السودان: 85% من مصانع الخرطوم دمرت.. والحديث عن مجاعة غير منطقي

وزير التجارة والتموين السوداني يؤكد أن "السودان لن يجوع بالرغم من تدمير 85% من المصانع بولاية الخرطوم"، ووزير المالية يقول إن حديث الغرب عن عدم قدرته على إيصال المساعدات للسودان "أكاذيب"، وإن الحديث عن مجاعة وشيكة "غير منطقي".

  • السودان: 85% من مصانع الخرطوم دمرت.. والحديث عن مجاعة غير منطقي
    استهداف المصانع والبنى التحتية في السودان نتيجة الحرب القائمة بين الجيش و"الدعم السريع"

أكد وزير التجارة والتموين السوداني، الفاتح عبد الله يوسف، أن السودان لن يجوع بالرغم من أن 85% من المصانع في ولاية الخرطوم تعرّضت للتدمير.

وقال في تصريح صحافي إنه في ظل الظروف الحالية يؤدّي الاقتصاد الزراعي الريفي الموازي دوراً مهما في مجال التنمية الزراعية والريفية المستدامة في زيادة إنتاج الأغذية، إلى جانب أهمية الزراعة والثروة الحيوانية في تأمين احتياجات المواطنين السودانيين. 

وأشار إلى أن "بعض المناطق التي حصلت فيها حركة نزوح بسبب الصراع الدائر شهدت زيادة في مجال الزراعة".

وأضاف أن المناطق التي تمت زراعتها وحصادها أنتجت ما يقارب "6 ملايين طن من الحبوب المتنوعة"، وأكد أن المحصول المتوفر يكفي حاجة المواطنين للاستهلاك المحلي ويزيد.

كما أوضح أن المساحات الزراعية المتاحة للاستغلال في ولاية الجزيرة تقلّصت إلى 500 ألف فدان (ما يعادل 2.1 مليون كيلو متر مربع) بعدما كانت تصل إلى مليون فدان (ما يعادل 4.2 ملايين كيلو متر مربع).

وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني: الحديث عن مجاعة وشيكة في السودان غير منطقي 

من جهته، أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني، رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، أن اتفاقية تطوير ميناء "أبو عمامة" مع الإمارات لم تعد ملزمة للسودان.

وقال: "الذهب الذي يصدّر حالياً للإمارات هو عن طريق القطاع الخاص، وما زلنا نبحث عن بدائل أخرى".

وأضاف جبريل في حديث لشبكة "بي بي سي" البريطانية أن "الحكومة السودانية غير معنية بنتائج مؤتمر باريس، وأنّ الغربيين يربطون العمل الإنساني بالأجندة السياسية".

وأشار المسؤول السوداني إلى أن "المجتمع الغربي تجاهل الأزمة في السودان"، وأن حديثهم عن "عدم قدرتهم على إيصال المساعدات مجرد أكاذيب، والحديث عن مجاعة وشيكة في السودان غير منطقي والإنتاج الزراعي وفير".

كما أكد إبراهيم أن الحكومة الحالية تتبع وتطبّق سياسة "التقشّف"، وأن "بعض الوزراء يستخدمون وسائل النقل الشعبية"، وأن مرتّباتهم "لا تصل لمبلغ الـ400 دولار".

وطالب وزير المالية الرئيس الأسبق، عمر البشير، ومعاونيه بتسليم أنفسهم لمحكمة الجنايات الدولية لتبرئة ساحتهم.

وأكد أن حزبه (حركة العدل والمساواة) لم يتعرّض لضغوط من جانب الجيش للانضمام إليه لقتال قوات "الدعم السريع"، مشدّداً على أنه "لن يحدث قتال في دارفور على أساس عرقي وقبلي، والإقليم لن ينفصل عن السودان".

