ما قبل الكحّالة وبعدها.. سلاح المقاومة ينبذ الفتنة بعيداً عن الساحة الداخلية

حادثة الكحالة، وما سبقها في عين إبل، وقبلها في عين الحلوة، وقبلها جميعاً ما حدث في الطيونة، تشير إلى أن هذه الحوادث "موجَّهة". فهل ستكون فتيلاً لنار الفتنة، أم سيغلّب سياسيو لبنان ومواطنوه الحكمةَ؟

  • عناصر من الجيش اللبناني في مكان حادثة الشاحنة في الكحالة
    عناصر من الجيش اللبناني في مكان حادثة الشاحنة في الكحالة

فتحت حادثة الكحالة الباب على كل نقاط التوتر التي ضربت لبنان مؤخراً. فالكحالة كانت جزءاً من التوتر الذي ضرب البلاد هنا وهناك.

قبلها كانت هناك عين إبل، وقبلها أيضاً أحداث مخيم عين الحلوة، وقبلها جميعاً اشتباكات الطيونة. فمَن يريد زرع الفتنة في لبنان؟ وهل من أرضيةٍ خصبةٍ لهذا المشروع؟ ولمَن الغلبة في النهاية: الفتنة أم الحكمة؟ 

تعليقاً على هذا الموضوع، قال محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية، الجنرال شارل أبي نادر، إنّ الجيش اللبناني أدّى دوراً أساسياً في ضبط تداعيات حادثة الكحالة، ومنع تطورها نحو الأسوأ.

وأضاف أبي نادر أنّه لولا تدخّل الجيش في الوقت الملائم، "لكان سقط إصابات أكثر". ومع سقوط إصابات أكثر، كان يمكن أن تتمدّد الاشتباكات إلى أكثر من منطقة، مردفاً بأنّ "التحريض السياسي، الذي خُلق، دأبت عليه أطراف مرتهنة، وتصوّب جميعها في اتّجاه سلاح المقاومة".

وأشار أبي نادر إلى أنّ كل الحوادث الأخيرة "موجّهة"، ولها طابع استهداف حزب الله، "عبر الحرب الناعمة أو الحرب الهجينة"، والتي تشنّها الأطراف الدولية، بمساعدة ودعم من الأطراف الإقليمية.

وأضاف أن "الحصار الاقتصادي، والضغوط السياسية من الخارج، كلها تهيئ أن يكون الوضع قابلاً للانفجار، ليكون هناك استغلال دولي"، مشيراً إلى أنّ الهدف هو محاولة فرض مشروع تدويل دولي للضغط على حزب الله، ومحاولة نزع سلاحه بالقوة، انطلاقاً من المفاهيم التي يُعمَل عليها دائماً.

اقرأ أيضاً: التحريض على المقاومة في لبنان.. ماذا وراء "كمين" شاحنة الكحالة؟

سلاح المستوطنين لا أحد يراه أو يتحدث عنه

بدوره، رأى محلل الميادين للشؤون الفلسطينية، ناصر اللحام، أنّ "الأجندات واضحة، ومحورها أن سلاح المقاومة مطلب لدى أجهزة الاستخبارات الغربية والعالمية، والإسرائيلية والأميركية بالذات"، وتُعقَد من أجله مؤتمرات إقليمية ومحلية ولقاءات سرّية وعلنية حين "تظهر بندقية ثائر واحدة"، معقباً بالقول أنّ مئات آلاف قطع السلاح الأخرى، "لا يراها أحد، كأنّها غير موجودة أساساً". 

وأشار اللحام إلى المفارقات في التعاطي مع مسألة السلاح، موضحاً أنّ "سلاح المستوطنين لا أحد يذكره". كما أنّ السلاح، الذي تسرّبه "إسرائيل" إلى المسلحين في سوريا، "لا أحد يذكره، لا في تقارير دولية ولا إقليمية، ولا يتعرض لشجب ولا لاستنكار". أما عندما تظهر بنادق المقاومة في مخيم جنين أو مع حزب الله أو في غزة أو في اليمن، "فيبدأ الإعلام كله بالتحدث عن التسليح"، وفق اللحام.

اقرأ أيضاً: أحزاب وقيادات لبنانية تعليقاً على حادثة الكحالة: نرفض الفتنة والمقاومة حصانة الوطن

أمّا فيما يخص أميركا واستغلالها الواقع الأمني لتحقيق تغييرات في لبنان، فرأى محلل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية، منذر سليمان، أنّ الحصار الاقتصادي، الذي مارسته واشنطن حتى الآن، والعقوبات التي طالت عدداً من الأطراف في لبنان، وخصوصاً العقوبات ضد مؤسسات الحزب وعناصره، "لم تنجح حتى الآن في تركيع لبنان كلياً"، على رغم أنّ الوضع في غاية السوء.

وأشار سليمان إلى أنّ هناك، كما يبدو، "خياراً بتحريك الوضع الأمني"، منطلقاُ من إدراك مفاده أن المقاومة لا ترغب، وليست في وارد أن "تستخدم سلاحها في الداخل اللبناني"، حتى لو كانت "أمنية واشنطن أن يدخل الجيش في صراع مسلّح مع حزب الله." 

وتابع أنّ هذه الأمور تبدو محاولة "لوضع معسكر المقاومة عموماً في موضع الدفاع، ومحاولة تسجيل نقاط عليه، وفرض نوع من التراجع"، لتسهيل الرغبة الأميركية في تحقيق تغيرات في لبنان، وخصوصاً على مستوى المرشّح الرئاسي. 

وفي ختام حديثه، أشار سليمان إلى أنّ توقيت العقوبات على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والمجموعة، التي تم فرض العقوبات عليها، "كان لافتاً"، متسائلاً: "لماذا هذه العقوبات جاءت بعد مغادرة الحاكم منصبه؟ ألم تكن واشنطن تعلم بالفساد وبالإجراءات غير القانونية التي كان يمارسها؟". وأضاف أنّ من الواضح أنها "رسالة سياسية، ليست موجهة إلى سلامة وحده، بل من أجل القول إن واشنطن تركز جهدها على الوضع في لبنان".

اقرأ أيضاً: عون بعد حادثة الكحالة: التحريض كاد يشعل الفتنة

اخترنا لك