فوجئ الوسط السياسي الفرنسي بقرار قضائي يقضي بتعليق عقوبة الناشط الانفصالي الكورسيكي، إيفان كولونا، بحسب ما نقل أحد محاميه. ويُمضي كولونا عقوبة بالسجن مدى الحياة بسبب قتله مسؤولاً حكومياً في الجزيرة.

وكان كولونا تعرض لاعتداء قبل أيام، الأمر الذي أدى إلى انتفاضة وأعمال عنف في أنحاء كوركسيا، وتطورت الأمور إلى مطالبة واسعة باستقلال الجزيرة، أو بمنحها حكماً ذاتياً.

ولمّح وزير الداخلية الفرنسي، غيرار دارمانان، إلى احتمال منح كورسيكا حكماً ذاتياً، في محاولة لتطويق أحداث العنف المتواصلة. ورأى معارضون أنه قرار لدعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في معركته الانتخابية لتجديد ولايته. 

وانضمت قضية كورسيكا، منذ تفجر أعمال العنف والتظاهرات، إلى هموم المرشحين الرئاسيين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022، ولاسيما مسألة منح الحكم الذاتي. فما هي أبرز مواقف المرشحين؟

"حكم ذاتي شرعي" بالنسبة إلى مرشح البيئة يانيك جادو

اعتبر مرشح البيئة والخضر يانيك جادو أن من حق كورسيكا المطالبة بـ"حكم ذاتي شرعي" والحصول عليه، مشيراً إلى أن حزبه يدافع عن هذه الفكرة منذ أشهر.

وأعرب جادو عن استيائه من أن تنتظر الحكومة، "كالعادة منذ بداية عهد إيمانويل ماكرون قبل خمس سنوات، وقوعَ مأساة" (مثل تعرض إيفان كولونا للطعن داخل السجن، الأمر الذي تسبب بدخوله في حالة غيبوبة)، "لتحاول إيجاد حلول".

وتابع جادو قائلاً: "يجب الدخول في مفاوضات بشأن قضية الحكم الذاتي"، مضيفاً: "إنها فرصة مؤاتية لإعطاء صلاحيات لهذه الأقاليم، وهي في حاجة إلى ذلك".  

مارين لوبان: "كورسيكا يجب أن تبقى فرنسية"

خلافاً ليانيك جادو، شددت مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، على أن "كورسيكا يجب أن تبقى فرنسية".

وتبنّت زعيمة "التجمع الوطني"، نجلة مؤسس الحزب جان ماري لوبان، خطاباً مأسَوياً كعادتها من أجل التنديد بتصريحات وزير الداخلية جيرالد دارمانان، معربة عن رفضها "سياسة ماكرون الانتهازية، التي تشقّ وحدة التراب الفرنسي".

وكتبت في تغريدة نشرتها في حسابها على موقع "تويتر": "كيف يمكن أن ننتقل من اغتيال مسؤول الإدارة المحلية، إلى التعهد بشأن نظام الحكم الذاتي". 

فاليري بيكريس: "ماكرون رضخ للعنف"

من جانبها، اتهمت مرشحة اليمين، فاليري بيكريس، الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون بأنه "رضخ للعنف".

وشددت على ضرورة استتاب الأمن في كورسيكا قبل الخوض في أي مفاوضات، قائلةً إن الحكم الذاتي "يجب أن يتم في إطار الجمهورية، ولا يمكن أن يؤدي إلى تفكيكها".

وأضافت مرشحة "الجمهوريين" أن ماكرون "يدفع ثمن استخفافه بالأقاليم".

"حكم ذاتي تشريعي" للمرشحة الاشتراكية آن هيدالغو

وحملت المرشحة الاشتراكية وعمدة باريس، آن هيدالغو، على الحكومة بقولها إن الأخيرة "فشلت في التعامل" مع الأزمة في كورسيكا بعد انتشار أعمال العنف في الجزيرة.

واتهمت السلطة بمحاولة تخطي الحملة الانتخابية الرئاسية من خلال تصريحات "وزير الداخلية التي أكد فيها أننا نشرع في مسار حكم ذاتي، في المدى الطويل".

كذلك، طالبت هيدالغو بالحوار وبتبني "حكم ذاتي تشريعي من أجل البقاء في الجمهورية"، مقترحة ما سمته "حق التجربة وإقرار خطوات تتماشى مع حقيقة الأقاليم من دون المساس بالجمهورية".

مرشح الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل ضد "الحكم الذاتي"

بدوره، أعلن المرشح الشيوعي فابيان روسيل بوضوح معارضته منح كورسيكا نظام الحكم الذاتي، معتبراً أنّ ذلك "لن يملأ ثلاجات سكان كورسيكا"، في إشارة إلى القدرة الشرائية.

في المقابل، دعا رئيس "الحزب الجديد لمناهضة الرأسمالية"، فليب بوتو، إلى وضع "قانون خاص" بالجزيرة، معترفاً بـ "شرعية ثورة سكان كورسيكا، ولاسيما شبانها".

وقال بوتو: "نحن مع حق الشعوب في تقرير مصيرها. ونحن مع الاعتراف بقانون هذه الشعوب ولغتها وثقافتها وحقها بشأن إدارة شأنها، كما تريد".

بدوره، ركز المرشح اليميني المتشدد، والصحافي السابق، إيريك زيمور، على مصطلح "الهوية"، قائلاً إنّ الحكم الذاتي "لا يستجيب لرهانات الوقت".

وأعرب عن دعمه "هويةً قوية لكورسيكا ضمن فرنسا قوية"، مضيفاً أن "كورسيكا كبيرة عندما تكون ضمن فرنسا قوية".  

أخيراً، اتهم المرشح نيكولا ديبون - إينيان ماكرون بسعيه لـ "تفكيك فرنسا" من خلال منح الحكم الذاتي لجزيرة كورسيكا.

وكتب في تغريدة: "علينا ربط الحوار مجدداً مع أصدقائنا في كورسيكا من أجل منع وقوع اضطرابات جديدة واستعادة النظام والهدوء" في الجزيرة.