ميدانيات سيناء: انطلاق العمليات المشتركة بين الجيش والقبائل

خلال الأسبوعين الماضيين تسارعت وتيرة التطورات في ميدان شمال سيناء المصرية، بعد دخول القبائل السيناوية على خط دعم عمليات الجيش المصري ضد مسلحي داعش.

هاجم تنظيم داعش تمركز لعناصر القبائل في منطقة الترابين بقرية البرث مستخدماً سيارة تابعة للشرطة كان قد سيطر عليها منذ عدة أشهر
استمرت المواجهات بين قبيلة الترابين وعناصر داعش بشكل بات شبه يومي في مثلث المهدية – البرث – العجراء، والذي يعد من أهم معاقل القبيلة في شمال سيناء، حيث استهدف عناصر القبيلة طرق تنقلات عناصر داعش ودراجاتهم النارية قرب مطار الجورة وفي منطقة العجراء جنوب رفح، كما سيطرت القبيلة على عدة مخازن تحت الأرض للمتفجرات والذخيرة في منطقة البواطي جنوب رفح ضمن سلسلة مداهمات تخللتها اشتباكات قصيرة مع عناصر داعش ألقت فيها القبض على 3 عناصر. 


ظلت هذه العمليات من قبل قبيلة الترابين مقتصرة على مجهوداتها الذاتية إلى أن بدأت بشكل فعلي العمليات المشتركة بينها وبين قوات الجيش، وكانت أولى العمليات غارة نفذتها طائرة بدون طيار على سيارة في منطقة القسيمة وسط سيناء بناء على معلومات زودت بها القبائل قيادة الجيش المصري.


رداً على الضربات المتلاحقة التي تلقاها، هاجم تنظيم داعش تمركز عناصر القبائل في منطقة الترابين بقرية البرث مستخدماً سيارة تابعة للشرطة كان قد سيطر عليها منذ عدة أشهر، وأسفر الاشتباك عن استشهاد عدد من مقاتلي قبيلة الترابين منهم سامي لافي أحد الأسماء البارزة في هذه القبيلة.

واكبت قوات الجيش المصري هذا الاشتباك وأرسلت عند حدوثه عدداً كبيراً من المدرعات بجانب دعم جوي مروحي. تلا هذا الهجوم هجوم آخر نفذه انتحاري بسيارة مفخخة على تجمع للجيش وعناصر القبائل في قرية الجورة جنوب مدينة رفح.

نفذت قوات الجيش والقبائل على ضوء هذه الهجمات سلسلة من العمليات في منطقة البواطي وفي جنوبي رفح أسفرت عن مقتل عدد من عناصر داعش من بينهم القيادي محمود زغرة مسئول التدريب، كما نفذت القبائل عدة عمليات شرق مطار الجورة دمرت فيها عدة عربات لداعش وقتلت عناصر تابعين للتنظيم منهم فلسطيني يدعى صبحي العطار.


ونشرت قبيلة الترابين خلال الأيام الماضية عشرات الصور لعناصرها في تحركات مشتركة مع قوات الجيش مما أكد التوجه الجديد للقيادة العسكرية المصرية للاستفادة من خبرات ومعرفة أفراد القبائل في تنفيذ عمليات مشتركة يكون للجيش المصري فيها الدور القيادي والتخطيطي بجانب الدور التنفيذي، وهو دور تم تعزيزه ببيان أصدرته قبيلة السواركة أعلنت فيه انضمامها لأي مجهود ميداني ضد داعش بشرط تصدر الجيش المصري لدور القيادة والتخطيط فيه.


بشكل عام، تقلصت بشكل كبير عمليات داعش في شمالي سيناء وباتت مقتصرة في نطاقها الجغرافي على جنوب رفح وشرق العريش وأغلبها عمليات قنص وتفجير لعبوات ناسفة قلّت فعاليتها بشكل كبير بعد دخول ناقلات الجند المقاومة للألغام الأرضية ضمن تسليح القوات المتواجدة في شمال ووسط سيناء، وكان أوضح مثال على ذلك فشل عبوة ناسفة تم تفجيرها في منطقة الخزان قرب مدينة العريش من إلحاق أية أضرار بمدرعة تابعة للجيش المصري.


كان لافتاً أيضاً تنفيذ عناصر داعش لعملية اغتيال لجندي مصري أثناء تسوقه في وسط العريش بطلقات في الرأس بطريقة مشابهة في الشكل والتصوير لعمليات مماثلة تم تنفيذها في اليمن، كما استمرت عمليات اختطاف وقتل المتعاونين مع القوات المصرية من الأهالي، كقتل امرأة واختطاف أفراد عائلتها في رفح.

