" يا عمري" على هذا الفيلم الرائع

حالة خاصة جداً، إنسانية نعم، تمس شغاف القلب والروح، تتماهى وتقطن الحنايا، وتُشعر المتابع بالكثير من الراحة مع النفس."يا عمري" الفيلم الجديد للمخرج المتميز "هادي زكاك" خصّ به جدته راصداً السنوات الـ 21 الأخيرة من شيخوختها التي ختمتها في الـ 104 سنوات، بعدما عانت من فقدان الذاكرة وعدم القدرة على الحركة.

الجدة هنرييت مسعد عويس (104 سنوات)
"يا عمري" 83 دقيقة من النوستالجيا الصادقة من حفيدة فنان يمارس الكتابة والإخراج، لجدّته العجوز التي أحبها وحادثها وعرف الكثير من ذكرياتها، ولأنه مخرج حمل كاميراه من وقت لآخر يصوّر جدته تمشي، تنام، تأكل ، تتحدث لذا إحتفظ بلقطات لها إنطلاقاً من سن الـ 83 حتى 104 سنوات حيث توفيت في 8 نيسان/إبريل من العام 2013 ، لكن هادي أخذ منها كل ما يمكن الإستفادة منه في شريط وثائقي، يروي سيرة 100 سنة من عمر وطن مأخوذة بالكامل من سيرة جدته "هنرييت مسعد عويس" التي عادت من البرازيل عام 1933 وأجبرها حب رجل على البقاء في لبنان، وطي موضوع العودة إلى البرازيل، وهو ما ندمت عليه لاحقاً.

 

المخرج "زكاك" خطّط لفيلمه طوال 21 عاماً، حاور جدته سألها عن الكثير من الأمور التي ميّزت الأزمنة التي مرّت بها أو عايشتها، وإستخلص منها العبر، من الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب على لبنان، مع آراء في الحب ، الزواج، الأولاد، الهجرة، الرجل، وكل ما يخطر في البال من عناوين، كان الفيلم عمراً كاملاً إستخدمت السنوات المئة بكل أحداثها وتطوراتها، رديفة لسنوات الجدّة "هنرييت" ما بين الشيخوخة المرهقة، وفترة المعاناة من الألزهايمر، وعدم القدرة على التعرف على الجميع خاصة "هادي" الذي لم يتعب من التعريف عن نفسه طوال مدة الفيلم، وحين تنتبه إلى كونه حفيدها تبادره باكية: تقبرني.

 

لا شك أننا أمام حالة سينمائية غير مسبوقة بهذا القدر من العاطفة والميلودراما. تواصل نموذجي بين الأجيال، ودراما فقدان الذاكرة في مرجلة عصيبة من العمر، مع تذكّر اللحظات الحميمة من شريط حياتها تحديداً جمالها الذي كان محط لفت إنتباه كل من عرفها، لكنها تنسى أسماء أبنائها وإخوتها وعندما يتم تقريب الشخصيات إليها تصرخ" يا حبيبي، يا تقبرني" وتعاتب إبنها وإبنتها على غيابهم الطويل عنها، وعندما يخصّونها بإحتفالية خاصة في عيد ميلادها تبكي تأثراً، وتبدو في غاية البهجة عندما يجتمع من حولها الأبناء والأحفاد والمعارف. تغيب الجدة"هنرييت" لكن الحفيد "هادي" قام بالمطلوب ووفى جدته حقها من الإهتمام والتقدير.