جرحى من "الناتو" خلال اشتباكات مع متظاهرين صرب في كوسوفو

الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين الصرب وقوات الناتو المنتشرة في كوسوفو أوقعت عشرات الجرحى من الطرفين، بعضهم في حالة حرجة، واستدعت مواقف دولية تدعو إلى ضرورة ضبط الوضع الهشّ في الإقليم المتنازع عليه.

  • قوات من الناتو تسحب جريحاً سقط في الاشتباكات مع المتظاهرين الصرب
    قوات من "الناتو" تسحب جريحاً سقط في الاشتباكات مع المتظاهرين الصرب

أُصيب نحو 25 عنصراً من قوة الناتو المنتشرة في كوسوفو، اليوم الإثنين، خلال اشتباكات مع متظاهرين صرب، طالبوا بمنع رؤساء بلديات ألبان "منتخبين" في اقتراع مختلَف على شرعيته، من تولي مناصبهم.

وقالت القوة المتعددة الجنسيات إنّ جنوداً من الكتيبتين الايطالية والهنغارية "تعرَّضوا لهجمات غير مبررة، وأصيبوا بكسور وحروق، بسبب انفجار عبوات حارقة".

وعبّرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، مساء الإثنين، عن "تنديدها الشديد" بما حدث، مؤكدة أنّ الهجوم "مرفوض وغير مسؤول".

في المقابل، أوضحت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية الحكومية، "أر تي أس"، أنّ "أكثر من 50 صربياً أُصيبوا خلال الاشتباكات، وأصيب اثنان بجروح خطرة، ويوجد على الأقل مصاب في حالة حرجة".

فوتشيتش: صربيا لن تسمح بقتل شعبها

ودعا الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، في وقت متأخر من ليل الإثنين، إلى عقد اجتماع، صباح غد الثلاثاء، مع ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، بسبب التصعيد في كوسوفو.

وقال الرئيس الصربي إنّ "صربيا ستبذل قصارى جهدها من أجل المحافظة على السلام في كوسوفو، لكنها لن تسمح بقتل شعبها"، وأضاف أن بلاده "نشرت قوات عسكرية عند الحدود الإدارية مع كوسوفو".

وذكّر فوتشيتش بأنّ "52 من الصرب أُصيبوا بجروح، بينهم ثلاث إصابات خطيرة، وتم نقلهم إلى المستشفى".

  • سيارة تحترق في كوسوفو اليوم عقب الاشتباكات مع الناتو
    سيارة تحترق في كوسوفو اليوم عقب الاشتباكات مع الناتو

وقاطع الصرب، الذين غادر ممثلوهم السياسيون الإدارات المحلية في شمالي كوسوفو، في تشرين الثاني/نوفمبر، في سياق مواجهة بين بلغراد وبريشتينا، الانتخابات البلدية التي نظمتها حكومة كوسوفو، في نيسان/أبريل الفائت، تحت عنوان إنهاء الفراغ المؤسسي.

وفاز رؤساء البلديات الألبان في انتخابات محلية نظمتها سلطات كوسوفو في 23 نيسان/أبريل، في أربع بلديات، معظم سكانها من الصرب، الذين قاطعوا هذه الانتخابات إلى حدّ كبير، إذ لم يشارك في الاقتراع سوى 1500 ناخب من أصل 45 ألفاً مسجلين.

وفي وقت سابق، اليوم الإثنين، أطلقت شرطة كوسوفو غازاً مسيّلاً للدموع من أجل تفريق متظاهرين صرب كانوا يحتجّون أمام مبنى بلدية زفيتشان، ذات الأغلبية الصربية، وحاولوا دخول المبنى، بحسب مراسلة "فرانس برس" في الموقع.

وحاولت قوة تابعة لحلف شمال الأطلسي تفريق المتظاهرين عن الشرطة، ثمّ بدأت لاحقاً تفريق الحشود، عبر استخدام الدروع والهراوات.

وردّ عدد من المتظاهرين بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة في اتجاه جنود الناتو، وحدثت الاشتباكات على بُعد مئات الأمتار عن مبنى بلدية زفيتشان.

وعقب المواجهات، دان حلف شمال الأطلسي "بشدة" الهجمات "غير المقبولة" على قواته، مضيفاً أن "هذه الهجمات غير مقبولة بالكامل، ويجب أن يتوقف العنف فوراً".