واستمرت كذلك عمليات استهداف المسيحيين في هذه المنطقة وكان آخرها مواطن تم قتله داخل صالون للحلاقة، وهو ما يتقاطع مع استمرار تهديدات تنظيم داعش للأقباط في مصر والتي تجددت في الإصدار الأخير من مجلة داعش "رومية" الصادرة على الانترنت باللغة الانجليزية.

كان لافتاً إصدار التنظيم لبيان خفيف اللهجة حاول فيه توضيح أنه لا يعادي قبيلة الترابين بشكل عام، وهو بيان مختلف تماماً عن بياناته السابقة التي كان يطلق فيها على القبيلة تسمية "الصحوات".


في ما يتعلق بعمليات الجيش المصري في شمال ووسط سيناء، حيث نفذت قوات الجيش الثالث عمليات مداهمة في وسط سيناء أسفرت عن تدمير عربة محملة بالمواد المخدرة وتصفية أربعة "تكفيريين" وتدمير نفق كان مخزناً به مواد كيماوية خاصة بالمواد المتفجرة، والقبض على عنصرين من عناصر داعش كان أحدهما يخطط لتنفيذ هجوم انتحاري في أحد مدن القناة والثاني حاول الهروب من القوات بالقرب من أحد الكمائن الثابتة. 


شهدت منطقة غرب مدينة رفح عملية أمنية وعسكرية شاركت فيها قوات من الشرطة والجيش وتم فيهما تصفية عنصري مراقبة تابعين لداعش حاولا تتبع حركة القوات.

أيضاً دمرت قوات الجيش نفقين جنوب رفح قرب الحدود مع فلسطين المحتلة كان ملحقاً بهما مخابئ لتمركز عناصر داعش، وكذا نفقاً آخر غرب مدينة رفح كان مخزناً به كميات من المواد المتفجرة.

على الحدود الغربية نفذ سلاح الجو المصري على مدار يومين سلسلة من عمليات الاستهداف والتتبع لـ 15 سيارة دفع رباعي كانت محملة بذخائر مهربة من ليبيا.


الشرطة المصرية كان لها نشاط كبير في ما يتعلق بالمحافظات المصرية، فنفذت مداهمة أمنية في قرية البصارطة بمحافظة دمياط أقصى شمالي مصر عثرت خلالها أثناء البحث عن أحد المطلوبين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة على نفق كان مخزناً فيه كميات من الذخائر والمتفجرات، وتعد هذه القرية من معاقل جماعة الإخوان وتكرر ذكرها كثيراً في بيانات المجموعات المسلحة المحسوبة على الجماعة مثل لواء الثورة وحركة حسم. هذه الأخيرة قامت بتبني عملية تمت في شهر آذار/مارس الماضي استهدفت فيها خفير شرطة في محافظة دمياط، وقد قتلت الشرطة في ما بعد أحد المتورطين في هذه العملية.


 أيضاً اشتبكت قوات الشرطة أثناء إحدى المداهمات مع 8 مطلوبين ينتمون لجماعة الإخوان على طريق سفاجا – سوهاج مما أسفر عن مقتلهم جميعاً. ونفذت حركة حسم أيضاً عملية استهدفت كميناً متحركاً للشرطة في دائرة قسم شرطة مدينة نصر بالقاهرة مما أسفر عن استشهاد ضابطين وأمين للشرطة.

وتستمر الشرطة في عمليات موسعة بدأتها منذ فترة في محافظة أسيوط جنوبي مصر وتستهدف فيها مناطق تواجد العناصر المطلوبة مثل مناطق القصير والحوطا وجزيرة الحواتكة.


كما نفذ الجيش المصري خلال هذه الفترة مناورتين، الأولى كانت بياناً عملياً بالذخيرة الحية تحت اسم "رعد27" لقوات المنطقة الغربية العسكرية، وكان لافتاً أن مناورات هذا العام كان مبنية على سيناريو حرب نظامية كاملة الأركان وليس تهديدات إرهابية محدودة النطاق كما كان في مناورات العام الماضي، كان التركيز الأساس في مناورات هذا العام على سلاح المدفعية والمدفعية الصاروخية والصواريخ الموجهة ضد الدروع سواء المطلقة من المروحيات أو من العربات، شهدت المناورات دخول قطع حربية تظهر لأول مرة في تسليح قوات المنطقة الغربية مثل التعديل المصري للمدفع الروسي D30 والذي فيه تم تحويله إلى مدفع ذاتي الحركة بعد تركيبه على الشاحنة الثقيلة URAL 4320، وأيضا التعديل الذي تم على نفس المدفع بتركيبه على الشاسيه المخصص للمدفع الأمريكي M109 وكذلك دخول دبابات M60 الأمريكية إلى الخدمة في هذه المنطقة بدلاً من دبابات T62 الروسية.


المناورة الثانية كانت تفتيشاً للجاهزية والاستعداد للفرقة التاسعة المدرعة التابعة للمنطقة المركزية العسكرية.

اخترنا لك