هل تغامر تركيا بالتدخل العسكري في سوريا؟

موسكو تشتبه بأن أنقرة تعد لعمل عسكري في سوريا. الكلام الروسي يأتي بعد أيام على نشر صحيفة "اندبندنت" مقالاً ألمحت فيه إلى عدم استبعاد إقدام تركيا على هذه الخطوة في ظل تقدم الجيش السوري وحلفائه عند حدودها الجنوبية وما يعني ذلك من احتمال إغلاق هذه الحدود.

كوكبرن: الحملة التي قادها أردوغان من أجل إسقاط الأسد اقتربت من الهزيمة
قبل أيام طرح الكاتب البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط باتريك كوكبرن السؤال التالي "هل تقامر تركيا بالتدخل العسكري في سوريا؟". السؤال جاء غداة اتهام أنقرة مجدداً طائرة روسية باختراق مجالها الجوي وبالتزامن مع تقدم الجيش السوري وحلفائه في الشمال السوري. اليوم مع إعلان موسكو اشتباهها بأن أنقرة تعد لعمل عسكري في سوريا لنا عودة إلى سطور هذا المقال الذي نشر في صحيفة "اندبندنت" الأحد الماضي وما جاء فيه من احتمال حصول هذا التصعيد التركي.
مما كتبه باتريك كوكبرن:

قبل شهر من إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية التي اتهمتها باختراق مجالها الجوي، حذرت الاستخبارات العسكرية الروسية الرئيس فلاديمير بوتين من أن هذا الأمر كان مخططاً له من قبل تركيا. دبلوماسيون مطلعون على الأحداث يقولون إن بوتين استبعد التحذير، على الأرجح، لأنه لم يعتقد أن تركيا يمكن أن تجازف بدفع روسيا نحو تدخل عسكري أعمق في الحرب السورية.
إسقاط طائرة روسية للمرة الأولى من قبل قوة في حلف شمال الأطلسي منذ الحرب الكورية هام لكونه يظهر إلى أي مدى يمكن أن تصل تركيا من أجل الحفاظ على موقعها في الحرب المستعرة عند الجهة الجنوبية من حدودها مع سوريا والممتدة على طول 550 ميلاً.
هذا الحدث اليوم في غاية الأهمية لأنه بعد شهرين على وقوعه تواجه تركيا تطورات في الشمال السوري تشكل تهديداً لمصالحها، أكبر بكثير مما شكله ذلك التوغل السريع في مجالها الجوي. 

(..) إن التطورات في الأشهر القليلة المقبلة ستحدد الرابحين والخاسرين في المنطقة لعقود. قوات الرئيس السوري بشار الأسد تتقدم على عدة جبهات تحت الغطاء الجوي الروسي. الحملة العسكرية التي قادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مدى خمس سنوات لإسقاط الاسد في دمشق من خلال دعم المعارضة المسلحة تبدو قريبة من الهزيمة.

يمكن لتركيا أن ترد على ذلك من خلال القبول بالأمر الواقع، إدراكاً منها بصعوبة إرسال جيشها إلى الشمال السوري في ظل الاعتراضات الشديدة من قبل روسيا والولايات المتحدة. أما إذا كان البديل من ذلك الفشل والذل فإنها قد تقدم على هذه الخطوة. 

في هذا الاطار قال جيرار شايان الخبير الفرنسي في حرب العصابات والسياسة في الشرق الاوسط خلال زيارة إلى أربيل الاسبوع الماضي "لو لم يكن أردوغان هو من يقود تركيا لكنت قلت إن الأتراك لن يتدخلوا عسكرياً في شمال سوريا لكن طالما أنه القائد أعتقد أنهم سيفعلون ذلك".

من المعروف عن أردوغان أنه يجازف رغم المخاطر كما فعل العام الماضي حين فشل في الحصول على أغلبية في البرلمان. إذ استغل المواجهة الجديدة مع الكرد الأتراك وتفتيت خصومه من أجل الفوز في الانتخابات المبكرة في تشرين الثاني/ نوفمبر. التدخل العسكري المباشر في سوريا سيكون محفوفاً بالمخاطر لكن شايان يعتقد "أن تركيا قادرة على القيام بذلك عسكرياً في سوريا ولن تردعها روسيا". بالتأكيد إن الأمر لن يكون سهلاً. لموسكو طائرات في الأجواء وصواريخ مضادة للطائرات على الأرض ولدى بوتين على الأرجح فكرة واضحة عن حدود التدخل العسكري الروسي في سوريا.

إذا لم يكن هناك تدخل تركي على نطاق واسع عندها فإن الأسد وحلفاءه سيربحون لأن التدخل الروسي والإيراني وتدخل حزب الله من شأنه ترجيح الكفة لصالحهم. إن ترويكا الدول السنية الإقليمية (السعودية وقطر وتركيا) فشلت حتى الآن بالإطاحة بالأسد من خلال دعم المعارضة السورية. وحماسها للقيام بذلك يبدو تحت الضغط. في ظل واقع السعودية الاقتصادي وانغماسها في حرب اليمن وسياسة قطر الخارجية العبثية وفق ما يقول أحد المراقبين، (...) تبدو تركيا القوة الإقليمية الأخيرة التي قد تقلب الأحداث في سوريا من خلال التدخل العسكري وهو التطور الذي لا يمكن استبعاده في حال أغلقت الحدود السورية التركية. لكن عدا ذلك فإن الصراع بات مدوّلاً بشكل كبير بحيث أن الولايات المتحدة وروسيا هما فقط القادرتان على إنهائه.

  

اخترنا لك