تقرير أميركي يكشف تفاصيل أطول اعتقال لضابطي استخبارات أميركيين في الصين

تقرير أميركي يؤكد أنه قبل 6 سنوات، فككت الحكومة الصينية بشكل منهجي عمليات التجسس التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية في البلاد بدءاً من عام 2010، وقتلت أو سجنت أكثر من 10 عملاء على مدار عامين، ما أدى إلى شلل في جمع المعلومات الاستخباراتية لسنوات مقبلة.

  • تقرير أميركي عن أطول عملية اعتقال لضابطي استخبارات أميركيين في الصين
    جاك داوني وريتشارد فيكتو، الذين سُجنا لمدة 19 عاماً في الصين، بعد عملية سرية فاشلة خلال الحرب الكورية، لحظة اعتقالهما

نشر موقع مجلة "Covert Action Magazine" الأميركي، في تقرير اليوم الثلاثاء، تفاصيل كتاب يروي قصة ضابطين من وكالة المخابرات المركزية، جاك داوني وريتشارد فيكتو، سُجنا لمدة 19 عاماً في الصين، بعد عملية سرية فاشلة خلال الحرب الكورية، موضحةً كيف عملت وكالة المخابرات المركزية على الإطاحة بجمهورية الصين الشعبية، بعد إنشائها في عام 1949.

ويشير التقرير إلى أنه قبل 6 سنوات، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنّ الحكومة الصينية "فككت بشكل منهجي عمليات التجسس التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية في البلاد بدءاً من عام 2010، وقتلت أو سجنت أكثر من عشرة مصادر على مدار عامين، وشلّت جمع المعلومات الاستخباراتية هناك لسنوات بعد ذلك".

وفي حين قد يعتبر المرء تصرفات الصين قاسية، إلا أنّ وكالة المخابرات المركزية تعمل عبثاً منذ عام 1949 للإطاحة بجمهورية الصين الشعبية، التي تأسست بانتصار الحزب الشيوعي الصيني، مع الزعيم الشيوعي الكبير ماو تسي تونغ، بحسب المجلة.

وبحسب كتاب لجون ديلوري، صدر عام 2022، بعنوان "عملاء التخريب: مصير جون تي داوني والحرب السرية لوكالة المخابرات المركزية في الصين"، يروي قصة اثنين من ضباط وكالة المخابرات المركزية، جاك داوني وريتشارد فيكتو، اللذين سُجنا لمدة تسعة عشر عاماً، بعد أن تمّ القبض عليهما في عملية سرية فاشلة في جبال تشانغباي الصينية، المتاخمة للحدود مع كوريا الشمالية، في تشرين الثاني/نوفمبر 1952، خلال الحرب الكورية.

وكان داوني خريجاً حديثاً من جامعة ييل من ولاية كونيتيكت، دفعة عام 1951، وفيكتو كان خريج جامعة بوسطن البالغ من العمر 27 عاماً، وقد قامت وحدة المخابرات المركزية بإدارة فرق عملاء القوة الثالثة الصينية خارج منشوريا، حيث كانت مهمتهم اختراق الصين الشيوعية وإثارة التمرّد داخلها.

وزعمت وكالة المخابرات المركزية في البداية أنّ داوني وفيكتو قد اختفيا في رحلة تجارية من اليابان إلى كوريا فوق بحر اليابان، بل وقاموا بعملية إنقاذ في مكان الحادث المزيف.

ويوضح التقرير أنّ وكالة المخابرات المركزية كانت تحاول تشكيل حزب ثالث ديمقراطي في الصين، بديل لكلّ من الحزب الشيوعي والكيومنتانغ (الحزب القومي)، اللذين كانا يعتبران عند الولايات المتحدة "وجهين لعملة واحدة"، بحسب تقرير المجلة، وذلك بالرغم من تعيين زعيم الكيومنتانغ، من قبل الولايات المتحدة، ليكون أول ديكتاتور لتايوان، على الرغم من أنه كان ينظر إليه في الأوساط الليبرالية على أنه إحراج سياسي، بسبب فساده ووحشيته.

