السودان يتجاوز مرحلة "المجلس العسكري" ويدخل مرحلة "المجلس السيادي"

يطالب رئيس الوزراء السوداني بتمثيل كل الأقاليم في مجلس الوزراء مثل النيل الأزرق وشرق السودان وجبال النوبة. في حين يطالب حمدوك بتمثيل المناطق المهمّشة لأن الثورة شارك فيها كل أهل السودان.

عاد الحدث السوداني إلى الواجهة من جديد. تتفق معظم المصادر على أن تشكيل الحكومة السودانية وإعلانها برئاسة عبدالله حمدوك، الخبير الاقتصادي السابق في الأمم المتحدة، والتي ستضم بحسب - هذه المصادر -  19 وزيراً ووزير دولة واحد ثلثهم من النساء، سيكون في غضون 24 ساعة المقبلة.

تشير هذه المصادر إلى أن الاتفاق على جميع أسماء الوزراء أضحى بحكم المنتهي. وتضيف أن الحكومة المقبلة سوف تضم لأول مرة إمرأة وزيرة للخارجية في أول حكومة سودانية، منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في نيسان/ أبريل الماضي. وسيتم تعيين ولاء عصام البوشي وزيرة للشباب والرياضة، وانتصار صغيرون في وزارة التعليم العالي، ولينا الشيخ محجوب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

وبحسب وثيقة الإعلان الدستوري التي أعلنت في 4 اَب/ أغسطس 2019، والتي وقّع عليها المجلس العسكري و"قوى التغيير والحرية"، ستعمل الحكومة خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات تعقبها انتخابات، وذلك وفق اتفاق لتقاسم السلطة بين الجيش والمعارضة المدنية من خلال تأسيس "المجلس السيادي" الذي  يضم 11 عضواً، هم ستة مدنيين من ضمنهم رجاء نيكولا عبد المسيح وقد رشّحتها "قوى الحرية والتغيير" لتمثل المسيحيين في المجلس السيادي، وخمسة عسكريين. وسيرأس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان لمدة 21 شهراً، على أن يخلفه شخص مدني للفترة المتبقية ومدّتها 18 شهراً، حتى تاريخ بدء الإنتخابات.

يتمتع المجلس السيادي بصفة إشرافية على الحكومة بعدما تمّ حل المجلس العسكري في 20 اَب/ أغسطس 2019.

وفي هذا الإطار رأى الدكتور حيدر إبراهيم رئيس مركز الدراسات السودانية في حديث للميادين نت إن تأخير تشكيل الحكومة له أكثر من سبب.

الأول: مشكلة تمثيل الأقاليم. فالمطروح 20 وزيراً، ويوجد 6 أقاليم فيها مشاكل. والمطلوب الأخذ بعين الاعتبار تمثيل الولايات في الوزارات، حيث أن هناك أقاليم لها مرشح وأخرى ليس لها مرشح.

السبب الثاني والذي أخرّ التشكيل هو نسبة تمثيل النساء في مجلس الوزراء. وقد تمّ اختيار إمرأة لتولي وزارة الخارجية السودانية هي أسماء محمد عبدالله وكانت سفيرة برتبة وزير مفوض في المغرب. وهي من الشخصيات التي كانت ضحية نظام عمر البشير – حسن الترابي فور الانقلاب الذي أبْعد عن وزارات الدولة بما فيها الخارجية كل من لا يواليهم. وقد عملت أسماء بعد ذلك مباشرة في ايسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) في الرباط.

وكشف الدكتور إبراهيم أن اسم أسماء طُرح من قبل بعض الدبلوماسيين المفصولين، لأنها ليست جزءاً من الحراك، ويوجد اتفاق أن تكون الحكومة حكومة تكنوقراط أو أصحاب كفاءات. ويتوقع في أي لحظة أن تعلن حكومة جديدة حيث أصبحت شبه مكتملة.

