"رغوة منسابة إلى النهر".. تعرف على قصة الصابون

مع انتشار فيروس كورونا، يؤدي الصابون إلى جانب دوره الوظيفي في التعقيم، وظيفة في الاسترخاء، تعرف معنا على تاريخ الصابون وبداية صناعته.

  • "رغوة منسابة إلى النهر".. تعرف على قصة الصابون
    عندما تسمع كلمة "صابون" ربما تفكر في طفل يركض بقدمين صغيرتين ويلاحق الفقاعات

عندما تسمع كلمة "صابون"، فإن أول صورة ذهنية تخطر على بالك، هي حوض استحمام مليء بالرغوة البيضاء، ورائحة زكية بالعطر المفضل لديك، تكاد تنفذ إلى رئتيك وتخدّر حواسك، أو ربما تفكر في طفل جميل يركض بقدمين صغيرتين في حديقة ويلاحق الفقاعات.

قد تعود هذه الصور المرتبطة بشكل نمطي بالصابون، إلى النموذج المستخدم في الإعلانات، إلا أنها بحال من الأحوال تبعث بشيء من الاسترخاء، قد يدفعك إلى التفكير في هذه اللحظة في أن تغسل يديك حالاً بعد انتهائك من قراءة هذا النص، لا لشيء، سوى أنك ترغب الآن فعلاً في أن تشم رائحة الصابون.

لذا، وقبل أن تبلّل يديك بالماء، وتمرر قطعة الصابون بسلاسة بين أصابعك، تعرف معنا إلى تاريخ الصابون باقتضاب.

متى ظهر الصابون أول مرة

  • "رغوة منسابة إلى النهر".. تعرف على قصة الصابون
    تختلف الروايات التاريخية حول أصل الصابون

في الحقيقة، لا يمكن تحديد الزمن الذي اخترع فيه الصابون بدقة، ذلك أنه لا يحتاج إلى الكثير من المواد لتصنيعه، إلا أن عدة مصادر تاريخية تُجمع على أن أقدم وثيقة معروفة ورد فيها ذكر الصابون، هي النقوش المسمارية السومرية التي تعود إلى 2800 سنة قبل الميلاد، إذ كان يتم مزج الرماد المغلي مع الدهن النباتي والحيواني.

أما المخطوطات المصرية التي تعود إلى 1550 سنة قبل الميلاد، فتكشف أن المصريين كانو يغتسلون بزيوت نباتية وحيوانية مخلوطة مع الملح القلوي.

وبين الأعوام 221-700 قبل الميلاد، استخدم الصينيون الرماد النباتي الممزوج بمسحوق الصدف لإنتاج مادة تزيل البقع.

أصل التسمية

  • "رغوة منسابة إلى النهر".. تعرف على قصة الصابون
    العديد من المدن العربية اشتهرت بتصنيع صابون الغار

تقول الأسطورة الرومانية إن الاسم يعود إلى جبل "سابو" الأسطوري، الذي كانت تقام فيه طقوس تقديم الأضاحي للآلهة، ما يوفر بيئة مثالية لمزج الدهون الحيوانية مع الرماد.

وبعد هطول الأمطار، ينساب هذا المزيج إلى النهر. وهناك لاحظت النسوة خلال غسلهن الملابس الأثر السحري لتنظيف البقع.

وتقول روايات أخرى إن الاسم مشتق من اسم المدينة الإيطالية "صوفونا"، التي كانت تنتج الصابون بكميات كبيرة بغرض التجارة، ولكن قبل 100 عام فقط لم يكن الصابون يستخدم تجارياً، بل كان يصنع في المنازل.

وتعتبر حلب ونابلس وطرابلس اللبنانية من أشهر المدن بصناعة الصابون، وينسب إليها عالمياً أنواع الصابون المصنّعة من زيت الزيتون أو زيت الغار.

الثورة الفرنسية: الابتكار ملك للشعب

  • "رغوة منسابة إلى النهر".. تعرف على قصة الصابون
    سلة صغيرة من الصابون الطبيعي قد تبدو هدية رقيقة لأصدقائك

الآن، وإن كنت قد اطلعت على تاريخ الصابون من باب الفضول، فهذا هو أصله باختصار. أما إن كنت ممن يأخذون وقتهم أمام رف الصابون في المتجر لانتقاء نوع دون آخر، ويفاضلون بعناية بين عطوره وملمسه، أو إن كنت تحتفظ بقطع صغيرة منه بين ملابسك، أو إذا كانت سلة صغيرة من الصابون الطبيعي تتلقاها كهدية تتسبب لك بنشوة تشبه الوخز اللطيف في أنفك، فأنت إذاً شغوف بهذه القطع العطرة، واهتمامك بها يتعدى الفضول المعرفي إلى الإدراك الحسي، وعليك أن تتعرف إلى دور الثورة الفرنسية بانتشار صناعة الصابون، إليك ذلك:

في القرن السابع عشر، كان المكوّن الأساسي للصابون هو رماد "الصودا" المستخرج من الأخشاب أو الأعشاب البحرية بطريقة مكلفة وبطئية جداً. وفي العام 1775، أعلنت الأكاديمية الفرنسية للعلوم عن جائزة مالية لمن يتمكَّن من تجهيز "الصودا" بطريقة سهلة منخفضة التكاليف.

وقد فاز نيكولا ليبلان بتلك الجائزة بعد تجهيز "الصودا" بالملح، وبالتالي تمكَّن من تجهيز الصابون وتصنيعه، لكنه لم يتسلم الجائزة، إذ اندلعت بعد ذلك الثورة الفرنسية، وطالبت حكومة الثورة الفرنسية بجعل هذا الابتكار ملكاً للشعب، وألغت موضوع الجائزة.

خلال أزمة كورونا.. الصابون ليس فقط للتعقيم!

مع بداية ظهور فيروس كورونا المستجد، ازدادت الإرشادات بشكل بديهي بغسل اليدين جيداً بالماء والصابون لتجنب العدوى، حتى أن شركات عالمية لصناعة الصابون المعقِم تجاوزت المنطق التجاري التنافسي مع مثيلاتها، ودعت إلى استخدام أقرب صابون، مع تسمية العلامات التجارية المنافسة.

لكن من ناحية أخرى،الصابون إلى جانب دوره الوظيفي في التعقيم، يؤدي وظيفة أخرى، وهي المساعدة على الاسترخاء.

ترافقت إجراءات الحجر الصحي في أغلب دول العالم، والتهديدات الاقتصادية، وغيرها العديد من مفرزات أزمة وباء كورونا، مع ازدياد مضطرد للضغط النفسي.

الكثير من الأشخاص، يرون في فيديوهات تقطيع الصابون، المُرضية بصرياً وسمعياً، مساحة جيدة جداً للاسترخاء.

ورغم أن هذه الفيديوهات أصبحت شائعة منذ 2018، إلا أنها ازدادت رواجاً خلال الأشهر الماضية. ويعود ذلك إلى "الاستجابة الزوالية الحسية الذاتية"، وهي حالة من التنميل والوخز الخفيف الذي يتولّد في مؤخرة الدماغ ويمتد إلى العمود الفقري والأطراف، وذلك نتيجة التعرض لمؤثرات سمعية وبصرية معيّنة، فيُعطي ذلك شعوراً بالمتعة والاسترخاء التام، لكنه بالطبع أمر نسبي، ويختلف من شخصٍ لآخر.