المشهد | واشنطن وأبو ظبي.. مواجهة مفتوحة أو أزمة عابرة؟

تعتقد الولايات المتحدة أنّ تحرّك الإماراتيين هو تكتيك تفاوضي لمحاولة دفع صفقة مقاتلات "أف 35" قدماً، فيما يبدو سياق القرار الإماراتي أحد مظاهر التوتر بين الجانبين.

  • أعلنت الإمارات رسمياً أنّها أبلغت الولايات المتّحدة بتعليق المناقشات حول صفقة مقاتلات
    أعلنت الإمارات رسمياً أنّها أبلغت الولايات المتّحدة بتعليق المناقشات حول صفقة مقاتلات "أف 35".

أعلنت الإمارات رسمياً أنّها  أبلغت الولايات المتّحدة بتعليق المناقشات حول صفقة مقاتلات "أف 35"، مشيرةً في بيان لسفارتها في واشنطن إلى أنَّها "قد تستأنف هذه النقاشات مستقبلاً بعد المراجعة وإعادة تقييم البرنامج".

عقب ذلك، أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن استعداد بلاده للمضي قدماً في الصفقة إذا كانت الإمارات لا تزال مهتمة بها، بينما أعلن "البنتاغون" أن الولايات المتحدة ملتزمة مع الإمارات بمعالجة القضايا المتعلّقة بالصّفقة.

المشهد

تعود الرغبة الإماراتية في شراء مقاتلات "أف 35" الأميركية إلى أعوام سابقة، إذ  رفضت الولايات المتحدة منذ العام 2014 طلبات متكررة من أبو ظبي للحصول على هذه المقاتلات، لكنَّ الرئيس الأميركي دونالد، وقبل لحظات من مغادرة منصبه،  وافق على الصّفقة، قبل أن تقرّر إدارة بايدن التريث في تنفيذها، ثم قامت بفرض شروط لإتمامها، تتعلّق بشكل أساسي بالعلاقة الإماراتية مع الصين. 

تتبنّى الإمارات مؤخّراً نهجاً جديداً تسعى فيه إلى تجنّب صراعات إقليمية قد تنسف طموحاتها الاقتصادية، إذ تسير الدبلوماسية الإماراتية على حبل مشدود بين حليفتها التقليدية الولايات المتحدة، وشريكتها التجارية الأساسية الصين، وصديقتها الجديدة "إسرائيل"، وجارتها إيران، إضافةً إلى القوى الكبرى الأخرى.

بين السطور 

· تنطلق الإمارات في سياستها الخارجية الجديدة من مدخل جمع المصالح الاقتصادية. وبموجب المبادئ العشرة التي أُعلنت في إطار "الانطلاقة الخمسينية الثانية" للإمارات، يعتمد نموها الاقتصادي على استقرار المنطقة، ما يعزز مكانتها كحاضنة للاستثمارات.

· بناءً على هذا التوجه، تُنوّع الإمارات علاقاتها الأمنية من بوابة الاقتصاد، لكن العلاقة مع الصين جعلت أبو ظبي عالقة في دوامة الحرب التجارية الأميركية الصينية، غير أنها من جانب آخر تعتقد أن علاقاتها مع المتنافسين ستضعها في موقف مفيد، مع تنافس القوتين لتقديم أهمية أكبر للدولة الحليفة.

· انطلاقاً من هذه المعطيات، تتحدَّث بعض المصادر في الإمارات عن موقف متشدد لتخفيف الضغوط الأميركية على أبو ظبي، بما يتضمّن أخذ تراجع الحضور الأميركي بعين الاعتبار. لذا، إنَّ سياق القرار الإماراتي حول مقاتلات "أف 35" يبدو أكثر اتساعاً من صفقة مقاتلات حربية، والأمر ليس سوى أحد مظاهر التوتر بين الجانبين.

· وفي إطار العلاقات مع الولايات المتحدة أيضاً، يأتي الإعلان الإماراتي على بعد أيام من إبرام أبو ظبي عقداً لشراء 80 مقاتلة "رافال" فرنسية، في مؤشر على وجود بدائل لدى الإمارات، الأمر الذي عدّته مصادر أميركية "مكيدة فرنسية" ومساعدة إماراتية للرئيس إيمانويل ماكرون، لتحقيق انتقامه المتعلق بتحالف "أوكوس".

· بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبعيداً عن قيمة الصفقة أو الاعتبارات السياسيّة، فإنَّ إلغاءها سيعدّ ضربة إضافية للصناعة العسكرية الأميركية، إذ سيؤدي إلى تأكيد  التقارير حول فشل مقاتلات "أف 35"، نتيجة سعرها الباهظ وارتفاع تكلفة صيانتها، والتي  يقول عنها الجنرال تشارلز براون، رئيس أركان القوات الجوية الأميركية، "إنها سيارة فيراري، ولا يمكنك قيادة الفيراري إلى عملك كل يوم".

· من جانب آخر، تطرح القضيّة معضلة حقيقيّة تواجه الولايات المتحدة، إذ تعمد واشنطن في إطار المواجهة المفتوحة مع الصين إلى تخيير حلفائها بينها وبين بكين. وفي ظلّ عدم القدرة على أداء دورها التقليدي تجاه الحلفاء، بالنظر إلى مناخات التراجع التي تعيشها عالمياً، ثمة خشية من أن يجنح الحلفاء إلى تفضيل الصين أو اتّخاذ موقف مشابه للموقف الإماراتي على أقلّ تقدير.

ما هو المقبل؟

في ما يتعلَّق بالصّفقة، تعتقد الولايات المتحدة أنّ تحرّك الإماراتيين هو تكتيك تفاوضي لمحاولة دفع العملية قدماً، مستدلّين على ذلك بأن الرسالة التي تنقل الموقف الإماراتي كتبها مسؤول متدنّي المستوى في الحكومة الإماراتية.

أما في السياق العام، فتتحدّث المصادر عن أنَّ الخطوة الإماراتية لا تتعدى كونها "وسيلة ضغط لحثّ واشنطن على تقديم التزام أمنيّ أقوى تجاه أبو ظبي".

اخترنا لك