وعن جديّة تسليم المجلس العسكري للسلطة، أوضح إبراهيم أن الأمر يتوقف على حركة الشارع، حيث أصبح هناك مجلس سيادي يضم خمسة من المجلس العسكري وخمسة من "قوى التغيير والحرية"، مهمته الإشراف أو تصويب مجلس الوزراء.

وتتألف "قوى التغيير والحرية" بحسب ما أوضح القيادي في حزب الأمة إسماعيل مرسال للميادين نت من خمس كتل هي:

"نداء السودان" الذي يجمع حزب الأمة وحزب المؤتمر والجبهة الثورية أي حركات دارفور، والقوى المدنية هي مجموعة من المنظمات، وكتلة الإجماع الوطني فيها حزب البعث والحزب الشيوعي والجزب الناصري، وكتلة التجمع المعارض، وتجمع القوى المدنية.

وعن تشكيل الحكومة وإعلانها، أعرب مرسال عن اعتقاده أن الحكومة ستعلن في غضون الـ24 ساعة المقبلة، والأسماء التي أخرت التشكيل أصبحت في حكم المتفق عليه. فقد اعترض رئيس الوزراء على طرح توزير بعض الأسماء إنطلاقاً من أن هناك إتفاقاً ضمنياً بأن المجموعة التي شاركت في التفاوض لا تكون جزءاً من الهيئات الإنتقالية السيادية والتنفيذية. وهذا ليس إلتزاماً مكتوباً ولكنه التزام أخلاقي.

وأوضح مرسال أنه وبحسب الوثيقة الدستورية فإن "قوى التغيير" ترفع ترشيحات الأسماء إلى رئيس الوزراء الذي يختار بدوره الأسماء من القائمة المرفوعة له، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء يعتبر أن هناك بعض المعايير لا بد من الإلتزام بها لتشكيل الحكومة الانتقالية وهي: التوازن الجغرافي، بمعنى تمثيل كل مناطق السودان، وتمثيل النساء، وتمثيل الشباب.

كذلك يطالب رئيس الوزراء بتمثيل كل الأقاليم في مجلس الوزراء مثل النيل الأزرق، وشرق السودان، وجبال النوبة. في حين يطالب حمدوك بتمثيل المناطق المهمّشة لأن الثورة شارك فيها كل أهل السودان.

واستطرد مرسال قائلاً: قبل انقلاب جعفر النميري كان السودان مقسّماً إلى 6 أقاليم. أما بعده فقد عدل في الحكم المحلي وقسم السودان إلى ما يقارب 26 ولاية كان الهدف منها السيطرة الأمنية والسياسية.

وعن اختيار نساء في الوزارة الانتقالية، أشار مرسال إلى أن رئيس الوزراء يرى أنه لا بدّ من تمثيل المرأة في وزارة سيادية وذلك لدورها الفاعل في الثورة.

وعن جديّة المجلس العسكري في تسليم السلطة، أوضح مرسال: نحن انتقلنا إلى مرحلة  جديدة وهي تكوين هياكل الهيئات الإنتقالية، وبالفعل تمّ تكوين المجلس السيادي.

نائب الأمين العام للمؤتمر القومي العربي محمد حسب الرسول من الخرطوم، وفي حديث له للميادين نت أكد أن "المجلس العسكري جاد في تسليم السلطة"، من منطلق أن المجلس العسكري قد حُلّ، وأُسس المجلس السيادي، إضافة إلى أن الذي أصبح يرفع أو يرشح الأسماء المرشحة لتوزير هم "قوى التغيير والحرية". وسيكون مجلس الوزراء الاَتي مكوناً من قوى التغيير، باستثناء وزيري الدفاع والداخلية.

ويطمئن حسب الرسول إلى أن الجو إيجابي عند المواطنين السودانيين، "والناس مرتاحة".  ورأى أن المجلس العسكري بحكم المُنتهي من خلال مشاركته في المجلس السيادي.

اخترنا لك