"العالم في الحجر"... كيف تحصد إنتاجية أفضل بالعمل من البيت؟

الميادين نت تجري استطلاعاً على عدد من رواد مواقع التواصل، بعد سؤالهم عن إنتاجيتهم المهنية في الحجر المنزلي. بالإضافة إلى طرح بعض النصائح بهدف جعل التجربة أكثر متعة ووضوحاً في ظل أزمة كورونا.

  • "العالم في الحجر"... كيف تحصد إنتاجية أفضل بالعمل من البيت؟
    الكثير من الشركات العالمية بدأت باعتماد أنظمة العمل خارج المكاتب منذ سنوات (GETTY)

فرضت أزمة وباء "كوفيد 19" العالميّة أنماطاً طارئة للحياة بغية الحدّ من انتشار الفيروس. أبرز هذه الأنماط هو الحجر المنزلي، وما تبعه من ضرورات العمل من البيت لمن تسمح له طبيعة وظيفته بذلك. 

لكن فكرة العمل من البيت ليست جديدة على فئات كثيرة من الناس، وحتى قبل ظهور فيروس كورونا، كالموظفين المستقلين "freelancers"، أو ممن مرّوا بشركات تسمح بالعمل عن بعد.

الكثير من الشركات العالمية بدأت باعتماد أنظمة العمل خارج المكاتب منذ سنوات، ودراسات عديدة نُشرت حول جدوى ونجاعة هذه التجربة من عدمها، ونسب الإنتاجية التي تحصلها المؤسسات والشركات من موظفيها. لكن وفي ظل فيروس كورونا، صار هذا الخيار مطروحاً كوسيلة إجبارية للكثير من المؤسسات منعاً من التجول والتجمعات في أماكن العمل. الملفت في الأمر أن الدراسات الحديثة التي نشرتها وسائل إعلام أجنبية، تفيد بأن غالبية الموظفين عبّروا عن ارتياحهم بتجربة العمل عن بعد، وارتفعت نسب إنتاجيتهم ومبادراتهم. لكن الأمر لم يخلُ أيضاً ممن عبروا عن امتعاضهم من التجربة وفضّلوا العمل من المكاتب. 

وباستطلاع سريع أجراه الميادين نت لعدد من رواد مواقع التواصل، بعد سؤالهم عن إنتاجيتهم المهنية في الحجر المنزلي، تفاوتت الإجابات بين مؤيد ومعترض. وتأثرت هذه الآراء بطبيعة الوظائف التي يقومون بها. بعضهم رأى أن وظيفة التعليم مثلاً لا تصلح عن بعد، بسبب الحاجة إلى الشرح المباشر أمام الطلاب والتفاعل الجسدي والنفسي لإيصال المعلومات بطريقة أوضح. فيما اعتبر البعض الآخر أن التعليم عن بعد يتيح للطلاب مجالاً أوسع للإبداع وخلق الفرص لصقل مواهبهم، ذلك لأنهم في بيئة مرتاحون فيها أكثر من وجودهم في صفوف مغلقة ولساعات طويلة. 

تنسحب بعض عوائق فقدان التواصل المباشر على وظائف الصحافيين مثلاً، الذين يحتّم عليهم عملهم الاحتكاك عن قرب مع الناس، والذي يستعيض غالبيتهم عنه الآن بالتواصل عبر الهاتف أو مواقع التواصل، فاعتبر بعضهم أن الأفكار وليدة البيئات المفتوحة وفي الخارج وفي النقاشات المباشرة مع الزملاء والناس عموماً، فضلاً عمن يعملون في قطاع الإعلام المرئي، الذي يحتم عليهم الحضور إلى استديوهات القنوات التلفزيونية. لكن آراء أخرى قيلت في هذا السياق، وهي المتعلقة بوظائف الكتابة والتحرير والترجمة، إذ فضّل غالبية المستَطلعون العمل عن بعد ذلك لقدرتهم على التحكم بالوقت بشكل أكبر وبالمكان الذي يرتاحون الجلوس فيه لوقت أطول، معتبرين أن الكتابة يمكن أن تحدث في أي مكان، وأن إلزام موظفي الكتابة والتحرير بالحضور إلى المكاتب يحدّ من قدراتهم الإبداعية وتوليد الأفكار الخلاقة.

فيما وجد البعض الآخر صعوبة في التحكم بالوقت في البيت وعدم القدرة على أخذ العمل على محمل الجدّ، وعبّر أحدهم عن التحربة بأنها جالبة للتوتر ولم يحصد منها سوى عدد سواجير أعلى. لكن عدد كبير من المعترضين على مبدأ العمل عن بعد كانوا من الآباء والأمهات الذين وجدوا صعوبة كبيرة في العمل داخل البيت مع أولادهم. 

أما الوظائف المتعلقة بالمعاملات والتجارة والمهن اليدوية والأدائية والإدارية فلم يستطع الموظفون إيجاد صيغ مناسبة بالعمل عن بعد.  

وجدت دراسة أعدّها معهد Gallup's State of the American Workplace أن 43٪ من الموظفين يعملون عن بعد مع بعض التردد. وتشير الأبحاث إلى أن العمل عن بُعد لمدة يومين إلى ثلاثة أيام هو الأكثر إنتاجية في أسبوع العمل لمدة خمسة أيام. وهذا يمنح الموظف يومين إلى ثلاثة أيام من الاجتماعات والتعاون والتفاعل، مع فرصة للتركيز فقط على العمل للنصف الآخر من الأسبوع.