وزير الإعلام: "مؤتمر باريس" هدفه إلغاء سيادة الدولة وتحقيق مصالح فرنسا في غرب أفريقيا

 وفي سياق متصل، قال وزير الثقافة والإعلام في الحكومة السودانية، جرهام عبد القادر، إن "ما يجري في السودان والقرن الأفريقي والشرق الأوسط من أحداث يهدف إلى تجويع الإنسان وقهره وانتزاعه من قيمه".

واعتبر عبد القادر، في كلمة له خلال ورشة حوارية في مدينة بورتسودان، أمس الثلاثاء، أن "تجمّع باريس لديه مصالح في إلغاء سيادة الدولة للبحث عن مصالحه، وبالتالي يتّخذ المواطن ذريعة وهو الذي شُرّد وهُجّر بهجوم الدعم السريع".

وأضاف: "فرنسا تواجه معضلات سياسية في غرب أفريقيا وفقداناً لعناصر القوى الاقتصادية التي كانت تمدّ أوروبا وفرنسا بالحديد واليورانيوم وظلّت تبحث عن موطئ قدم لها في السودان".

كما لفت عبد القادر إلى أنه تم "رصد وتوثيق التخريب الذي طال التراث الثقافي للسودان"، موضحاً أن "ما جرى في السودان ليس تمرّداً بل هو تخريب للبنية الثقافية والاجتماعية وقوى الدولة ما يقود إلى تهجير المواطن السوداني الأصلي واستبداله بآخرين".

بالأرقام.. حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد السوداني بعد عام من الحرب

إلى ذلك، ذكر موقع "دارفور 24" السوداني أنه وبحسب تقارير وبيانات رسمية محلية ودولية بشأن حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد السوداني، بعد عام من بدء الحرب، فإن الإيرادات العامة تراجعت بأكثر من 80% بالنسبة إلى حجم النشاط الاقتصادي لولاية الخرطوم والذي توقّف تماماً خلال عام الحرب.

وأشارت التقارير والبيانات إلى أنّ خسارة الحكومة لجزء مهم من الضرائب والرسوم والعوائد ما زالت مستمرة، حيث قُدّرت الخسائر في إجمالي الرصيد الرأسمالي للسودان، مثل البنية التحتية الإنتاجية، الطرق، المصانع، المطارات وغيرها، بنحو 180 مليار دولار، في حين يُقدّر الرصيد الرأسمالي للسودان الإجمالي بنحو 600 مليار دولار وفقاً لموقع "دارفور 24".

وكان الميزان التجاري في السودان سجّل عجزاً قياسياً بنهاية العام 2022، حيث بلغ نحو 7 مليارات دولار، بسبب انخفاض حصيلة صادرات الذهب بمعدل 29% مقارنة بعام 2021 بسبب عدم الاستقرار في البلاد.

ويعتبر الذهب من أهم الموارد في هيكل الصادرات السلعية غير البترولية في السودان وشكّل نحو 50% من إجمالي الصادرات في 2022.

وخلال 4 أشهر ونصف الشهر فقد السودان مقدار 760 مليون دولار كحواصل قيمة صادرات الذهب، حيث فقدت البلاد 85% من الإيرادات، بحسب ما أفادت تقارير "الشركة السودانية للموارد المعدنية".

ويضيف الموقع، نقلاً عن "الغرفة القومية للمصدّرين"، قولها إن الصادرات الأخرى التي تشمل المحاصيل النقدية مثل منتجات السمسم، والفول السوداني، والقطن والصمغ العربي بلغت بين شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر من العام 2023 ما يقارب 250 ألف دولار فقط.

ومن المتوقّع أيضاً أن تقلّ المساحة المتوقّع أن تتم زراعتها بنسبة 20%، بعد فشل الموسم الزراعي الصيفي والموسم الشتوي، بسبب مشاكل التمويل، ومدخلات الإنتاج والعمالة والوقود ومشاكل الري، ومع غياب الدعم الحكومي.

