ما لم يُروَ سابقاً ضمن وثائقي الميادين نت.. هكذا أحرق حزب الله "غابة النقب" الإسرائيلية

ضمن "وثائقي الويب" بعنوان "كيف أحرق حزب الله غابة النقب – إنزال العباسية"، الميادين نت يكشف تفاصيل لم تُروَ في السابق عن فشل الإنزال، على لسان "الحاج عباس" الذي كان هدف هذه العملية.

  • "ما لم يُروَ سابقاً".. كيف أحرق حزب الله غابة النقب - إنزال العباسية 2006؟

"في 5 آب/أغسطس 2006، هبطت طائرتا هليكوبتر من طراز "يسعور" على الساحل  مقابل صور في عمق لبنان، على بعد 23 كيلومتراً من رأس الناقورة. خرج من هاتين الطائرتين مهندسون محمولون جواً لإنقاذ أفراد كوماندوز بحريين، الذين صعدوا تدريجياً إلى بطن طائرة الهليكوبتر، بعد مهمة معقدة فشلت في العثور على مسؤول كبير في حزب الله".

المحلل العسكري الإسرائيلي أمير بوخبوط في تشرين الثاني/نوفمبر 2018

بعد نحو 12 عاماً من تنفيذ قوات بحريين من "شييطت 13" في "جيش" الاحتلال الإسرائيلي عملية أُطلق عليها "غابة النقب" في الأراضي اللبنانية، وتحديداً بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، نشر موقع "والاه" الإسرائيلي مشاهد عُرضت لأول مرة عن إنقاذ "الجيش" لعناصر تابعة له عقب فشل قواته في تحقيق هدف المهمة، الذي كان  أسر مسؤول القوة الصاروخية في حزب الله. 

وأظهرت المشاهد الميكانيكيين الإسرائيليين المنقولين جواً وهم ينقذون 92 مقاتلاً عادوا من عملية "غابة النقب" خلال حرب تموز 2006، في أكبر عملية نفذتها الوحدة الخاصة للبحرية منذ تأسيسها في مدينة صور، والتي قادها عمير بيرتس، وزير الحرب في ذلك الوقت. 

وباعتراف القائد الميداني في أثناء العملية، الرائد احتياط زيف غرشوني، فإنّ الثغرة المهمة التي رافقت العملية هي أنّه لم تكن بحوزتنا صورة للهدف، بل كانت هناك معطيات أولية بأنّه أصلع ذو لحية وطوله 1.90 متر، أي "لم تكن هناك معلومات استخبارية وعملاتية ناضجة للقيام بمثل هذه المهمة". 

بدوره، قال رئيس عرفاء متقدم في الاحتياط "j"، إنّه "علمنا منذ البداية أنّ هذه العملية معقدة جداً، وانتابنا الخوف حين وصلنا إلى نقطة العملية المكشوفة بين المباني". 

قائد في القوة الصاروخية يروي تفاصيل العملية 

وللاطلاع أكثر على أحداث هذه العملية وتفاصيلها، ما سبقها وما تبعها، أعدَّ الميادين نت وثائقياً، ضمن "وثائقي الويب" بعنوان "كيف أحرق حزب الله غابة النقب - إنزال العباسية 2006"، يروي من خلاله الهدف الإسرائيلي الذي سعت قوات الاحتلال لأسره ما حصل.

وأجرى الميادين نت مقابلة ضمن الوثائقي مع قائد في القوة الصاروخية في حزب الله، الحاج عباس، الذي فشلت عملية "غابة النقب" الإسرائيلية في استهدافه، كشف خلالها ما لم يروَ سابقاً. 

وروى الحاج عباس للميادين نت أنّه في يوم 5 آب/أغسطس 2006ـ، وبعد تنفيذ أول عملية إطلاق صواريخ في اتجاه الخضيرة ومحيط "تل أبيب"، تنفيذاً للمعادلة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "إلى حيفا، وما بعد بعد حيفا"، انسحب مع رفيقيه إبراهيم خليل حمادة، والحاج نبيل، اللذين شاركاه تنفيذ المهمة، إلى مكان شبه آمن في مجمع الرز في صور.

وتابع الحاج عباس: "في ذلك اليوم، احتفلت مع رفيقي بنجاح الإطلاق بعد 72 ساعة من الجهد المتواصل، وعند نحو الساعة 12 ليلاً، نمتُ لا إرادياً، لأستيقظ نحو الساعة الثالثة والنصف فجراً على صوت يشبه حركة المفتاح في باب الشقة السكنية التي لجأنا إليها". 

وأردف للميادين نت: "بعد ما فهمت ما يجري، عرفت أنّ قوات إسرائيلية تقتحم الشقة، فحاولت القفز من الشرفة، لأتفاجأ بنحو 15 جندياً إسرائيلياً ينتشرون في الأسفل، فبدأت بإطلاق النار في اتجاههم مصيباً نحو 7 أو 8 جنود إصابات في الرأس أو في الأكتاف". 

