دعوى قضائية ضدّ شركة شل بسبب سنوات من التسرب النفطي في دلتا النيجر
دعوى قضائية رفعها سكان من دلتا النيجر ضدّ شركة شل للنفط البريطانية بسبب ما تسببت به من تلوث في المنطقة.
قال موقع ذي انترسبت الأميركي، إنّ حوالى 13,000 شخص من دلتا النيجر رفعوا دعوى قضائية ضدّ شركة شل للنفط البريطانية، بسبب سنوات من تسرب النفط.
وأضاف في تقرير مطّول، اليوم الخميس، إنّ "المياه في منطقة أوغال في نيجيريا، سامة للغاية وملوثة بالنفط، لدرجة أنّها تخرج بنية اللون ورائحة الكبريت". مشيراً إلى أنّ "الأطفال والعائلات يمرضون لمجرد محاولة الاستحمام أو البقاء رطباً.
وتابع أنّه "في بيل، مجتمع صيد الأسماك المكوّن من حوالى 45 جزيرة محاطة بالكامل بالمياه، لم يتبق أي أسماك".
وأضاف أنّ "مجتمعات دلتا النيجر تواجه هذا التلوث الناجم عن شل منذ عقود، مما يدمر صحتهم وسبل عيشهم".
ففي عام 2011، أفاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أنّ التهديد للصحة العامة يستدعي "إجراءات الطوارئ". في ذلك الوقت، كانت عملية التنظيف ستستغرق 30 عاماً ، إذا بدأت على الفور.
ويشير الموقع الأميركي إلى أنّ ذلك لم يحدث أبداً. مضيفاً أنّ شركة شل رفضت التعاون، وازداد الوضع سوءاً ، مع 55 تسرباً نفطياً في السنوات ال 12 الماضية.
ووصفت منظّمة العفو الدولية، منطقة دلتا النيجر بأنّها "واحدة من أكثر الأماكن تلوثاً على وجه الأرض".
ويقول الموقع الأميركي إنّه في 27 من الشهر الحالي ، رفع أكثر من 11,300 من سكان أوغال - التي يبلغ عدد سكانها حوالي 40,000 نسمة - و17 منظّمة محلّية، بما في ذلك الكنائس والمدارس، دعاوى فردية في المحكمة العليا في لندن ضدّ شركة شل. مع المطالبات الحالية من مجتمع Bille ، فإنّ هذا يرفع العدد الإجمالي ضدّ شركة النفط إلى أكثر من 13,650.
دمار بيئي وموت ودمار بسبب الانسكابات المتكررة
يعزو السكان المحليون في Ogale و Bille الدمار البيئي والموت والأمراض إلى الانسكابات المتكررة. فالرضع في دلتا النيجر، على سبيل المثال، أكثر عرضة للوفاة مرتين في الشهر الأول من حياتهم إذا كانت أمهاتهم تعيش بالقرب من تسرب نفطي، وفقاً لدراسة نشرت في عام 2017.
ويضيف انترسبت، أنّه "في عام 2016، بعد عام من بدء القضية القانونية الأولية، طار الحاكم العرفي لمجتمع أوغالي الملك أوكبابي، إلى لندن لحضور جلسة استماع في المحكمة العليا بزجاجات بلاستيكية مليئة بالمياه الملوثة من أوغالي، مغطاة بشكل واضح بلمعان زيتي".
ويقول انترسبت، إنّ شل تمكنت حتى الآن من تجاهل المساءلة. مضيفاً أنّه رغم ذلك فقد حققت مجتمعات دلتا النيجر فوزاً إجرائياً في فبراير 2021، حيثقضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة بالإجماع بأنّ هناك "قضية جيّدة قابلة للجدل" مفادها أنّ شركة شل بي إل سي، الشركة الأم في المملكة المتحدة، كانت مسؤولة قانوناً عن التلوث الناجم عن فرعها النيجيري، شركة شل لتطوير البترول، وأنّ القضية ستستمر في المحاكم الإنكليزية.
