"فورين بوليسي": جنوب آسيا في 2023.. صراعاتٌ استراتيجية وتخوفٌ من السخط الشعبي

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تشير إلى أنّ الهند لديها فرصة كبيرة للتألق الاقتصادي في 2023، وتلفت إلى أنّ السياسات الداخلية المثيرة للانقسام تخاطر بإعاقة جهودها لإظهار نفوذها العالمي.

  • "فورين بوليسي": الهند تنافس الصين وتخوفٌ من السخط العام

اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أنّ العام 2023 سيكون عام الفرص بالنسبة للهند، محذرةً من السياسات الداخلية المثيرة للانقسام والتي تخاطر بإعاقة جهود نيودلهي لإظهار نفوذها العالمي.

وتوقعت المجلة أنّ يكون اقتصاد الهند المزدهر، وهو الآن خامس أكبر اقتصاد، أسرع الاقتصادات الرئيسية نمواً عالمياً في العام المقبل، ولا سيما أنّ الهند ستصبح أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. ولذلك، فنيودلهي ستعزز دورها على المسرح العالمي من خلال قيادتها على مدار عام لمجموعة العشرين، أقوى كتلة اقتصادية في العالم.

وأضافت "فورين بوليسي" أنّه من "المقرر أن يكون العام 2023 عاماً كبيراً للعلوم والتكنولوجيا الهندية، ومن المرجح أن تستمر أكبر شركات التكنولوجيا في العالم في استكشاف نقل الإنتاج من الصين".

وتخطط الهند لإجراء اختبارات مهمة لاستكشاف الفضاء، حيث تعمل على إطلاق أول مهمة فضائية يقودها الإنسان.

في غضون ذلك، ستشتد حرارة السياسة الداخلية للهند مع اقتراب البلاد من الانتخابات الوطنية في العام 2024، إذ من المقرر إجراء انتخابات منفصلة في 9 ولايات. ومن المرجح أن يكثف حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم الذي ظل قوياً بفضل الشعبية المستمرة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، أجندته القومية الهندوسية خلال الحملة الانتخابية.

ولفتت المجلة إلى أنّ أجندته القومية ساعد الحزب على الفوز بإعادة انتخابه في العام 2019، وانتخابات الولايات الرئيسية مؤخراً، مع العلم أن ذلك قد ينتج عنه خطاب كراهية أكثر يُغذي التوترات الطائفية.

تنامي السخط العام

لفتت المجلة إلى أنّ العديد من حكومات جنوب آسيا تدخل في العام 2023 في حالة سياسية محفوفة بالمخاطر. مثلاً، تكافح الإدارة في باكستان، لكبح جماح المشاكل الاقتصادية، وهي لا تحظى بشعبية كبيرة لأنّها تتأرجح نحو الانتخابات المقرر إجراؤها في كانون الثاني/يناير. ويتمتع رئيس الوزراء السابق عمران خان، بقاعدة دعم كبيرة ومتنامية، وسيحاول فرض انتخابات مبكرة، سواء من خلال الاحتجاجات في الشوارع أو التكتيكات البرلمانية.

أما في بنغلاديش، فتتولى رابطة "عوامي" الحاكمة السلطة منذ العام 2009، لكن الضغوط الاقتصادية الأخيرة أثارت احتجاجات معارضة كبيرة لها، مع العلم أن الانتخابات المقررة ستجري بعد عام واحد. 

من جهتها، تولت حكومة سريلانكا السلطة هذا الصيف بعد احتجاجات حاشدة، وستحاول المضي قدماً حتى انتخابات 2024، وتأمل أن تكون استقالة الرئيس السابق غوتابايا راجاباكسا في تموز/يوليو كافية لإرضاء الجمهور.

ولفتت المجلة إلى أنّ نظام طالبان، الذي وعد باستعادة السلام والازدهار عندما تولى السلطة في أفغانستان، بدأ وسط أزمة اقتصادية أخرى، وتهديدات إرهابية متزايدة. وبدلاً من ذلك، ركّز على تنفيذ سياسات اجتماعية شديدة القسوة بسبب تعرّض ملايين الأشخاص لمعاناة صعبة.

ومن العوامل الأساسية التي ستشكل مصير الحكومات العام المقبل: قائد الجيش الباكستاني الجديد والدور السياسي الذي يؤديه، الانقسامات الداخلية داخل طالبان، ما مدى التأثير الذي تحاول عائلة راجاباكسا أن تمارسه في سريلانكا ومدى تعرّض بنغلاديش إلى ضغوط متزايدة من الغرب لتخفيف حملات القمع التي تمارسها، وفق "فورين بوليسي".

منافسة القوى العظمى

تحدثت المجلة عن اشتداد المنافسة بين الهند والصين في جنوب آسيا، إذ قدّمت الصين غواصات لجيران الهند في بنغلاديش وميانمار وباكستان، ووسّعت وجودها البحري في منطقة المحيط الهندي. وتنافس البلدان على توفير البنية التحتية والمساعدات المالية واللقاحات في جميع أنحاء جنوب آسيا.

وانتهى هذا العام بالتذكير بالتهديد المباشر الذي يمثله هذا التنافس على الهند: في كانون الأول/ديسمبر، تواجَه الجيشان على طول الجزء الشرقي من حدودهما المتنازع عليها.

وتنذر المنافسة العميقة بين الهند والصين بأخبار سيئة للمنطقة. بصرف النظر عن باكستان، حليف الصين، تسعى معظم دول جنوب آسيا إلى تحقيق التوازن في علاقاتها، وعدم الانجرار إلى منافسة القوى العظمى، لكن البقاء على السياج قد يصبح صعباً.

في العام المقبل، يبدو أنّ المساعدة الاقتصادية ستكون مجالاً نشطاً للمنافسة، إذ حققت بكين نجاحات تجارية كبيرة في جنوب آسيا في السنوات الأخيرة، من خلال مبادرة الحزام والطريق، لكن نيودلهي - ربما تستفيد من التباطؤ الاقتصادي في الصين - يمكن أن تتراجع عن طريق عروض المساعدة المالية ودعم البنية التحتية.

إضافةً إلى ذلك، مع احتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، قد تكثّف واشنطن مشاركتها الاقتصادية في جنوب آسيا. وأشارت المجلة إلى أنّ حكومات جنوب آسيا ستحتاج إلى الموازنة بين حاجتها الفورية إلى المساعدة الاقتصادية، ومصلحتها في الاحتفاظ بسياسات خارجية مستقلة، وقد يكون أفضل حل لها هو التماس المساعدة من بكين ونيودلهي في وقت واحد، مما يجعل لعبة شد الحبل الاستراتيجية تعمل لصالح مصالحهم أيضاً.

اخترنا لك