بلومبيرغ: الزلزال المدمر قد يضرب الاقتصاد التركي أيضاً
وسائل إعلام أجنبية تتحدث عن تقديرات بأنّ المشهد الاقتصادي المخيف سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية التي أحدثها الزلزال في تركيا.
ذكرت وكالة "بلومبيرغ"، في تقرير، أنّ "تركيا قد تنفق 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي على معالجة كارثة الزلزال"، في وقتٍ تُعقّد المأساة الإنسانية جدول الأعمال الاقتصادي قبل الانتخابات.
وقالت "بلومبيرغ" إنّ المشهد الاقتصادي المخيف سيؤدي إلى "تفاقم الكارثة الإنسانية التي أحدثها الزلزال في تركيا، إذ تشير التقديرات المبكرة للأضرار إلى ارتفاع معدلات التضخم ومخاطر الميزانية".
وفي حين أنّ من السابق لأوانه قياس التأثير الدقيق للزلزال في اقتصاد البلاد البالغ 819 مليار دولار، فإنّ "الانخفاض في أسعار الأسهم وقفزة عوائد السندات يشيران إلى مخاوف من حدوث ضربة كبيرة لنمو الناتج المحلي الإجمالي"، وفق الوكالة التي أفادت في السياق نفسه بأنّ تركيا علقت التداول في بورصتها الرئيسية بعد انخفاض بنسبة 16%.
وأشارت "بلومبيرغ" إلى أنّ "تكاليف هذه الكارثة تضرب الاقتصاد التركي في وقت كانت المعنويات هشة بالفعل"، موضحةً أنّ "ذلك يزيد من خطر حدوث انهيار آخر في السوق، بالنظر إلى نقاط الضعف الموجودة مسبقاً في العملة والحساب الخارجي".
اقرأ أيضاً: الانتخابات التركية في موعدها رغم الزلزال والنتائج مرهونة بالاستجابة للتداعيات
وبحسب الوكالة، فإنّ "بوادر التغيرات في السياسة الاقتصادية تزامنت مع ترجيحات حدوث زيادة هائلة في الإنفاق، خصوصاً أنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كشف أنّ عملية إعادة البناء في 10 مقاطعات ستكتمل في غضون عام، وأعلن توزيع 10000 ليرة (531 دولاراً) لكل أسرة متضررة".
وبيّنت أنّ "المقاطعات العشر الأكثر تضرراً من الزلازل تمثّل جزءاً صغيراً نسبياً من الناتج المحلي الإجمالي"، لكن مع ذلك، فإنّ "بعضها يشكل ممراً صناعياً وزراعياً يؤدي دوراً رئيسياً في ازدهار إسطنبول والمدن الكبرى الأخرى".
وأوضحت أنّ "الاضطرابات القصيرة المدى في النشاط في المقاطعات العشر ستقلل وحدها 0.3% إلى 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي".
وأشارت "بلومبيرغ" إلى "احتمال أن يكون التأثير أقل بكثير في تركيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لكنّه يؤدي إلى تفاقم الضغط الحالي على حسابها الخارجي وعملتها".
وقد يؤدي ذلك إلى "نقص الغذاء وزيادة التضخم. وقد تؤدي المأساة الإنسانية إلى تفاقم هذا الأمر أيضاً، بالنظر إلى دعم إردوغان سياسة نقدية أكثر مرونة"، بحسب "بلومبيرغ".
"ضريبة الزلازل" تثير الانقسام في تركيا
وفي هذا السياق، تحدث شبكة "سي إن إن" الأميركية عما يسمى "ضريبة الزلزال" في تركيا، التي تثير الانقسام في البلاد بشأن تعامل الدولة مع الكارثة.
وأوضحت "سي أن أن" أنّ الدولة التركية فرضت ما يسمى "ضريبة الزلزال" عقب عدد من الزلازل التي ضربت البلاد سابقاً، لتقديم الدعم نتيجة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ذلك.
اقرـأ أيضاً: ارتفاع عدد ضحايا زلزال سوريا وتركيا إلى 16 ألفاً.. وآمال النجاة تتضاءل
وأضافت أنّ هذه الضريبة التي أطلقت عليها السلطات اسم "ضريبة الاتصالات الخاصة" هي واحدة من 6 ضرائب فُرضت بعد تلك الكارثة، لافتةً إلى أنّها قُدمت في البداية كإجراء مؤقت، لكنّها أصبحت في ما بعد ضريبة دائمة.
ويقدّر خبير الضرائب المحلي أوزان بينجول أنّ الدولة جمعت نحو 88 مليار ليرة تركية نتيجة ذلك. وقد سجل أكبر مبلغ تم تحصيله العام الماضي بنحو 9.3 مليارات ليرة (نحو نصف مليار دولار).
لكن من غير الواضح كيف تم إنفاق الضريبة، سواء في مجال تدعيم المباني أو الاستعداد للزلازل، ما زاد من إحباط الجمهور، بحسب "بلومبيرغ".
وتعرّف وزارة الخزانة والمالية التركية الضريبة بأنّها "إيرادات الميزانية العامة"، لكن الحكومة لا تحدد بالضبط كيف تم استخدام الأموال المحصلة، إذ إنّ التضمين في "الميزانية العامة" يعني أنّ من المتوقع استخدامها "كخدمة للناس" لمشاريع مثل بناء الطرق والجسور والمستشفيات والمدفوعات العامة الأخرى.
وبالتوازي، قال مسؤولون وخبراء اقتصاديون إنّ الزلازل المدمرة التي شهدتها تركيا ستضيف مليارات الدولارات من الإنفاق إلى ميزانية أنقرة، وستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام، إذ إنّ الحكومة ستضطر إلى القيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.
وتعرضت آلاف البنايات، بما في ذلك منازل ومستشفيات، فضلاً عن طرق وخطوط أنابيب وبنية تحتية أخرى، لأضرار جسيمة في المنطقة التي يسكنها نحو 13.4 مليون نسمة.
وبينما يقول مسؤولون إنّ الحجم الكامل للدمار لم يتضح بعد، إلا أنّهم يعتقدون أنّ إعادة الإعمار ستشكل ضغطاً على ميزانية تركيا.
وتوقّع المسؤولون "وقوع أضرار بمليارات الدولارات، والحاجة لإعادة بناء سريعة للبنية التحتية والمنازل والمصانع".
ومن المرجح أن تخيّم الأسابيع المقبلة التي ستشهد انتشال الجثث وإزالة الأنقاض على فترة الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 14 أيار/مايو، والتي تشكّل بالفعل أصعب تحدٍ للرئيس رجب طيب إردوغان في عقدين قضاهما في السلطة.