بولسنارو.. عهد من الانتكاسات ورفض للخسارة
فترة رئاسة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو المرشح لولاية ثانية لم تخل من الجدل، وقضايا اقتصادية واجتماعية فشل بالتعامل معها قد تجعله يخسر الانتخابات المقررة اليوم.
مسيرة رئيس البرازيل جايير بولسونارو المنتمي لأقصى اليمين لم تخل من الجدل، بدءاً من مسيرته في الجيش، حتى وصوله إلى سدّة الرئاسة عام 2019، وفترة رئاسته.
السياسي البرازيلي اليميني كان سابقاً نقيباً في الجيش وخدم فيه 17 عاماً. وبعد عام من تركه الجيش عام 1988، تم انتخاب بولسونارو لمقعد في مجلس مدينة ريو دي جانيرو. وبعد ذلك بعامين، فاز بمقعد يمثل ريو دي جانيرو في مجلس النواب الفيدرالي، والذي سيشغله لمدة سبع فترات متتالية. كما شغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع الوطني، وكان عضواً في لجنة حقوق الإنسان والأقليات وعضواً مناوباً في لجنة الأمن العام ومكافحة الجريمة.
لاقى بولسونارو عام 1986 انتقادات واسعة عندما كتب مقالاً انتقد فيه نظام رواتب الجيش. هذا الموقف العلني لاقى إدانة من رؤسائه، لكن احتفل به زملاؤه الضباط وعائلات الجيش.
وعُرف بولسونارو بتأييده للحكم العسكري، ودعا مراراً إلى عودته، وكان مدافعاً عن القيم الاجتماعية التقليدية، ووصفه النقاد بأنّه كاره للنساء، وعنصري.
وفي ظل أكبر فضيحة سياسية في تاريخ البرازيل (بتروبراس)، التي كشفت غرق غالبية السياسيين الرئيسيين في البرازيل في مزاعم الفساد، شن بولسونارو حملة شعبوية سعت للاستفادة من خيبة أمل البرازيليين الواسعة النطاق من المؤسسة السياسية والفساد المستشري، وقدم بولسونارو نفسه في حينها على أنّه مرشح متمرد مناهض للمؤسسات.
في أيلول/سبتمبر 2018، في أثناء حملته الانتخابية، تعرّض بولسونارو للطعن، وتطلبت جروحه إجراء عملية جراحية لإنقاذ حياته، وبعد ذلك اضطر إلى القيام بحملة من سرير المستشفى ثم في المنزل. ومع ذلك، كان بولسونارو قد أسس بالفعل وجوداً قوياً على وسائل التواصل الاجتماعي، وجذب أكثر من 5.2 مليون متابع على فيسبوك وما يصل إلى مليون مشاهد لبعض منشورات الفيديو الخاصة به.
قرار إزالة غابات الأمازون، والتعامل جائحة كورونا، جعلا بولسنارو عرضة للانتقادات واسعة النطاق. وبفعل ذلك، تظاهر الآلاف مراراً، وخرجت تظاهرات أخرى احتجاجاً على غلاء المعيشة، والبطالة وارتفاع أسعار الوقود. وأظهرت استطلاعات الرأي، في وقت سابق، أنّ الناخبين يحمّلون الرئيس اليميني المتطرف الذي يسعى لإعادة انتخابه في الانتخابات، التي تجري اليوم الأحد، مسؤولية التضخم وما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
إزالة أشجار الأمازون والحرائق قضية أساسية في الانتخابات البرازيلية
أدّى دعم بولسونارو الرسمي لإزالة الغابات في منطقة الأمازون إلى جعله أقل شعبية على نطاق واسع. وغضت حكومة بولسونارو الطرف عن مخاوف قطع الأشجار غير القانوني من قطع الأراضي المحمية بشكل واضح ثم حرق الأشجار المتبقية لإفساح المجال لتربية الماشية والتعدين.
وفي شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس 2019، عندما اشتعلت حرائق الغابات في المنطقة بمستويات لم يتم الوصول إليها منذ حوالي 10 سنوات، كانت هناك ضجة داخل البرازيل ومن المجتمع الدولي الذي كان قلقاً بشأن تأثير الأضرار التي لحقت بها على تغير المناخ.