ويستبعد خبراء إمكانية التزام الحكومة بتقديم تمويل للقطاع الزراعي بسبب إغلاق المصارف وعمليات النهب الواسعة التي تعرّضت لها عطفاً على الخسائر الناجمة عن استمرار الإغلاق وتكبّد القطاع المصرفي أكبر خسائر في الحرب الاقتصادية حتى الآن، نظراً لأن جميع رئاسات المصارف تقع في مدينة الخرطوم، إضافة إلى تعرّض ما يقارب 100 فرع من المصارف العاملة في السودان للنهب والسرقة والتدمير التام، معظمها في ولاية الخرطوم.

وبحسب "المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية" فمن المتوقّع أن ينكمش نمو القطاع الصناعي بشكل كبير بسبب الحرب وتدمير البنية التحتية، ولا سيما بولاية الخرطوم التي لها الثقل الأكبر في الصناعة بنحو 85%، في حين بلغت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 21% فقط في 2022 .

وبالنسبة إلى معدلات التضخّم في السودان، خلال شهر شباط/فبراير 2023، فقد انخفضت بشكل ملحوظ وبلغت 63.3% مقارنة بمعدل 83% في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، بسبب الاستقرار النسبي لسعر الصرف.

بينما لم تتوفّر بيانات منذ ذلك الوقت بسبب الحرب، وصعوبة احتساب التضخم الذي يتطلّب إجراء مسح للأسواق.

ووفق "صندوق النقد الدولي" يُقدّر حجم التضخّم في نهاية 2023 بنحو 256.2% نتيجة تداعيات الحرب السلبية.

كما أن بنك السودان المركزي، بحسب منشور السياسات الصادر عنه في كانون الثاني/يناير 2024، استهدف معدل تضخم بنهاية 2024 في المتوسط بنحو 155.4% وهو أقل مقارنة بالمتوسط المسجّل في 2023.

كذلك، تمثّل القوى العاملة في السودان نحو 11% من إجمالي السكان، وتشير التقديرات الرسمية إلى أن مليون موظف في القطاع العام تقريباً لم يستلموا رواتبهم منذ أيار/مايو 2023، في حين تجاوزت تعويضات العاملين وفق موازنة 2023 نسبة 30% من إجمالي الإنفاق الكلي.

أما الوضع في القطاع الخاص فيبدو أنه أكثر تعقيداً، إذ يواجه نحو 2.3 مليون موظف تحديات جمّة، حيث فقد معظمهم وظائفهم، بسبب توقّف الشركات عن العمل، وكذلك بسبب توقّف نحو 60% من المصانع، و53% من شركات الأغذية توقّفاً تاماً.

كما أدت الحرب إلى تداعيات خطرة على التوظيف وفرص العمل والمعيشة ما انعكس على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وقد شهدت نحو 38% من الأسر الريفية تحوّلاً في الأنشطة المدرّة للدخل، ولا سيما تلك المتأثّرة بالحرب بشكل مباشر.

ويشير تقرير البنك المركزي المنشور إلى أن الحرب في السوادن تسبّبت بخسارة 5.2 ملايين وظيفة لناحية فرص العمل، وفقدان الوظائف، وارتفاع معدلات البطالة، ما يوزاي نصف القوى العاملة في البلاد تقريباً، من جراء الانكماش الذي طال القطاعات الحيوية مثل الصناعة، والخدمات، والزراعة.

ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي لشهر تشرين الأول/أكتوبر 2023 فإن معدل البطالة في السودان ارتفع من 32.1% بنهاية 2022 إلى 46% في 2023 ومن المتوقّع أن يرتفع إلى 47.2% في 2024.

ونتيجة لكلّ ذلك، فقد تأكّلت قيمة العملة الوطنية بنحو 56%، وتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار من 580 جنيهاً قبل اندلاع الحرب إلى 1300 جنيه، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في ارتفاع السلع والخدمات الأمر الذي فاقم الأزمة المعيشية للمواطنين.

منتصف نيسان/أبريل تندلع مواجهات عنيفة في الخرطوم وعدة مدن سودانية، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتفشل الوساطات في التوصل لهدنة بين الطرفين.

اخترنا لك