وقالت الشرطة، في بيان، إنها "ردّت عندما حاول المتظاهرون اختراق طوق أمني".

وكانت صدامات مماثلة حدثت الجمعة، خلال وصول رؤساء بلديات لتسلّم مناصبهم، رفقة عناصر الشرطة.

قلق دولي

ويشهد كوسوفو، الإقليم الصربي السابق، والذي أعلن استقلاله عام 2008 بدعم من الولايات المتحدة، مواجهات متكررة في الشمال، بحيث تشجع بلغراد الصرب على تحدي سلطات البلاد، التي تسعى لفرض سيادتها على المنطقة بكاملها.

ويعيش نحو 120 ألف صربي في كوسوفو، التي يبلغ عدد سكانها 1,8 مليون نسمة، أغلبيتهم الساحقة من الألبان.

وقالت قوة حلف شمال الاطلسي المنتشرة في كوسوفو إنها "عززت وجودها" في الشمال، وحثت بلغراد وبريشتينا على استئناف الحوار برعاية الاتحاد الاوروبي، من أجل تخفيف التوتر.

واعتباراً من الجمعة، دعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا سلطات كوسوفو إلى "التراجع فوراً واحتواء التصعيد"، وعبّرت هذه الدول، في بيان مشترك، عن "قلقها إزاء قرار صربيا رفع مستوى تأهب قواتها المسلحة عند الحدود مع كوسوفو".

وكان الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، أمر جيش بلاده، الجمعة، بأن يكون في حال تأهب و"التحرك" في اتجاه الحدود مع كوسوفو.

روسيا تدعم حراك الصرب

من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ "الصرب يقاتلون من أجل حقوقهم في شمالي كوسوفو"، مؤكداً أنّ الجيش الصربي في حال تأهب و"القرار سيتخذه الرئيس الصربي".

وقال لافروف، خلال زيارة لكينيا، تعليقاً على تدخل الناتو عام 1999 ضد بلغراد، والذي أنهى الحرب بين القوات الصربية والمقاتلين الألبان، إنّ "هناك انفجار كبيراً يلوح في الأفق في قلب أوروبا، حيث شنّ الناتو عام 1999 عدواناً على يوغسلافيا" السابقة.

يأتي ذلك بعد أن دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أمس الأحد، كوسوفو إلى تهدئة التوتر مع صربيا، بعد يومين من اندلاع اشتباكات بين شرطة كوسوفو ومحتجين معارضين.

وقال ستولتنبرغ إنه تحدث إلى جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بخصوص كوسوفو، مضيفاً أنه يتعين انخراط بريشتينا وبلغراد في الحوار الذي يقوده الاتحاد الأوروبي، وقال: "على بريشتينا إنهاء التصعيد وعدم اتخاذ خطوات أحادية من شأنها زعزعة  الاستقرار".

يُذكَر أن ما يقارب 4000 من قوات "حفظ السلام" بقيادة "الناتو" يتمركزون في كوسوفو عقب حرب عامي 1998 و1999.

أسباب التوتر

وتصاعدت التوترات بين صربيا وكوسوفو العام الفائت، عندما أعلنت حكومة كوسوفو، بقيادة رئيس الوزراء ألبين كورتي، أنّ وثائق الهوية الصربية ولوحات ترخيص المركبات لم تعد صالحة في إقليم كوسوفو، ويجب استخراج وثائق من خلالها.

ويعدّ إعلان استقلال كوسوفو، في عام 2008، المصدر الرئيس للتوتر، علماً بأنّ بلغراد لا تعترف به، وتشجّع الأقلية الصربية على التمسك بوفائها لصربيا.

وبعد أكثر من 14 عاماً من إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا، ما زال نحو 50 ألف صربي يعيشون في شمالي البلاد، ويستخدمون اللوحات المعدنية والوثائق الصربية، رافضين الاعتراف بالمؤسسات التابعة للعاصمة بريشتينا. 

وكانت موسكو حمّلت واشنطن المسؤولية عن الصراع الحدودي بين صربيا وكوسوفو، مشيرة إلى أنّ "أميركا تهدف إلى إضعاف بعض الدول التي تعبّر عن موقف مستقل".

اقرأ أيضاً: صربيا: الرئيس فوتشيتش يأمر الجيش باتخاذ أقصى درجات الاستعداد القتالي

 

اخترنا لك