وأضاف: "في اللحظة التي فتحت فيها النار، استيقظ الشهيد أبو علي حمادة في الغرفة المجاورة ورمى على القوات الإسرائيلية في رواق المنزل، ليستشهد في تبادل لإطلاق النار مع القوة المهاجمة". 

لمشاهدة الوثائقي في يوتيوب:

 ثمّ توجّهت قوات الاحتلال نحو الشهيد نبيل الذي كان الأقرب إليهم في الشقة، وأسروه وبدأوا بسؤاله عن هدفهم، لكنّه لم يُجبهم بطبيعة الحال، فأطلقوا عليه النار عند درج المبنى، بحسب الحاج عباس. 

وبسبب عدد الإصابات الكبير، وأصوات الصراخ العالية لقوات الاحتلال، وكمية الدماء المنتشرة على الأرض في الشقة، وتحت المبنى، عدّلت القوات المهاجمة خطتها ليتسنى لها إجلاء إصاباتها، وبدأت بالانسحاب رامية خلفها قنابل صوتية ودخانية في كامل غرف الشقة، وفقاً للحاج عباس. 

وتابع: "لم تُصبني أي من تلك القنابل بضرر كبير، وفي الوقت الذي شعرت بأنّ قوات الاحتلال تُخلي الشقة، قررتُ إشغالهم حتى تأكّدت من أنهم لم يأسروا الشهيدين أبو علي حمادة والحاج نبيل، وبعدها أخليت المبنى في اتجاه البساتين المجاورة".  

أمّا عن الطريق التي سلكتها قوات الاحتلال لتنفيذ العملية، فأوضح الحاج عباس أنّ العملية بدأت في صور، عبر البحر انطلاقاً من منطقة اسمها جل البحر، ما قبل صور، ومن ثمّ اتجهت نحو مدينة ملاهي "سيتي بارك" في اتجاه الطريق العام، بعدها قطعت الطريق العام في اتجاه البستان، وانعطفت يميناً في اتجاه طريق العباسية وقطعتها للوصول إلى أول مجمع الرز الذي كنا موجودين في داخله.

شهداء ارتقوا في مواجهة القوات الإسرائيلية 

وفي أثناء الانسحاب، سلكت قوات الاحتلال الطريق ذاتها التي دخلت عبرها إلى المنطقة، وقد شلت الحركة  في المنطقة من خلال التمشيط والمسيرات وإطلاق النار والغارات بشكل كثيف.

وخلال التصدي للقوات الإسرائيلية، إما في المبنى أو أثناء الانسحاب، ارتقت ثلة من الشهداء في المقاومة الإسلامية، هم إبراهيم حمادة، ناصر عبد الغني، والشيخ حسن عبد الكريم مقداد، وحسين قاسم وأيضاً الشهيد في الجيش اللبناني نداء أبو شقرا

  • الشهيد ناصر عبد الغني
    الشهيد ناصر عبد الغني
  • الشهيد الشيخ حسن عبد الكريم مقداد
    الشهيد الشيخ حسن عبد الكريم مقداد
  • الشهيد الجندي في الجيش اللبناني نداء أبو شقرا
    الشهيد في الجيش اللبناني نداء أبو شقرا

معادلة النار بالنار

"مقاتلو حزب الله انتقلوا الآن إلى مرحلة ما بعد حيفا ويمكن أن ينتقلوا إلى مرحلة أبعد من ذلك". 

- الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله - 25 تموز/يوليو 2006

وعن المعادلات التي ثبّتتها المقاومة في حرب تموز، والمفاجآت التي صدمت الاحتلال في المواجهة، أوضح الحاج عباس، خلال وثائقي الميادين نت، أنّ الحرب آنذاك "كانت بنسبة كبيرة حرب الصواريخ"، فمن خلال الصاروخ، "استطاع حزب الله أن يرسّخ معادلة النار بالنار، والمدنيين بالمدنيين". 

وقد تبيّن، وفق الحاج عباس، أنّ حرب الصواريخ هي "حرب مؤلمة ومؤذية"، فكانت للصواريخ "أهمية قصوى لدى المقاومة من خلال العمل على تعدد أنواع الصواريخ وامتلاك ما لم يُستخدم من قبل مع العدو، وتدريب الطواقم عليها". 

وأكّد في هذا السياق، أنّ "الصواريخ التي استُخدمت في الحرب ضد إسرائيل كانت شبه مفاجئة لديهم، لأنّ الاحتلال لم يستطع أن يحسم وجودها بكل إمكانياته الاستخبارية". 

وأشار إلى أنّ "العدو حاول إيقاف الرمايات الصاروخية خلال حرب 2006، لكن بسبب التكتيك المتبع، لم يستطع وقف الرماية أو الحد منها، بحيث إنّ المقاومة بدأت الحرب بوتيرة وأنهتها بالوتيرة نفسها، حتى لا يظن العدو في أي وقت أنّ المقاومة ضعفت قوتها". 

وأوضح أنّه "بعد عملية الأسر في تموز، بدأ العدو بالقصف بشكل جنوني وهستيري لتدمير الحجر والشجر والبشر، لتبدأ المقاومة بالرد الصاروخي على الحافة الأمامية عند حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، تحديداً على مراكز قيادات العدو ومعسكراته ومواقعه ونقاط المراقبة لديه، ليتوسع الرد في اتجاه العمق للوصول إلى حيفا". 

وكانت المفاجأة الأولى، بحسب الحاج عباس، هي "الصلية الأولى التي أصابت محطة القطار في حيفا، والتي سقط خلالها نحو 8 قتلى وعدد كبير من الجرحى، ما جعل العدو مصدوماً من هذا الرد الدقيق والنوعي وبسلاح مختلف عن ما يعهده، إذ تفاجأ بسلاح يصل إلى العمق بقوة تدميرية أكبر".  

وبيّن، ضمن وثائقي الميادين نت، أنّ "قرار المقاومة الأول في الحرب كان أنّ خط النار هو مدينة حيفا، لما تمثّله من أهمية بعد تل أبيب، لناحية موقعها الاقتصادي والجغرافي بالنسبة إلى كيان الاحتلال، ولأنّها قريبة إلى حد ما من الحدود اللبنانية". 

وشدّد الحاج عباس، على أنّ "الرمي استمرّ بشكل متوال على العدو، في وقتٍ كان يُحاول اكتشاف أماكن وجود  الصواريخ وانطلاقها، لكنّه كان يعلم بذلك بعد انطلاق الصواريخ". 

وأكّد، في هذا الخصوص، أنّ "من أهم إنجازات الحرب هو أنّ العدو لم يعرف بمكان راجمات الصواريخ قبل انطلاقها، فكل الراجمات التي استُهدفت، كانت تستهدف بعد إنهاء مهمتها". 

ولفت الحاج عباس، إلى أنّ الصواريخ التي استخدمت في الحرب هي "صواريخ الهاون، وصاروخ الـ107، وصاروخ الغراد والغراد المعدل، وأيضاً الصواريخ الإيرانية فجر 3 و5"، لكن الصواريخ الأكثر استخداماً كانت الصواريخ ذات الصناعة السورية، إحداها بمدى 70، والثاني بمدى 90 كيلو، وهو الذي استخدم باستهداف الخضيرة". 

وفي ظلّ أذية العدو المتتالية من خلال صواريخ المقاومة، زاد من حجم النار، ووسّع استهدافه في العمق اللبناني. حينها أطلق السيد نصر الله معادلة "إلى حيفا وما بعد بعد حيفا"، لذلك، "كان لزاماً إدخال بعض التعديلات في الإمكانات لتطال العمق الأكثر في الكيان"، وفق الحاج عباس. 

رسالة الحاج رضوان

وفي ضوء هذه المعطيات، يروي الحاج عباس أنّ الشهيد القائد عماد مغنية (الحاج رضوان)، اتصل به ورفيقيه تحت عنوان "تنفيذ  معادلة إلى حيفا وما بعد بعد حيفا".  

وقال الحاج رضوان خلال الاتصال إنّ "على الإسرائيلي أن يعرف أنّ السيد نصر الله قادر على أن يفعل ما يقول، وفق الإمكانيات التي لديه، متمنياً أن نكون اليد التي يمكن للسيد أن يضرب بها العمق الذي يحدده هو. 

بعد ذلك، أفاد الحاج عباس ببدء البحث في الأهداف التي تريد المقاومة استهدافها، لأنّه "من خلال تشخيص الهدف يمكن تحديد السلاح وبأي مدى، وعلى أي أماكن ستكون الرماية، ليكون التشخيص الأولي على الخضيرة ومحيط تل أبيب، أول عملية إطلاق إلى ما بعد حيفا".  

وشرح الحاج عباس أنّ تلك العملية أظهرت قدرة حزب الله الصاروخية التي لم يكن يتوقعها الاحتلال الإسرائيلي، من حيث المدى والتأثير وحجم التدمير، وقد أوجعت الاحتلال وأثبتت عدم قدرته على تدمير الإمكانات، ما جعله يأخذ قرار شن عملية "غابة النقب" لتستهدف أحد قياديي القوة الصاروخية في حزب الله، لكنّه فشل في ذلك، وعاش حينها حلقة من مسلسل هزائمه، بحيث هزم 3 مجاهدين قوة تضمّ أكثر من 90 جندياً إسرائيلياً. 

اخترنا لك