اشتراكيو ألمانيا يفوزون.. فهل يفرّط المحافظون بمنصب المستشارية؟

نتئاج الانتخابات البرلمانية الألمانية تُظهر تقدّم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فكيف سيؤثّر ذلك في التشكيلة الوزارية المقبلة، وهل سيخسر الحزب الديمقراطي المسيحي موقع المستشارية بعد 16 عاماً من الحُكم؟

  • اشتراكيو ألمانيا يتقدمون لكن المحافظين لن يفرّطوا بموقع المستشارية
    ستغادر أنجيلا ميركل منصب المستشارية خلال أسابيع أو أشهر ليحلّ مكانها مستشار جديد

كرّست نتائج الانتخابات الألمانية الأخيرة عودة الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى صدارة المشهد السياسي في البلاد. ففي فوزه بنسبة 25,7% من الأصوات، تخطى توقعات البعض التي أفادت بأن يصبح هامشياً تماماً في الحياة السياسية الألمانية، بعد نجاحه في إخماد خلافاته الداخلية، واغتنام تعثُّر المحافظين في أواخر عهد المستشارة أنجيلا ميركل، معيداً في ذلك خلط الأوراق، الأمر الذي يهدّد بخسارة المحافظين موقعَ المستشارية بعد 16 عاماً من شغله.

يُعتبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أقدم هيئة سياسية في البلاد، ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1875. وكان مُنع من العمل السياسي خلال الحكم النازي، لكن بعد الحرب العالمية الثانية احتل الحزب مكانه الطبيعي في المعارضة كأول قوة سياسية حتى تاريخ 1966، وهو تاريخ دخوله ائتلافاً حكومياً مع حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، ثم تمكّن في عام 1969 من كسب منصب المستشار، وكان غيرهارد شرويدر آخر المستشارين الألمان عن هذا الحزب.

بصورة عامة، يصوّت للحزب الاشتراكي الديمقراطي عادة ناخبون ينتمون إلى الطبقة العاملة، وخصوصاً تلك التي تمارس أنشطتها في المعامل. كما يمنحه صوتَه جزءٌ مهم من الطبقة الوسطى، على غرار الأحزاب الاشتراكية في أوروبا، وهي فئة تشكّل في كثير من الحالات أعمدة الحزب وكوادره، التي تخوض باسمه المعارك السياسية في البلاد.

لكن تقدّم الحزب الاشتراكي الديمقراطي على حزب ميركل، أي الحزب الديمقراطي المسيحي، لا يعني أنّ السباق على منصب المستشارية بات محسوماً، بل لا يزال مفتوحاً على عدة سيناريوهات، وخصوصاً فيما يتعلق بالتحالفات اللازمة لتشكيل ائتلاف حكومي.

ويستعدّ الحزبان الديمقراطي الحر وحزب الخضر للمشاورات الأولى لتشكيل ائتلاف حزبي يقود أوّل حكومة في عهد ما بعد ميركل. ويرغب كلٌّ من زعيم الحزب الاشتراكي أولاف شولتز، وزعيم الديمقراطيين المسيحيين أرمين لاشيت، في إجراء محادثات مع هذين الحزبين من أجل تحالف حكومي محتمَل.

وبسبب ضِيق الفارق في النتائج، تبرز الحاجة إلى تحالف من 3 أحزاب لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر غير مسبوق منذ خمسينيات القرن الماضي. وبالتالي، يمكن القول إنّ المحافظين، على الرغم من حلولهم في المرتبة الثانية، فإنّهم ما زالو يحتفظون بإمكان تشكيل تحالف مع حزب الخضر والحزب الديموقراطي الحر. وهذا الأخير أشار بوضوح، في وقت سابق، إلى أنّه يفضّل التحالف مع المحافظين، لا مع يسار الوسط (الاشتراكيين). 

إذاً، أرسلت صناديق الاقتراع رسائل إلى  الحزب الديمقراطي المسيحي تفيد بأنّ الألمان راغبون في التغيير، وهذا ما عبّر عنه زعيمه أرمين لاشيت، الذي قال إنّ النتيجة "لا يمكن - ولا يجب - أن تُرضي التحالف المسيحي"، مقرّاً  بالخسائر المؤلمة التي قد وقعت، الأمر الذي يستدعي "تجديداً في كل المستويات في التحالف المسيحي، سواء أكان سيشارك في حكومة ائتلافية، أم لا".

ستحسم خريطة التحالفات المقبلة مستقبل الحكومة الجديدة، التي قد تستغرق المفاوضات بشأن تشكيلها فترة طويلة، إذ لا ينص القانون على سقف زمني محدَّد لها. وتجري المفاوضات على كل تفاصيل توزيع السلطة. ويفتتح مفاوضاتِ تشكيل الحكومة مرشحُ الحزب الذي حاز أكبر عدد من الأصوات لمنصب المستشار، ويمكن لذلك المرشح اختيار الأحزاب التي يريد تشكيل الحكومة معها.

كذلك، ستحدد التحالفات اسم المستشار المقبل، بحيث ينظر رئيس الدولة، بصفته صاحب أعلى منصب في ألمانيا، إلى عدد المقاعد التي يمتلكها كل حزب في البرلمان المنتخَب، ثم يقترح اسم صاحب الحظ الأوفر في انتخابه مستشاراً من جانب النواب. وبالتالي، فإنّ انتخابه يتطلّب الأغلبية التي لم تتحقَّق في صناديق الاقتراع، وإنما ستُنتجها التحالفات الجديدة. 

اخترنا لك