطّة من المحطّات، لأسباب مُختلفة، منها السياسية وربما التاريخية أوعدم تكافؤ الفُرَص بين الشعبين، لكنّ التداخل لم ينعدم نهائياً وبقي بعض المُبادرات الشحيحة أهمها اليوم معرض للفن العربي تستقبله إيران على أراضيها اليوم.

كاظم حيدر - عشرة خيول متعبة تتحاور مع اللاشيء - 1965
عملية التبادّل الثقافي التي تتقاسمها البلدان في ما بينها تختلف بحسب الطبيعة الجغرافية لكل بلد، وتتأثّر بعوامل مُختلفة تمسك زمام المبادرة فتقلّصها أو تطوّرها حسب احتياجات كلّ بلد ومصالحه. إيران والبلاد العربية شهدت تقارباً ثقافياً يكاد يكون معدوماً بمحطّة من المحطّات، لأسباب مُختلفة، منها السياسية وربما التاريخية أوعدم تكافؤ الفُرَص بين الشعبين، لكنّ التداخل لم ينعدم نهائياً وبقي بعض المُبادرات الشحيحة أهمها اليوم معرض للفن العربي تستقبله إيران في متحفها للفن المُعاصِر اليوم وحتى نهاية الشهر المقبل. 

المعرض  بعنوان "البحر مُعلقاً: نماذج من الفن التشكيلي العربي الحديث من مجموعة بارجيل"، والهدف منه تقريب المسافات الثقافية لدمج ثقافتين قد تكوّنان حضارة مشتركة. يعدّ المعرض الأول من نوعه، تنظّمه "مؤسسة بارجيل للفنون" وهي من أنشط المؤسسات العربية التي تعرّف العالم بالأعمال الفنية العربية. هذا العرض الأول من نوعه، يُلقي الضوء على نشوء وتطوّر لاحق من جمالية الفن العربي.

 

يتكوّن المعرض من أربعة أجزاء يستكشف الجزءين الأول والثاني أعمال نشوء وتطوّر لاحق من جمالية الفن العربي من خلال الرسومات واللوحات من من منتصف القرن الماضي، وتركّز مناظرات الحداثة الثانية على الأعمال التصويرية الفنية في مجموعة الفن بارجيل التي أنتجت بين عامي 1968 و1987. الجزءان الأخيران من المعرض يُركّزان على الرسم المُعاصر. سيعرض المعرض أعمالاً مُستمدّة حصراً من مجموعة مؤسسة بارجيل للفنون، وسيستعرض 50 عاماً من أعمال من مختلف أنحاء العالم العربي بين عامي 1940 و1990، بما في ذلك مصر والعراق وشمال أفريقيا وبلاد الشام، وشبه الجزيرة العربية. ويسعى هذا المعرض إلى استكشاف حقبة مهمة من تاريخ الفن العربي ظهرت في فترة من التغيير الاجتماعي المُكثف.



لوحة الرجل لحسن شريف ( 1980)

متحف طهران الذي يستضيف المعرض يُعدّ من أهم متاحف الفن المُعاصِر في الشرق الأوسط، ويمتلك اكثر من 3000 عمل فني ذات قيمة عالمية إضافة إلى أكبر مجموعة من الفن الإيراني الحديث والمُعاصِر، كما تحوي مجموعته أهم مقتنيات الفن الغربي خارج أوروبا والولايات المتحدة، إضافة إلى عرضه منحوتات لفنانين عالميين في حدائقه. وكان المتحف افتتح قبل عامين من الثورة الإيرانية عام 1979.

وسيقدّم المعرض أعمالاً عربية تصوّر التناقض بين القرية والمدينة، بين اللغة والتجريد. وستتوزّع على دول عربية مختلفة تعكس الذات الثقافية الخاصة للبلدان التي أتت منها تلك الأعمال.

«البحر مُعلقاً: نماذج من الفن التشكيلي العربي الحديث من مجموعة بارجيل» معرض يبدأ في الـثامن من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري وينتهي في 28 كانون الأول / ديسمبر. 

سيكون بمثابة نقلة نوعيّة تفتح الباب أمام الانفتاح الثقافي بين إيران والعرب، وتبادُل المعارف والفنون التي تصقل ثقافة الطرفين.