في سابقة.. اكتشاف مومياء مصرية حامل
قال عالم آثار: "إن ذلك الاكتشاف مثل العثور على كنز دفين أثناء جمع الفطر في الغابة".
اكتشف علماء بولنديون أخيراً بأن المومياء المصرية التي كان يُعتقد على مدى عقود أنها قسيس ذكر هي لامرأة حامل، مما يجعلها أول حالة معروفة من نوعها، بحسب تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وقال عالم الآثار فويتشخ إيجسموند، عالم الآثار ومدير مشروع وارسو للمومياء، الذي قاد البحث، إن العلماء في بولندا قاموا بالاكتشاف أثناء إجراء دراسة شاملة، بدأت في عام 2015، لأكثر من 40 مومياء في المتحف الوطني في وارسو.
ونُشرت النتائج الشهر الماضي في مجلة علم الآثار The Journal of Archaeological Science.
وقال الدكتور إيجسموند: "كان الأمر غير متوقع بتاتاً". وأضاف: "كانت عالمة الأنثروبولوجيا لدينا تحقق مرتين من منطقة حوض المومياء لتحديد جنس المومياء وفحص كل شيء، ولاحظت شيئاً غريباً في منطقة الحوض، نوعاً من الحالة الشاذة".
وتبين أن هذه الحالة الشاذة هي الساق الصغيرة لجنين، يُقدر أنه كان يبلغ من العمر 26 إلى 30 أسبوعاً أنذاك، وفقاً لنتائج الفريق. وكشفت فحوصات الكمبيوتر والأشعة السينية الإضافية أن المرأة توفيت عندما كان عمرها بين 20 إلى 30 عاماً.
وبناءً على أبحاثهم، استنتج العلماء أن المومياء حنطت في القرن الأول قبل الميلاد تقريباً. وكتب الباحثون في النتائج التي توصلوا إليها أن الجسد يخص امرأة ذات مكانة عالية ملفوفة بأقمشة من الكتان والنسيج العادي ومرفقة "بمجموعة غنية من التمائم".
وعلى الرغم من العثور على مدافن لنساء حوامل في مصر القديمة من قبل، إلا أن هذا هو أول اكتشاف معروف لامرأة حامل محنطة.
وقال الدكتور إيجسموند: "إن الأمر أشبه بالعثور على كنز دفين أثناء جمع الفطر في الغابة."
وتم وضع المومياء، التي تم التبرع بها لجامعة وارسو عام 1826، في المتحف الوطني في وارسو. وكتب الباحثون أن المومياء كانت تسمى "مومياء سيدة" في القرن التاسع عشر. وقد تغير ذلك في القرن التالي عندما كشفت الحروف الهيروغليفية المترجمة على نعش المومياء وتغطيتها عن اسم القس المصري، هور جيوتي. كما أدت الفحوصات الإشعاعية التي أجريت في تسعينيات القرن العشرين إلى تفسير البعض لجنس المومياء على أنه ذكر.
وبحسب مراسلات تعود إلى القرن التاسع عشر، تم العثور على المومياء في المقابر الملكية في طيبة في مصر، لكن العلماء كانوا مترددين في وصفها بأنها الأصل الرسمي للمومياء.
وقال الدكتور إيجسموند إنه خلال القرن التاسع عشر، كانت هناك أوقات لم تتطابق فيها المومياوات مع التوابيت التي وُضعت فيها. وأوضح أن هذا يحدث حوالى 10 في المائة من الوقت.
وفي حالة المومياء الحامل، كتب العلماء في أبحاثهم، "لا يسع المرء إلا أن يتكهن بأن المومياء قد وُضعت في تابوت خطأ عن طريق الصدفة في العصور القديمة، أو تم وضعها في نعش عشوائي من قبل تجار الآثار في القرن التاسع عشر."
ووصف ألكسندر ناغل، باحث مشارك في قسم الأنثروبولوجيا في متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي، المومياء الحامل بأنها "اكتشاف فريد". وقال "بشكل عام، لم تكن الكثير من النساء محور الدراسات في علم المصريات".
وقال ناغل إن النص القديم يقدم نظرة ثاقبة على الممارسات المحيطة بالمرأة الحامل في العصور القديمة، ولكن المزيد من البحث سيكون مفيداً.
وقال الدكتور إيجسموند إنه لا يُعرف الكثير عن رعاية ما قبل الولادة في العصور القديمة.
وقال الدكتور ناغل إن نحو 30 في المائة من الأطفال ماتوا خلال السنة الأولى من حياتهم خلال العصور القديمة. وأضاف أنه بعد أن علم باكتشاف المومياء الحامل، كان مفتوناً بما يمكن أن تكشفه دراسة أخرى عن المعتقدات المصرية المتعلقة بالحياة الآخرة للأطفال الذين لم يولدوا بعد.
وقال إيجسموند إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة المزيد عن صحة المومياء الحامل، وذلك قد يتطلب أخذ عينات دقيقة من الأنسجة الرخوة.
ويأمل العلماء أن يؤدي نشر نتائجهم إلى جذب انتباه الأطباء والخبراء في مجالات أخرى للمساعدة في المرحلة التالية من البحث.
قال الدكتور إيجسموند: "هذه قاعدة جيدة لبدء مشروع أكبر حول هذه المومياء، لأن هذا سيتطلب الكثير من الخبراء لإجراء بحث لائق متعدد التخصصات".
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم