الحرب في أوكرانيا.. أرباح طائلة لشركات السلاح وآمال لإطالة أمد النزاع

هستيريا تسليح عنوانها دعم أوكرانيا، والمستفيد الأوّل منها شركات سلاح كبرى، تصنع الأزمات لتتغذَى عليها، عاشت العام المنصرم أكبر ازدهارٍ لها منذ عقود، فكيف استفادت بعد عام من الحرب في أوكرانيا؟

  • شركات الأسلحة الأميركية تدفع نحو مزيد من الحرب لتحقيق مزيد من البيع، لا أي اهتمام لأوكرانيا الدولة والشعب.
    شركات الأسلحة الأميركية تدفع نحو مزيد من الحرب لتحقيق مزيد من البيع، لا أي اهتمام لأوكرانيا الدولة والشعب.

تحوّلت أوكرانيا إلى واحدةٍ من أضخم أسواق استهلاك السلاح في العالم، فما تراه شعوب العالم وخصوصاً الأوروبيين حرباً يجب أن تتوقّف، يراه المسلّحون الغربيّون سوقاً مثمرةً وقطاراً تجارياً يجب أن يُكمل طريقه.

يقول تشارلز وودبورن، وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة BAE المصنّعة للأسلحة، "لقد حقّقنا عاماً آخر من النتائج القويّة، قمنا بسلسلة توريدٍ بشكلٍ فعّال"، ويُضيف وودبورن أنّ شركته واثقةٌ من تحقيق نموٍّ طويل الأجل، ومواصلة الاستثمار مع زيادة عائدات المساهمين.

وتوقّع المدير الماليّ للمجموعة، براد غريف، مزيداً من تقدّم المبيعات في العام الجاري وزيادةً في الأرباح، كما صرّح أنّ الشركة تعمل لزيادة الأهداف.

وتحدّثت مجموعة "رايثيون" الأميركية عن عامٍ من المكاسب الكبيرة والتقدّم اللافت في صناعاتها، وعزته إلى التحدّيات التي تواجه حلفاء الولايات المتّحدة الأميركية. 

وسجّلت المؤشّرات الماليّة الغربيّة ارتفاعاً ملحوظاً بالدولار الأميركي، مؤشّر "MSCI" زاد بنسبة 30% تقريباً منذ بداية تشرين أول/أكتوبر الماضي، كما ارتفع مؤشّر "Stoxx" للفضاء والسلاح في أوروبا بما يزيد قليلاً عن الثلث خلال الفترة نفسها.

ويُراهن المستثمرون على الوعود بزيادة الإنفاق العسكري من قبَل حكومات الغرب الأطلسي، والذي صدّر في الفترة الأخيرة أسلحةً بمليارات الدولارات، مكاسبٌ تعكس الاقتناع المتزايد بين المستثمرين بأنّه من غير المرجّح أن ينتهي الصراع بسرعة.

اقرأ أيضاً: أي دور تلعبه شركات السلاح في الانتخابات النصفية الأميركية؟

الحرب الأوكرانية أظهرت فعالية السلاح الروسي

أوضح سلام العبيدي، مدير مكتب الميادين في روسيا، أن الحرب في أوكرانيا أظهرت أنّ السلاح الروسي فعّال في مواجهة الأسلحة الأميركية والغربيّة في أرض المعركة، وحقّق إنجازات كبيرة، وهذا لا يعني أنّ روسيا لا تمتلك أسلحة هجوميّة، خاصّةً عندما نتحدّث عن الأسلحة الفرط الصوتيّة، لكن مع ذلك تبقى الأسلحة الروسيّة هي دفاعيّة بدرجة أساسيّة.

وأشار العبيدي إلى أن روسيا تمتلك خاصّةً في ما يتعلّق بسلاح الغوّاصات، أحدث سلاح ردع نووي، بالإضافة طبعاً إلى الصواريخ الاستراتيجيّة بعيدة المدى العابرة للقارات، فروسيا لديها اليوم أحدث سلاح غوّاصات نوويّة، يشكل الرادع الأساس في ترسانتها المكوّنة للثالوث النووي.

وأكّد محلل الميادين أنّ هذه المعركة ما زالت في منتصف الطريق، هدف الغرب فيها هو إلحاق الهزيمة الاستراتيجية بروسيا، وروسيا لا يمكن أن تقبل بالتعرض لهزيمة، لذلك ستبذل كل ما في وسعها لتفاديها، ولذلك يمكن أن تلجأ لكلّ الأساليب لمنع ذلك، فنحن الآن نستطيع أن نتحدّث عن مرحلة ترتيب لدى الطرفين، حول ماذا يجب أن يُفعَل في المستقبل القريب.

الثغرة التي واجهتها شركات السلاح الغربية

وأشار محلّل الميادين للشؤون الدوليّة والاستراتيجيّة، منذر سليمان، إلى أنّ الثغرة الأساسيّة التي تعاني منها شركات السلاح، تتمثل في نقص تعاني منه مخزونات الذخيرة، وفي أوكرانيا يتمّ إنفاق ذخيرة في شهر، تحتاج المجمّعات الصناعيّة لإنتاجها خلال عام، بسبب أنّه لم يكن متوقَّعاً أن تصل لهذه الدرجة ولهذه الفترة الزمنيّة الطويلة.

ولفتَ سليمان إلى أنّ الكونغرس الأميركي يستمرّ في زيادة مخصّصات الإنفاق العسكري للبنتاغون، أكثر مما يطلبه الأخير في الميزانيّة، وهذا تقليد مستمر يؤكّد على أنّ المجمّع الصناعي الحربي في الولايات المتّحدة أخطبوط ويصل إلى الكونغرس، عبر موظفين في الكونغرس يستهدفون التحوّل إلى موظفي شركات سلاح مستقبلاً، أو أدوات أخرى عالابتزاز مثلاً.

كما أوضح محلل الميادين أنّه يوجد 42 دولة تقدّم المساعدات لأوكرانيا بأشكال مختلفة الآن، وبالتأكيد بعد أي حرب يتمّ الحديث عن من هو السلاح النجم الذي كان أكثر فعاليّة، إذاً العديد من الدول ستحاول زيادة تصنيعها، لتزيد من البيع مستقبلاً، ومن الواضح أن ألمانيا وكوريا الجنوبية ستكونان في المقدّمة.

قيود تمنع الولايات المتّحدة من الاستمرار في استراتيجيتها

وقال محلّل الميادين للشؤون الأمنيّة والعسكريّة، شارل أبي نادر، إنّه تمّ تغيير الصورة الكاملة للأسلحة لأوكرانيا ولدول أوروبا الشرقيّة، عبر هذه المعركة، وهذه كانت نقطة مهمّة أو اتجاه مهمّ وأساسي لصنّاع الأسلحة في الغرب، والذين استفادوا بطريقة مضاعَفة في إبدال المخازن في أوروبا الشرقيّة.

وتابع أبي نادر /أنّ المعارك الكبيرة جغرافياً والمهمة على الأرض تستنزف عدد كبير من الأسلحة وبشكل متواصل، ومن هنا فإنّ الشركات في الغرب في حالة تململ وصُراخ جرّاء تأثّر المخازن لدى الدول الغربية، وهي خشية من خطر أن تنخفض هذه الأسلحة والذخائر المطلوبة بنسبة كبيرة.

ونوّه أبي نادر، إلى أنّ عدّة قيود تمنع الولايات المتّحدة من الاستمرار في استراتيجيتها الخطرة، أولاً الضغوط الموجودة داخل كل دول الغرب، ثمّ إنّ الجيش الأوكراني اليوم يُستنزَف ويُقتَل، وإذا تمّت المتابعة في هذه المناورة الاستنزافيّة بغية استهلاك كمية كبيرة من الأسلحة، فلن يبقى عديد مُعتبر لجيش دولة.

اقرأ أيضاً: "وول ستريت جورنال": قطاع صناعة السلاح الأميركي غير مستعد لمواجهة الصين

اخترنا لك