استخدام الذكاء الإصطناعي في التنبؤ للقاحات ضد كورونا

في حالة كورونا، وإيجاد لقاحات لمثل هذا الفيروس، يمكن الاستفادة من الذكاء الإصطناعي من خلال فحص البيانات من الأمراض الفيروسية المماثلة ومن ثم استخدامها للتنبؤ بأنواع اللقاحات والأدوية الأكثر احتمالاً أن تكون فعالة.

  • استخدام الذكاء الإصطناعي في التنبؤ للقاحات ضد كورونا
    يمكن للجهات الصحية الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للحد من انتشار كورونا

تعمل الحكومات في جميع أنحاء العالم بالتعاون مع السلطات المحلية ومقدّمي الرعاية الصحية إلى متابعة ومنع انتشار الفيروس التاجي كورونا. وفي المقابل، يُحلّل خبراء الصحة معطيات الفيروس عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، بهدف تعزيز الجهود لمنع المزيد من انتشار الفيروس والعدوى.  

وأثبتت البيانات والتحليلات التي نُشرت في وقت سابق، أنها مفيدة في عملية مكافحة انتشار الأمراض، من خلال التوعية ونشر الآليات لذلك. فقدرة التعلم الآلي على استيعاب أعداد هائلة من البيانات أو المعلومات تؤدي إلى تقديم رؤى إلى معرفة أعمق بالأمراض، وتمكين الجهات المعنية من اتخاذ قرارات أفضل طوال فترة تطور انتشار الأمراض أو الأوبئة.  

ويمكن للجهات الصحية والطبية الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بأربع طرق، وذلك بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد: 

أولاً: التنبؤ، فمع نمو عدد سكان العالم واستمرار التفاعل مع الحيوانات، عزّز ذلك من انتشار الفيروسات ذات المنشأ الحيواني، وأدى إلى سهولة انتقاله إلى البشر، وعلى مدى أوسع. وهذا ما تم الكشف عنه مع فيروس إيبولا في عام 2018 في غرب أفريقيا، الذي انتشر نتيجة تفاعل الأطفال مع الخفافيش الموجودة في جذوع الشجر. فبحسب مركز السيطرة على الأمراض الأميركي، ثلاثة من كل أربعة أمراض جديدة في البشر تأتي من الحيوانات، ويقدّر العلماء وجود ما يقارب 800,000 فيروس حيواني غير معروف يمكن أن يصيب الإنسان. وحالياً يتجه العلماء إلى استخدام الذكاء الإصطناعي بهدف التنبؤ بالنقاط الساخنة التي قد تُظهر أمراضاً جديدة. وتقوم هذه التكنولوجيا بدمج مختلف البيانات عن الفيروسات المعروفة سابقاً، عدد الحيوانات، التركيبة السكانية، الممارسات الثقافية والاجتماعية، للتنبؤ بحدوث تفشي المرض. فمن خلال هذه الخطوة يمكن الاستفادة واتخاذ إجراءات وتدابير مسبقة لمنع التفشي أو على الأقل الاستعداد بشكل أفضل لمواجهته.

ثانياً: الكشف، عندما تنتقل الفيروسات غير المعروفة إلى الإنسان، يصبح الوقت مورداً ثميناً، خصوصاً من ناحية الكشف الأسرع عن تفشي المرض بهدف السيطرة  عليه، من خلال اتخاذ الإجراءات ومعالجة المصابين بشكل فعّال. ففي المركز الوطني لتكامل المراقبة الحيوية في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، قام عدد من الاختصاصين بتطوير مناهج تجريبية باستخدام التعلم الآلي لاستخراج بيانات من وسائل الإعلام الاجتماعية للحصول على مؤشرات لأعراض الانفلونزا غير العادية. وقاموا أيضاً بفحص الخدمات المقدمة في الطوارئ الطبية وبيانات الإسعاف باستخدام التعلم الآلي، للبحث عن الحالات الشاذة في الملاحظات الطبية في ملفات المرضى اللذين تمت معاينتهم. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي تم الوصول إلى نتائج بشكل أسرع في اكتشاف الأمراض. 

ثالثاً: الاستجابة، بعد اكتشاف و تحديد المرض، يعد اتخاذ القرارات في الوقت المناسب أمراً بالغ الأهمية للحد من انتشاره وتفشيه. فيمكن للذكاء الاصطناعي دمج بيانات السفر، السكان، والمرض، للتنبؤ بمكان ومدى سرعة انتشار المرض أو الفيروس. فبعد انتشار فيروس إيبولا، ابتكر عدد من العلماء في وزارة الزراعة الأميركية نموذجاً لتعداد السفر، كان قادراً على توقع المقاطعة بشكل دقيق في ولاية تكساس وحتى تحديد المستشفى حيث تم العثور على حالة ايبولا. ولا يقتصر عمل الذكاء الاصطناعي على هذا الأمر، فيمكن استخدامه من أجل تحسين العلاجات وتطبيقها والعمل على الإسراع في تطوير علاجات جديدة.

في حالة كورونا، يمكن استخدام صور الأشعة للمصابين بالفيروس في الذكاء الإصطناعي كبيانات حتى يتمكن الأطباء من إجراء تشخيصات أسرع. أما بالنسبة لإيجاد لقاحات لمثل هذا الفيروس، فيُعد أمراً صعباً نوعاً ما، ولكن يمكن الاستفادة من الذكاء الإصطناعي من خلال فحص البيانات من الأمراض الفيروسية المماثلة، ومن ثم استخدامها للتنبؤ بأنواع اللقاحات والأدوية الأكثر احتمالاً أن تكون فعالة. وهذا ما تم العمل عليه في السنة الماضية في أستراليا، حيث تم تطوير لقاح باستخدام الذكاء الإصطناعي. 

رابعاً وأخيراً: الإحتواء والشفاء، بمجرد احتواء انتشار المرض وانتهائه، يجب أن تقوم الحكومات والأجهزة الصحية والطبية المعنية من اتخاذ قرارات حول كيفية المنع أو الحدّ من انتشاره في المستقبل. في هذه الخطوة يمكن استخدام التعلم الآلي عن طريق محاكاة نتائج مختلفة من أجل اختبار سياسات ومبادرات صحية والتحقق منها. 

فالذكاء الاصطناعي يسمح للجهات المعنية بتحليل المعطيات، والقيام بتخمينات بناءاً على فرضية "ماذا لو" التي من الممكن أن تساعد في اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات وزيادة احتمالية فعاليتها. 

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.