المشهد | لماذا تخشى الولايات المتحدة التقارب الروسي الهندي؟

وجَّه التقارب الروسي الهندي ضربة موجعة للجهود الأميركية الرامية للحد من النفوذ الصيني، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.

  • المشهد | لماذا تخشى الولايات المتحدة التقارب الروسي الهندي؟
    تأتي الاتفاقيات العسكرية بين موسكو ونيودلهي بالرغم من التحذيرات الأميركية التي وُجّهت للهند.

وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشكر إلى نظيره الهندي ناريندرا مودي على كرم الضيافة الَّذي حظي به الوفد الروسي أثناء الزيارة الرئاسية إلى نيودلهي في 6 من الشهر الجاري.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفيّ بين الجانبين، ناقشا فيه "الجوانب العمليّة لتطبيق الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، والاهتمام المتبادل بمواصلة التطوير الشامل لعلاقات الشراكة الاستراتيجية المميزة". 

المشهد 

يأتي الاتصال الهاتفي عقب  زيارة قام بها بوتين إلى الهند، أُبرمت خلالها عدة اتفاقيات، أبرزها اتفاقية تزويد الهند بـ15 مليون برميل من النفط الخام الروسي، إلى جانب 27 صفقة استثمارية أخرى في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات والصلب وبناء السفن.

في الجانب العسكريّ، ستنتج الهند بموجب الاتفاقيات ما لا يقل عن 600 ألف بندقية من طراز "كلاشينكوف"، فيما يجري تنفيذ عقد بين الجانبين، تتزوَّد بموجبه نيودلهي بمنظومات "أس 400" الروسية للدفاع الجوي.

تأتي هذه الاتفاقيات العسكرية رغم التحذيرات الأميركية التي وُجّهت إلى الهند، فيما تواصل الأوساط الأميركية الاهتمام بـ"الانقلاب الدراماتيكي" الذي يقوم به بوتين، والذي يتناقض مع توقعات واشنطن حول مدى نجاح استراتيجيتها المضادّة للصين وروسيا. 

بين السّطور

· حسم التقارب الأخير بين روسيا والصين الموقف الغامض حول طبيعة العلاقات بين البلدين في جغرافيا سياسية متغيرة، إذ جاء عقب الكثير من التكهّنات حول طبيعة العلاقة، وإذا ما كانت تتراجع بسبب تقارب روسيا مع الصين من جهة، والهند مع الولايات المتحدة من جهة أخرى.

· وعلى الرغم من أنَّ حجم التبادل التجاري بين الهند وروسيا لا يتجاوز  11 مليار دولار، فيما تبلغ تجارة الهند مع الولايات المتحدة  146 مليار دولار، فإنَّ تقارب موسكو ونيودلهي يهدّد جوهر استراتيجية واشنطن في مواجهة روسيا والصين.

· تشكّل الهند حجر الزاوية في الاستراتيجية الأميركية. وبناءً على ذلك، لا تملك واشنطن الكثير من الخيارات إزاء القرار الهندي بالمضي قدماً في صفقة شراء منظومة "أس 400"، إذ تخشى الولايات المتحدة ابتعاد الهند في حال فرضت عليها عقوبات، على غرار ما فعلته مع تركيا. من جانب آخر، لا ترغب الولايات المتحدة في تغطية حجم الاعتماد الهندي على السلاح الروسي، والذي يبلغ 58%، وفقاً لبيانات معهد "SIPRI".

· في ما يتعلَّق بالصّين، عوّلت الولايات المتّحدة كثيراً على الاشتباك الحدودي بين الصين والهند في أن يؤدي إلى اتخاذ نيودلهي سياسة أكثر عدوانية تجاه بكين، بما يجعلها تتبنى المقاربات الاستراتيجية الأميركية للحدّ من النفوذ الصيني، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، لكن التقارب الروسي الهندي وجَّه ضربة موجعة إلى هذه الجهود.

· تستند الولايات المتحدة إلى  تقديرات بأن تستحوذ الهند على النصيب الأكبر من نمو الطلب العالميّ على الطاقة بحلول العام 2040، متجاوزةً الصين. وعبر تحالف رباعي ضمّ، إلى جانب الولايات المتحدة والهند، كلاً من "إسرائيل" والإمارات، سعت واشنطن لجعل الهند أكبر مستهلك للنفط في الشرق الأوسط، بهدف تقويض مكانة الصين في المنطقة، لكنَّ الاتفاقيات الروسية الهندية، وبالتحديد في قطاع الطاقة، ستؤدي إلى تقليل اعتماد الهند على نفط الشرق الأوسط.

ما هو المقبل؟

رغم التوتّر الَّذي يحكم العلاقات الصينية الهندية، تخشى الولايات المتحدة أن يمثل التقارب الهندي الروسي إعلاناً عن اعتماد نيودلهي سياسة خارجية أكثر استقلالاً وتوازناً.

تدفع استراتيجية الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، في إطار مواجهتها للصين، بعض الحلفاء إلى تبني سياسة تضع المصالح الاقتصادية في الأولوية، فيما تحاول السير بتوازن بين القوى الكبرى الإقليمية والدولية.

اخترنا لك