إنقلاب في لبنان والنسبية في الانتخابات التشريعية العام المقبل!

بعد مخاض طويل امتدّ لسنوات وتحديداً منذ العام 2008 سيكون للبنانيين قانون انتخابي جديد سيمكّنهم من اختيار ممثليهم في البرلمان العام المقبل وفق نظام نسبي يتم اعتماده للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية اللبنانية ما يُعدّ تطوّراً نوعياً غير مسبوق في البلاد. الأيام القليلة المقبلة ستشهد إقرار القانون الجديد قبل انتهاء ولاية البرلمان المُمدّدة في 19 حزيران / يونيو الحالي ما لم تحدث مفاجآت غير محسوبة ومن خارج المألوف.

التوافق بين الرؤوساء الثلاثة في لبنان مهد الطريق للإتفاق على قانون جديد للانتخابات التشريعية
قُضِيَ الأمر في لبنان. النسبية الكاملة ستُعتمد في قانون جديد للانتخابات التشريعية، ويُقسّم لبنان إلى 15 دائرة مع اعتماد الصوت التفضيلي. أما موعد إجراء الانتخابات البرلمانية فلم يُحدّد بعد، وبحسب معلومات الميادين نت فإن إجراء هذه الانتخابات لن يتم هذا العام، ومن المرجّح أن تكون في آذار / مارس المقبل نظراً لصعوبة إنجاز هذا الاستحقاق خلال أشهر الشتاء، إضافة إلى ضرورة إعداد الطواقم الإدارية للتدرّب على الآلية الجديدة للانتخابات واحتساب الأصوات في ظلّ اعتماد النسبية.

وفي سياق مُتّصل من المُفترض أن يُقر التمديد التقني للبرلمان من ضمن مواد القانون الجديد وإن بصيغته التقنية التي باتت حتمية. وقد عزّز هذا التوجّه كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، حيث سلّمه دراسة أعدّها مع الامم المتحدة حول آلية إجراء الانتخابات وفق النسبية، عندما لفت إلى "أن الأجواء إيجابية، وإمكانية إقرار قانون انتخابي جديد على أساس النسبية قريبة جداً".
لكنه كشف أنه شرح لرئيس الجمهورية صعوبة إجراء الانتخابات في وقت قريب من دون تمديد تقني في حال التوافق على قانون جديد". وهذا يعني أن التمديد التقني واقع لا محالة. أما آلية إقراره فستكون ضمن إطار القانون الجديد بحيث تُدرَج مادة في المشروع تُمدّد ولاية المجلس إلى حين إنجاز المشروع وإقراره، علماً أن في وزارة الداخلية مَن يستبعد القدرة على إنجاز الانتخابات في مهلة 3 أشهر.

النسبية: مطلب إصلاحي قديم

منذ عقود طويلة دأبت أحزاب وقوى لبنانية على المطالبة باعتماد النسبية في الانتخابات التشريعية لأنها وببساطة تسمح بتمثيل القوى السياسية كافة تبعاً لأحجامها وعدد الأصوات التي تنالها على خلاف النظام الأكثري الذي اعتمده لبنان منذ تأسيسه، والذي يسمح بفوز اللائحة التي تحوز على نصف الأصوات زائداً صوتاً واحداً بالفوز بالمقاعد النيابية كافة، وتحرم اللائحة المُنافِسة من الفوز بأي مقعد حتى لى حازت على خمسين في المئة من الأصوات ناقصاً صوتاً واحداً.

وللنسبية قواعد لاحتساب أعداد المقاعد لكل لائحة، وهناك طُرق متعدّدة تعتمدها الدول المختلفة، عدا عن أن النقاش في لبنان يدور حالياً بشأن العتبة الانتخابية أي النسبة التي يجب أن تحصل عليها اللوائح كي تدخل المُنافسة، علماً أن معظم الدول التي أقرّت النسبية تعتمد نسبة 10% كحدّ أدنى للوائح، لكن المعلومات تشير إلى أن البحث راهناً ينحصر في تحديد عتبة التمثيل بعيداً عن نسبة العشرة في المئة ، ومن المفترض  أن تكون الحاصل الانتخابي في كل دائرة، أي نتيجة قسمة عدد المقترعين في الدائرة على عدد مقاعدها.

ويوضح الخبير الانتخابي محمد شمس الدين أن إحتساب الحاصل الانتخابي يكون على أساس قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد النيابية في الدائرة ومثال ذلك أنه في حال اقترع في دائرة معينة 70  ألف ناخب يُقسم هذا الرقم على عدد المقاعد في تلك الدائرة ولو فرضنا أنه 7 مقاعد  فتكون النتيجة 10 آلاف. وبالتالي، تفوز بمقعد في هذه الدائرة كل لائحة تحصل على 10 آلاف صوت. إضافة إلى تلك الطريقة هناك طريقة ثانية تقوم على اعتماد أسلوب المعدّل الأكبر حيث توزّع المقاعد الشاغرة الباقية على اللوائح التي تملك المعدل الأكبر والأقرب إلى الحاصل الانتخابي.

من جهته يؤكّد رئيس مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد أن فلسفة  النسبية تكمن في أن يقترع الناخب للوائح وليس للأشخاص، كما هو الحال في الأكثري، أي أن يذهب الناخب إلى مركز الاقتراع ويصّوت للائحة من اللوائح المُتنافسة أمامه، فيختار واحدة منها، فيسقطها في صندوق الاقتراع.

أما عن احتساب عدد المقاعد التي ستحصل عليها كل لائحة، فيُشير إلى أن  كل لائحة تحصل على عدد المقاعد مساوٍ لنسبة الأصوات التي تحصل عليها اللائحة، مثلاً فلو حصلت لائحة ما على 30% من الأصوات فيعني أنها ستحصل على 30% من المقاعد. وفي النسبية أيضاً هناك نوعان من اللوائح: اللائحة المقفلة، واللائحة المفتوحة، ففي اللائحة المقفلة يتم ترتيب أسماء المرشّحين على اللائحة من الأعلى إلى الأسفل، مثلاً في حال فازت هذه اللائحة بثمانية مقاعد فيجري احتساب الفائزين من الأسماء الثمانية الأوائل من اللائحة، أما اللوائح المفتوحة فهي اللوائح التي يتدّخل الناخب في ترتيب أسمائها، وذلك من خلال منح الناخب ـ وقبل أن ينزل اللائحة في صندوق الاقتراع ـ لأحد المرشّحين صوتاً واحداً، أي أن يضع علامة إلى جانبه ( وهو ما يُسمّى بالصوت التفضيلي، أو الترجيحي).

اخترنا لك