وقالت جنيفر كريستي، مديرة الموارد البشرية في "تويتر"، "لشبكة CNBC": "لا أعتقد أننا سنعود إلى الطريقة نفسها التي اعتدنا أن نعمل بها، حقاً لا". في إشارة إلى طرق العمل الطارئة من المنازل في ظل كورونا. 

فيما لفتت الطبيبة النفسية جولي ويلز أن العمل من المنزل يوفر الجهد الذي يتطلبه التعامل مع حركة المرور والتواصل اليومي مع الناس، وعو موضوع مشترك بين مرضاها، وفق قولها. وأضافت أن العمل من البيت يحدث توازناً بين الحياة العملية والحياة المنزلية. 

لكن الأمر في الوقت الراهن ليس خياراً، إذ نشرت وكالة الصحافة الفرنسية أنه نحو مليار إنسان حول العالم في الحجر، يحاولون خلق البدائل ليسيّروا عجلة الحياة كي لا يوقفها الفيروس ويشلها تماماً. والعمل من البيت اليوم هو ضرورة أكثر منه رغبة أو أمر تفضيليّ.

لذا، سنطرح بعض النصائح بهدف جعل التجربة أكثر متعة ووضوحاً، أملاً بأن تكون هذه الأيام هي أكثر أيام الموظفين إنتاجية.

غالباً، في الفترة الأولى التي ستقضيها في المنزل، سيحدث اضطراب كبير في مواعيد نومك، خصوصاً إذا لم يكن عملك مرتبطاً بتوقيتات حضور معيّنة عبر الإنترنت، بل مرتبط بمهام تقوم بتسليمها في أوقات محددة كنهاية الأسبوع. النصيحة الأهم أن تبقي على نمط الاستيقاظ مبكراً بشكل عام، بحيث تحافظ على مستوى تركيزك المعتاد أثناء العمل من دون تغييرات كبرى. وسيساعدك على هذا الأمر تخلصك من الركض في زحام الحافلات والسيارات والمترو وضجيج الحياة اليومية. 

ابدأ يومك باكراً بتحضير كوب القهوة الذي اعتدت شربه في مكتبك، واترك الأفكار تتدفّق. 

في معظم الأحوال، تبدو فكرة العمل من السرير أو الأريكة المريحة فكرة مُغرية للكثيرين الذين اعتادوا على الذهاب يومياً إلى مكتب العمل. الواقع أن هذا ليس صحيحاً، فقط ستشعر ببعض الاستمتاع في أول يومين أو ثلاثة، ثم ستُفاجأ بأمرين لم تتوقّعهما: انخفاض الإنتاج، وآلام الظهر والرقبة. السرير حتما لا يمكن أن يكون "بيئة عمل" موازية للمكتب الذي كنت تعمل عليه في شركتك. 

قم بإعداد مكتب أو طاولة مرتفعة بشكل كافٍ، واستخدم مقعداً تأكد تماماً أنه مريح للظهر. 

أما بالنسبة لبيئة العمل، فأكبر التحديات التي ستواجهها هي خلق مكان هادئ للتركيز بانتظام وسط الفوضى، خصوصاً إذا كان هناك أطفال في المنزل. رتّب الأمر قبل البدء بمهامك، إن كان عبر إغراء أطفالك بشتى الطرق التي تلهيهم عنك، أو إيجاد من يساعدك على الاهتمام بهم في غرفة أخرى ريثمت تنهي عملك. 

وأيضاً من أهم النصائح للعمل من البيت أن تضع نظاماً حاسماً لضبط الوقت، ولا تهدر وقتك بالاستراحات الطويلة، إذا كنت ترغب بإنجاز عملك في الوقت المطلوب من دون ضغط. 

وتأكد من أن كل الأجهزة والتكنولوجيا التي تحتاجها تعمل جيداً، كالإنترنت وجهاز الكمبيوتر وغيره.

للوهلة الأولى، العمل بالمنامة قد يبدو مريحاً للغاية، ولكن ليس كل المهنيين الذين اعتادوا على ارتداء ملابس الخروج لممارسة العمل لديهم القدرة على العمل بالمنامة المنزلية. فالأشخاص المنتجون لا يستيقظون ويباشرون العمل فوراً وهم في ملابس النوم. وبدلاً من ذلك، فإنهم يستعدون لليوم العمل بالطريقة نفسها التي لو كانوا متجهين إلى المكتب - الأمر الذي يتضمن ارتداء ملابس أنيقة.

قد تبدو فكرة العمل بملابس رياضية مريحة، غير أنها لن تضعك في "مزاج العمل". وفقاً لدراسة من جامعة "نورث وسترن"، فإن الموظفين، بغض النظر عن المهنة التي يعملون فيها، يؤدون المهام بشكل أفضل عندما يرتدون ملابس لها "معنى رمزي". 

ومن الضروري أن تُخصِّص بعض الوقت لممارسة الرياضة للتخلص من التوتر ولتحرّك بدنك بعدما تكون قد جلست لساعات طويلة خلف المكتب. وأيضاً لا تنسى أنه سيكون لديك وقت أطول وطاقة لاسترجاع مواهبك التي أجلت تطبيقها بسبب أعباء العمل الخارجية، إن كانت الكتابة أو الرسم أو القراءة أو الأشغال اليدوية وغير ذلك.

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.