أطفال سابقون انتزعتهم فرنسا من آبائهم يعودون إلى جزيرة لاريونيون

بعض "أطفال لاكروز" يعودون إلى ديارهم في المحيط الهندي، بعد أن نفتهم فرنسا عنها ضمن مشاريعها الاستعمارية هناك.

  • سكان محليون يحتفون بـ
    سكان محليون يحتفون بـ"الأطفال السابقين" العائدين في زيارة لجزيرة لاريونيون. (أ ف ب)

تقول ديزي جامان إنّ "رؤية جزيرتي مرة أخرى أمر رائع"، وذلك بعد عودتها إلى لاريونيون الواقعة في المحيط الهندي مع نحو 50 شخصاً نقلوا منها قسراً، من أجل "إعادة تعمير" المنطقة التي تعد من أراضي فرنسا ما وراء البحار.

يسمى هؤلاء "أطفال لاكروز"، وهو اسم دائرة ريفية في وسط فرنسا. وكانت إدارة الخدمات الاجتماعية انتزعت ألفي طفل من أهاليهم في لاريونيون يين 1962 و1984، ونقلت قسراً معظمهم إلى لاكروز على بعد عشرة آلاف كيلومتر في إطار عملية نفذها مكتب تنمية الهجرة في مناطق ما وراء البحار (بوميدوم).

كان الآباء مقتنعين أنّ أطفالهم سيغادرون من أجل مستقبل أفضل، وسيعودون بانتظام إلى لاريونيون. لكن في الواقع لم يعد معظمهم إلى الجزيرة الفرنسية ولم يتمكنوا من رؤية أهلهم مرة أخرى.

كانت ديزي جامان (60 عاماً) من بين 47 شخصاً قاموا بهذه الرحلة التي تستمر  أسبوعين على الأقل وينظمها اتحاد الأطفال المنتزعين من مناطقهم، أي محافظات وأراضي ما وراء البحار.

يأتي بعضهم إلى الجزيرة للمرة الأولى ويجدون صعوبة في الحديث من شدة انفعالهم.

رحّلت إدارة الخدمات الاجتماعية ديزي جامان في منتصف ستينيات القرن الماضي، عندما كانت في التاسعة من عمرها ويتيمة، مع شقيقتين لها.

وهي تتذكّر بتأثر: "وصلنا إلى هناك (فرنسا) في جو بارد بفساتين صيفية".

فصلت ديزي عن شقيقتيها ولم تلتق بإحداهما إلا بعد 56 عاماً. وقد استغرق تعارفهما من جديد بعض الوقت ثم عادتا معاً إلى الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي.

وتؤكد ديزي جامان أنّها ما زالت تنتظر اعتذاراً رسمياً من الدولة "لتسبّبها في معاناة الكثير من الأطفال الأبرياء".

سوء معاملة واستغلال 

كان مصير هؤلاء الأطفال في أغلب الأحيان مؤلماً، ووقعوا ضحايا سوء معاملة واستغلال من قبل الأسر التي استقبلتهم.

هذا ما حصل لجاك دالو  جاك دالو (71 عاماً) الذي انتزع من والده في 1965، وهو في الرابعة عشرة من عمره، ولم يره بعد ذلك.

وقال جاك دالو: "عملت مثل عبد" بعدما وضع في مزرعة في لاكروز، مؤكداً أنه تعرّض "للاستغلال وسوء المعاملة". 

وأتيحت له فرصة للعودة مرات عديةة إلى ريونيون. وقال: "ما زالت إعادة الإعمار صعبة" مع أنّه يعتبر أنّ "الأسوأ أصبح وراءه". 

مارلين أوليدي (53 عاماً) هي أيضاً من هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء من قبل أسرهم الحاضنة، فقد خطفت من والديها في 1971 عندما كان عمرها تسعة أشهر. وقالت: "لا يمكننا زرع طفل بهذه الطريقة. هذا نفعله بنبتة أو زهرة ولكن ليس مع إنسان". 

ودانت عنف العائلات بالتبنّي. وقالت: "تربيت على اللكمات وأجبروني على تناول البراز ولم يكن هناك إشراف من جانب المختصّين الاجتماعيين".

وعندما بلغت من العمر 25 عاماً، علمت أنّ والديها البيولوجيين يبحثان عنها. وسمحت لها رسالة من مديرية الصحة والشؤون الاجتماعية بالعثور عليهما.

وعادت مارلين أوليدي عام 1999 إلى ريونيون، حيث التقت والدتها وإخوتها وأخواتها. لكن والدها كان قد توفي عام 1983. 

وقالت: "أطالب بتعويض وبإيصال صوتنا إلى الرئاسة الفرنسية". وأضافت: "حان الوقت لذلك. سنختفي الواحد تلو الآخر قريباً". 

وفي 2014، تبنت الجمعية الوطنية قراراً اقترحته إيريكا باريغتس، النائبة الاشتراكية عن لاريونيون، يعترف بـ "المسؤولية الأخلاقية" للدولة الفرنسية عن هؤلاء المنفيين القسريين. 

ويطلب "أطفال لاكروز" أيضاً "بتعويض مرتبط بالذاكرة". 

وقالت فاليري اندانسون الناطقة باسم اتحاد الأطفال المنتزعين من جذورهم: "يجب أن يكون هناك مكان للذاكرة في لاكروز، وأن يُدرس تاريخنا في الكتب المدرسية".

اخترنا لك