وأدّت الحرائق، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى إزالة الأشجار في نحو 7600 كيلومتر مربع من الغابات المطيرة. وما فاقم الوضع سوءاً، إظهار بولسونارو القليل من التعاطف مع السكان الأصليين الذين نزحوا بسبب إزالة الغابات والحرائق.
وذكرت وكالة أبحاث الفضاء الوطنية أنّه جرى، منذ كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو، إزالة 3988 كيلومتراً مربعاً آخر في المنطقة. وبحسب بيانات تم جمعها في تموز/يوليو الماضي، عبر الأقمار الاصطناعية، فقد قطعت نحو 18 شجرة في الثانية في غابة الأمازون في 2021.
التعامل مع جائحة كورونا
اتهم العديد من المراقبين بولسونارو بتضليل البلاد بشكل فاضح عندما يتعلق الأمر باستجابة البرازيل غير المستقرة وغير الكافية بشكل مأساوي لانتشار فيروس كورونا. فبعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي الجائحة عالمياً، بدأت حكومات الولايات في البرازيل في اتخاذ تدابير للوقاية من انتشار الفيروس، لكن تم تقويض هذه الجهود بسبب استجابة الحكومة الفيدرالية الباهتة، والتي استمدت إشاراتها من بولسونارو.
وقلل بولسونارو مراراً من خطر الفيروس، وسخر من ارتداء الأقنعة الذي وفر خط الدفاع الأول ضد انتشار الفيروس، وأوقف محاولات إغلاق عناصر من الاقتصاد لمحاولة احتواء أزمة الصحة العامة. ونتيجة لذلك، تعثر نظام الرعاية الصحية البرازيلي بسبب الجائحة التي أدت إلى وفاة ما يقارب 700 ألف شخص.
وعندما أصيب الرئيس البرازيلي بالفيروس، واصل بولسونارو التفاعل مع الآخرين في الأماكن العامة من دون ارتداء قناع أو الحفاظ على مسافة اجتماعية. إضافة إلى ذلك، ادّعى أنه استفاد من تناول هيدروكسي كلوروكوين، وهو عقار لم يثبت فقط أنه غير فعال ضد الفيروس ولكن لديه أيضاً القدرة على إحداث آثار جانبية خطرة. هذا وتفاقم انتشار كورونا بسبب بطء تطبيق برنامج التطعيم في البلاد، الذي لم يدعمه بولسونارو الذي ادّعى أن اللقاحات تشكل مخاطر صحية.
بولسونارو: ترامب الاستوائي
قبل أشهر من الانتخابات المقرر إجراؤها اليوم الأحد، بدأ بولسونارو في محاولة زرع الشك في نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل، مدعياً من دون دليل أنه كان عرضةً للتزوير، وأشار إلى أنه قد لا يتعرف على نتائج الانتخابات، على غرار ما فعله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية وبعد صدور نتائج الانتخابات.
وجاءت عبارات قالها بولسونارو دليلاً إضافياً على أنّ الأخير قد يسير على نهج ترامب في تعامله مع الانتخابات حين رفض الاعتراف بخسارته انتخابات عام 2020، وأعطت إشارات بأنّه قد يرفض التخلي عن السلطة في حال خسر الانتخابات أمام منافسه الرئيس السابق اليساري لولا دا سيلفا، إذ قال إن "الله وحده يستطيع إبعادي عن كرسي الرئاسة"، وإنه يرى 3 بدائل لمستقبله: "السجن أو الموت أو الفوز بالانتخابات الرئاسية"، مشيراً إلى أن فرصة السجن مستبعدة لأنه "لا أحد على وجه الأرض" يستطيع تخويفه.
إضافة إلى ذلك، قال بولسونارو، أواخر يوليو/تموز الماضي، إن الجيش يقف إلى جانبه.
هذه التصريحات أثارت القلق، وتكهنات بأنه قد لا يتخلى عن السلطة بسهولة، وهو ما من شأنه أن يدخل دوامة الاضطرابات في أكبر بلد بأميركا اللاتينية، والبالغ عدد سكانه 216 مليوناً.
اقرأ أيضاً: مرشحان ونهجان.. الانتخابات البرازيلية تعيد ضبط السياسة الخارجية للبلاد