وفي تشرين الثاني، نوفمبر التالي، ادّعت ملفات شل أنّ الشركة لا تتحمل أيّ مسؤولية قانونية للتعامل مع عواقب الانسكابات. وزعمت شركة النفط العملاقة، أنّ أيّ مطالبة قانونية يجب أن تقدم في غضون 5 سنوات من أيّ تسرب محدد، حتى لو لم تتمّ عملية تنظيف. كما ادّعت شركة شل، أنّ السلطات التنظيمية النيجيرية هي وحدها التي لديها القدرة على إجبارها على التنظيف. غير أنّ تلك السلطات تعاني من نقص مزمن في الموارد.
ويقول الموقع إنّ "الغالبية العظمى من الانسكابات المتعلقة بمطالبات بيل وأوغال كانت ناجمة عن تدخل غير قانوني من طرف ثالث، بما في ذلك تخريب خطوط الأنابيب، والتزويد غير القانوني بالوقود وغيرها من أشكال سرقة النفط".
وقالت تارا ليماي، المتحدثة باسم شل، في بيان ل The Intercept. "بغض النظر عن السبب، فإنّ SPDC لديها وستواصل تنظيف ومعالجة المناطق المتضررة من الانسكابات من منشآتها أو شبكة خطوط الأنابيب."
شل جنت أرباحاً تزيد عن 30 مليار دولار في عام 2022
ومنذ عام 1956، عندما اكتشفت شركة شل النفط لأول مرّة في دلتا النيجر، تواصل شل جني مكاسب مالية غير مسبوقة، حيث حققت أرباحا تزيد عن 30 مليار دولار في عام 2022.
وعلى الرغم من حقيقة أنّ عملية التنظيف ستكلف شل جزءاً صغيراً من أرباحها، فقد قدّرت الأمم المتحدة، أنّ السنوات الخمس الأولى ستكلف حوالي 1 مليار دولار - إلا أنّ الشركة كانت "مقاومة بشكل لا يصدق" لأيّ شكل من أشكال مراقبة الصحة العامة أو التحقيقات ، كما قال ماثيو رينشو، الشريك في شركة المحاماة لي داي الذي يمثل المدعين في نيجيريا.
وقال: "هناك حرفياً مئات المجتمعات التي تأثرت بالتلوث النفطي لشركة شل، ويمكن أن تسعى إلى رفع دعاوى قانونية ضدّ شل".
وفي عام 2015، أسفرت الدعوى، في المحكمة البريطانية، عن تعويض عن فقدان سبل العيش بحوالي 68 مليون دولار ، إلى جانب أكبر عملية تنظيف في العالم لأشجار المانغروف المتأثرة بالنفط في التاريخ.
ومع انتشار الحالات، تحرّكت شركة شل نحو مغادرة المنطقة. في عام 2021، أعلنت الشركة عن خطتها لمغادرة دلتا النيجر وبيع حقول النفط البرية - تاركة وراءها كارثة بيئية وأيّ شعور بالالتزام.
في حزيران/ يونيو الماضي، على الرغم من ذلك، اضطرت شل إلى تعليق المبيعات، امتثالا لحكم المحكمة العليا النيجيرية، الذي قال إنّه يتعين عليها انتظار نتيجة الاستئناف بشأن تسرب النفط لعام 2019، الذي تمّ تقديمه إلى المحكمة النيجيرية، والذي ذكر أنّ الشركة بحاجة إلى دفع ما يقرب من ملياري دولار كتعويض لمجتمعات دلتا النيجر.
وتنتقل قضية لي داي الحالية الآن إلى المحاكمة لتحديد ما إذا كانت الشركة الأم لشركة شل في لندن، وكذلك فرعها النيجيري، مسؤولة قانوناً عن الضرر الذي لحق بالمجتمعات في دلتا النيجر. ومن المتوقع أن تجري المحاكمة في المحكمة العليا في لندن في عام 2024.