ديمقراطية "صوراتي" بيان رقم واحد للمسحوقين والمظلومين

من أبرز أبناء جيله المسرحيين. المخرج "ناجي صوراتي" قاد عملاً جماعياً ضمن محترف الفنون المشهدية بعنوان" demoskratos" وقدّمه في ثلاث حفلات (27، 28، 29 آذار/مارس المنصرم) عرفت إكتظاظاً في الحضور لما يمثّله هذا الفنان من ثقة ورمز على خشباتنا، وهي ربما لأول مرة تطرق بقوة باب السياسة وتحظى بمباركة نقدية وجماهيرية مضيئة.

العشرون فناناً قبل سقوطهم ضحايا على الخشبة
الأستاذ الأكاديمي ما عمل يوماً إلاّ مع فريق عمل، حتى لتبدو أعماله ( ومنها حصراً: تقاسيم عراكية، ذرة رمل في عين الشمس، الواوية، geographia the synapse) كلها ورشاً يشارك فيها طلابه الأفكار ووجهات النظر، بحيث يضعهم لاحقاً على سكة الإحتراف بيسر وفهم وإبداع خاص، وتجلّى الأثر العميق في عمله الأخير الذي يتطلب أداء جماعياً، بحكم أن الديمقراطية تستوجب حركة مشتركة بين أفراد كثيرين ينطقون بلسان واحد مطالب واحدة، وبالتالي جمع مخرجنا 20 شابة وشاباً أجلسهم على خمس درجات في مواجهة الجمهور، وتحوّل الجميع إلى رواد من جهة واحدة ينطقون بالصوت دون الكلمات بمعنى مشترك.

 

نحن أمام تجربة مسرحية جماعية تضع نصب عينيها هدفاً واحداً هو الغاية الواحدة المتمثلة في طلب الحرية والإنطلاق إلى آفاق رحبة، العشرون على مدرّج الخشبة يشكّلون رأياً عاماً في الصورة، وهم مجموعة صامتة، جامدة، لا تبدي أي ردّة فعل على ما يجري من حولها، لكن أفرادها ينتفضون بين الوقت والآخر ومن دون سابق إنذار بإطلاق صوت واحد مباغت، هو الرفض لكن هذا الفعل مجرد صوت لم يتحول إلى فعل ميداني مؤثر، وتدخل الموسيقى على الخط بثبات( مع بيار غانم- كمان، أندرو كرم- إيقاعات، لايتيتيا سعادة- تشيللو) تملأ فراغ الصمت بضربات موسيقية معبّرة (داني لويس)، فيها القوة، والممانعة، والعناد، وبالتالي الفعل الذي يمهّد للإنتفاض.

 

ناجي صوراتي يدير ممثليه خلال التمارين
البطولة الجماعية ميزان دقيق للفوز بالمعاني المقصودة في" demoskratos" فنحن إزاء عشرين عنصراً كأنهم كورال منسجم يتحرّكون ويصوّتون جماعياً أو كأنهم واحد فقط يتلون البيان رقم واحد للناس المسحوقين بالظلم والإستعباد، وعندما يقررون المواجهة يتساقطون تباعاً من أماكنهم فاقدي القدرة على المواجهة والفوز لكن الفراغ الذي يتولّد بعدهم يشكل فعل القوة الحقيقية التي تصنع بوادر النور الذي ينبثق من العيون الثابتة على مشهد واحد بعد الوفاة، فتخيف الظالمين وتجعلهم يتراجعون بصمت فلا أحد بعد موجوداً لقهره وإستعباده.

العشرون هم( ميشال عبدالله، غسان عبدو، نانسي أبي خليل، جيسي بعقليني، غاييل بصبوص، ناتالي شعبان، ميليسا شبير، عمار درويش، ترايسي دياب، منال فرج، ماريسا الحاج، ألكساندرا كرم، ألكسي كوال، مريم معلوف، مريم مهنا، ناتاشا رزق، ميريام سعادة، إدوار طنوس، جوان زيدان، وماريان زوين.