"المسافر": وطنك أفضل بلاد الدنيا

فيلم لبناني جديد لمخرج بلجيكي الجنسية ولد في الأردن، وعاش وعمل في أميركا، وعرف أوروبا لسنوات عن كثب. "هادي غندور" قدّم لأهل السينما عمله الروائي الطويل "المسافر" (مئة دقيقة) الذي يطرح قضية التغرّب والهجرة ويوجّه رسالة إلى الجميع تقول "إن وطنك أفضل بلاد الدنيا" من خلال بطل الفيلم "عدنان" ويجسده بشكل رائع الممثل "رودريغ سليمان".

رودريغ سليمان في دور عدنان في أحد الملاهي الباريسية
الشريط هو غير الفيلم الذي يحمل العنوان نفسه من بطولة "عمر الشريف"، "سيرين عبد النور" و"خالد النبوي"، كتبه المخرج "غندور" مستوحياً بعض مناخه من هجراته الشخصية حول العالم منذ الولادة وحتى الآن، مركّزاً على الأسباب التي تبرر مغادرة الأوطان بحثاً عن حرية أكثر، وسلام أوفر ومال يؤمن جميع الإحتياجات الآدمية من دون نقصان، وبطلنا "عدنان" (سليمان) يعمل في مكتب سفريات بإحدى القرى اللبنانية ولم يسبق له أن سافر، وإذا بالفرصة تسنح له للمغادرة إلى باريس بطلب من مدير الشركة التي يعمل فيها، لتوقيع بعض الإتفاقيات مع مرجعيات سياحية هناك، وإذ تتمنى زوجته السفر معه يبلغها أنه مكلف بمهمة تحتاج تركيزاً وتفرغاً ولن يكون مفيداً وجودها معه، لكن الرجل الذي سافر لم يعد الرجل نفسه بعد وقت قصير من تجربته الباريسية.

 

إضافة إلى بعض اللبنانيين من أقاربه ومعارفه هناك، تعرف على مجموعة من الفرنسيين وراح يرى الحياة هناك مغرية للعمل والزواج مرة ثانية والعمل، ومن ثم الإستقرار هناك ونسيان كل ما تركه في بيروت، زوجته، إبنه، وكل حياته، والحقيقة أنه ذهب إلى الآخر في هذه الخيارات، لتظهر العقبات عند التنفيذ، فمن يختار للزواج هناك قريبته (عايدة صبرا) أم إبنتها (دنيا رادن) أم يختار شابة فرنسية ويرتاح لاحقاً في موضوع الإقامة والجنسية، هنا يقع التجاذب بين الواقع الذي يعيشه "عدنان" وبين الخيارات التي إرتسمت أمامه مع بدايات وجوده في باريس، وإنبهاره بصور الحياة هناك، والرغبة في الإستزادة منها، لكن المشكلة أصبحت هو فقط ، وبات مطلوباً منه إتخاذ قراره هل يبقى ويتحمل تبعات ترك كل شيء خلفه واللهاث خلف ما لم يعرفه قبلاً، فعاش فترة قاتلة من التردد، حسمها فجأة بـ : العودة.

مخرج الفيلم هادي غندور
ودّع الجميع وغادر إلى المطار متوجهاً إلى بيروت. والنهاية - الرسالة كانت في مشهد الختام قرع باب بيته فتحت له زوجته، أمضيا لحظات في حالة تأمل وعتاب صامت من قبلها له، ليجثو سريعاً على ركبتيه وكأنه يطلب السماح منها على الطريقة التي تعامل بها معها وهو في باريس، هو لم يُعرها أي إهتمام وها هو يطلب تجاوز ماحصل. لا وطن أفضل من وطن الإنسان بين بلاد الدنيا، نعم أخطأ "عدنان" كثيراً لكنه عرف الحقيقة سريعاً فأعاد رسم خطة جديدة ومشى بها إلى النهاية السعيدة العودة إلى حضني الوطن والعائلة.