بعد 5 سنوات من لقاء كاسترو وأوباما... هافانا وواشنطن الجارتان البعيدتان

في مثل هذه الأيام قبل 5 سنوات ، بدأ "ربيع" جديد بين أميركا وكوبا، حيث حطت الطائرة الرئاسية الأميركية في هافانا إيذانًا ببداية حقبة جديدة في العلاقات بين البلدين، ولكن هذه الحقبة سرعان ما انتهت بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

  •  أوباما يتحدث مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو خلال مباراة استعراضية في هافانا في 22 آذار عام 2016 (أ ف ب).
    أوباما يتحدث مع الرئيس الكوبي راؤول كاسترو خلال مباراة استعراضية في هافانا في 22 آذار عام 2016 (أ ف ب).

في 17 ديسمبر عام 2014، أعلن رئيس كوبا آنذاك، راؤول كاسترو، ونظيره الأميركي باراك أوباما، في خطاب متلفز وفي نفس التوقيت، قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. بدأت مرحلة جديدة بتحديات جديدة، وقبل كل شيء، بفرص للدولتين؛ مرحلة غيرت المناخ السياسي لكلتا المنطقتين، وأدت إلى تحوّل في حوار نصف الكرة الغربي بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية.

على الرغم من العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين البلدين، احتلت كوبا دائماً مكانة خاصة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. لأكثر من نصف قرن، كانت واشنطن تشير إلى الجزيرة الكاريبية على أنها "تهديد لاستقرار نصف الكرة الغربي". ومع ذلك، تغيّر هذا الوضع عندما قرر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما استخدام صلاحياته الدستورية لإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة كان يعتبرها عدوًا لأكثر من 50 عامًا.

بدأ عام 2016 على أمل إنهاء أكثر من 50 عقدًا من الخلاف بين الولايات المتحدة وكوبا، خلال فترة قصيرة تمت ترجمة جو التغيير الذي روّج له باراك أوباما في لوائح مختلفة اعتمدتها وزارتا التجارة والخزانة، سمح للمواطنين الأمريكيين بالسفر إلى الجزيرة بالإضافة إلى السماح ببيع التكنولوجيا الزراعية والبناء لكوبا. بعد خمسة أيام فقط من إعلان هذه الإجراءات، حث باراك أوباما الكونغرس في خطابه عن حالة الأمة، على إنهاء الحصار المفروض على كوبا.

كان التقارب بين البلدين حقيقة واقعية خلال الأشهر الأولى من عام 2016، أصبح باراك أوباما أول رئيس أمريكي تطأ قدمه الجزيرة الكاريبية في السنوات الستين الماضية، خلال فترة قصيرة انعكس هذا الانفتاح على الحياة اليومية والاقتصادية في كوبا، ولكن كل هذا سرعان ما تغير بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

كان كل شيء يسير بسلاسة حتى وصول دونالد ترامب إلى السلطة. الرئيس الجديد للولايات المتحدة لم يكن لديه ميول أوباما بشأن العلاقات مع كوبا، وسرعان ما عكس ربيع المصالحة الذي بدأه باراك أوباما، و أخذ تاريخ هذه العلاقات الدبلوماسية المعقدة مرة أخرى منعطفاً 180 درجة، وتراجع الأمل بالانفتاح، كانت سياسة ترامب تتمثل في توتير العلاقات مع قادة الجزيرة الكاريبية.

بدأت العقوبات في الظهور مرة أخرى بعد فترة وجيزة، عندما فرضت وزارة الخزانة عدة غرامات على شركات لخرقها الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا.

استمر الخطاب الذي فرضه ترامب، وهكذا، في 10 سبتمبر عام 2018، جدد الرئيس الأمريكي قانون التجارة مع العدو، وهو قانون يدعم الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا، و في عام 2019 ، وسعت الولايات المتحدة قائمتها السوداء للشركات الكوبية بزعم أنها "خاضعة لسيطرة الخدمات العسكرية".

في الأيام الأخيرة من من ولايته، شددت إدارة ترامب العقوبات على كوبا، ووصلت الإجراءات الفردية التي اتخذتها واشنطن ضدّ هافانا إلى 244 إجراء، من بينها إعادة كوبا إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو الأمر الذي يعرقل رغبة أيّ رئيس قادم بإعادة العلاقات مع كوبا.

كوبا والولايات المتحدة جارتان في الجغرافيا متباعدتان في السياسية والإديولوجية، على الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي جون بايدن في حملته الانتخابية عن رغبته بتغير نهج بلاده حيال كوبا، واتباع نهج أوباما حيالها، بيد أن عودة العلاقات إلى الوضع الذي كانت عليه خلال عهد أوباما إن لم يكن بعيداً، فهو يحتاج لبعض الوقت، وخصوصاً وأن السياسة الجديدة للرئيس الأمريكي بايدن تجاه أمريكا اللاتينية لم تتبلور بعد.

اخترنا لك