اقرأ أيضاً: هل تسعى الولايات المتحدة إلى المواجهة مع الصين؟

ونشرت المجلة أنه "في الليلة المشؤومة لاعتقالهما، ركب داوني وفكتو في طائرة C-47، تديرها شركة الطيران المدني للنقل الجوي (CAT)، وهي شركة تغطية تابعة لوكالة المخابرات المركزية.

وكانت مهمة الطاقم استعادة العميل السري لي جون يينغ، الضابط في الكيومنتانغ والبالغ من العمر 44 عاماً، والذي تمّ تسليمه إلى الصين في آب/أغسطس بهدف الارتباط بفريق مكون من خمسة رجال، لإثارة ثورة مضادة ضدّ ماو تسي تونغ وجمهورية الصين الشعبية.

وكان لي قد فرّ إلى هونغ كونغ بعد هزيمة جيانغ في الحرب الأهلية الصينية، حيث جندته وكالة المخابرات المركزية في القوة الثالثة السرية، ثمّ نُقل إلى قاعدة سرية في جزيرة سايبان الواقعة غربي المحيط الهادئ، لتلقي تدريب شبه عسكري، قبل نقله إلى منشأة أخرى تابعة لوكالة المخابرات المركزية بالقرب من مطار البحرية الأميركية، خارج طوكيو.

وبحسب الكتاب المنشور، كان داوني وفكتو يخططان لاستخراج لي بجهاز يتضمن خطافاً يمزق خطاً بين قطبين منتصبين على الأرض، وكان لي متصلاً بالخط بواسطة حزام مثبت في حقيبته، وبمجرد أن يصطدم الخطافان، يندفع الوكيل في الجو، حيث كان على داوني وفكتو أن يصعدانه إلى الطائرة مثل الصياد والسمكة، ثم ينقله طيارو شركة الطيران إلى قاعدة أتسوغي، التابعة لوكالة المخابرات المركزية في اليابان، لاستخلاص المعلومات.

القوات الصينية نصبت فخاً لوكالة الاستخبارات المركزية

ولكنّ المهمة لم تنجح، فعندما اقتربت الطائرة، وجد لي في عهدة الاستخبارات الصينية، التي كانت بانتظارهم وكانت مهمتهم قد افتضحت، وخلص تقرير وكالة المخابرات المركزية بعد العملية إلى أن مهمة داوني كانت فخاً.

فعندما اقتربت الطائرة من الأرض ،واستعد داوني وفكتو لإسقاط خطافهما، فتحت هذه القوات النار على الطائرة، التي انحدرت إلى الأرض الصلبة، وتحطمت في بنك من الأشجار.

وقُتل طياران من شركة الطيران التابعة للوكالة، هما نورمان شوارتز، من لويزفيل كنتاكي، وروبرت سنودي، بينما خرج زميلهما من الحادث مع كدمات وخدوش فقط.

وتم التقاط هذه الصورة المشوشة (في الأعلى) في اللحظة التي تمّ فيها القبض على جاسوسي وكالة المخابرات المركزية متلبسين، بأيديهما خلف ظهريهما، في شتاء عام 1952 في الصين الحمراء، وهو الذي سيكون اليوم الأول من أطول فترة سجن لضباط المخابرات الأميركية من قبل حكومة أجنبية.

وبعد إلقاء القبض عليهما، قال أحد حراس الأمن الصينيين لفكتو وداوني بالإنكليزية إنّ "مستقبلكما مظلم للغاية"، وهو ما كان بالفعل، حيث تمّ استجواب الرجلين لمدة خمسة أشهر، ثم بقيا في السجن لمدة 19 عاماً، وعانيا من ظروف معيشية متقشفة، وحبس انفرادي وغير ذلك.

وبعد حملة طويلة من قبل أمهاتهما لتحريرهما، تمّ إطلاق سراح فكتو من الأسر في 1971، وداوني بعد ذلك بعامين، في 1973، بعد أن قام الرئيس ريتشارد نيكسون بزيارة الصين، وتحرك لتطبيع العلاقات الدبلوماسية في ظل سياسة الانفراج.

اقرأ أيضاً: "فورين بوليسي": صراع الولايات المتحدة مع الصين سيكون كارثياً

اخترنا لك