يمين متطرّف يتوسّع في أوروبا وزيمور يغزو الانتخابات الرئاسية

اليمين المتطرّف أطلق اسم حزبه "إعادة غزو"، على نحو يدفع الأوضاع إلى مرحلة غير مسبوقة من التوتر والغضب، في ظل أزمات متلاحقة تضرب فرنسا، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وصحياً، في ظل تأييد 12 ألفاً لزيمور في فرنسا في أُولى حملاته.

  •  يمين متطرف يتوسع في أوروبا وزيمور يغزو الانتخابات الرئاسية
    يمين متطرف يتوسّع في أوروبا وزيمور يغزو الانتخابات الرئاسية

قبل سنة من اليوم، شرَّح موقع ستراتفور (Stratfor) الأميركي خطر إرهاب اليمين المتطرف في أوروبا، مُطلقاً إنذاراً من تزايد توسعه، في وقت يستغلّ الإرهابيون، من دعاة سموّ العرق الأبيض، التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة لتوسيع أنشطتهم، بما في ذلك التخطيط لهجمات، مرجّحاً أن يشكّل هذا التهديد تحدياً حقيقياً للأجهزة الأمنية، ويزيد في حدة الاستقطاب داخل المجتمعات الأوروبية. 

في أنحاء متفرقة من أوروبا، ولاسيما في فرنسا، وبعد التحرُّر من إجراءات كورونا، سُجِّلت حركة نشطة لجماعات من المتعصبين اليمينيين، تمثّلت بتهديدات وبيانات واستفزازات شملت أجانب ومسلمين وأفارقة، وطالت أوروبيين يخالفونها في الرأي والممارسة. 

نازيون جدد رصدتهم أجهزة المخابرات وتتبَّعت أنشطتهم إلى مستوى قريب جداً. وفي فرنسا، اعتقلت أفراداً منهم، وصادرت أسلحة ومعدات كومبيوتر تحوي كثيراً من وثائق إعداد هجمات وتهديدات.

في الحالة الفرنسية، يبدو مرض اليمين المتطرف داهماً وجدياً مع التحولات الهائلة التي طرأت في ساحة الرأي العام، وظهور عاصفة اليميني المتطرف إريك زيمور، والتي باتت تهدد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتفرض توتراً غير مسبوق في المجتمعين السياسي والشعبي.

من مُجادل في وسائل الإعلام إلى مرشَّح منافس يتقدَّم يومياً في استطلاعات الرأي ويحظى بدعم متزايد في أوساط نُخَب اقتصادية وفكرية وإعلامية، وضع إريك زيمور فرنسا في احتمالات خطيرة للغاية، ولاسيما بعد تسجيل انتفاضات في وجهه في الشارع، وعزم تيارات يسارية مناهضة للعنصرية والفاشية مواجهتَه وإسكاتَه.

مشهد 12 ألف مؤيد لزيمور في أُولى حملاته الانتخابية في باريس، وطغيان العنصر الشاب على الحضور، دقّا ناقوس الخطر، وبعثا برسالة تحذير حقيقية، موجَّهة إلى مختلف القوى السياسية الفرنسية، بدءاً بـ"الحزب الحاكم، فرنسا إلى الأمام"، مروراً باليمين التقليدي، وصولاً إلى أحزاب اليسار.

الحفل الحاشد وشعاراته العالية السقف كانت مقدِّمة منطقية للتحدي الذي أطلقه حصان اليمين المتطرف الجديد، حين أعلن اسم حزبه، "إعادة غزو" فرنسا، بادعاء تحرير إرادتها وإستعادتها لمصلحة الفرنسيين من دون غيرهم، الأمر الذي يدفع الأوضاع إلى مرحلة غير مسبوقة من التوتر والغضب، في ظل أزمات متلاحقة تضرب فرنسا، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وصحياً، ومن شأنها مفاقمة الانقسامات والعداء.

ظاهرة زيمور التي تعامل معها الوسط الفرنسي في البداية على أنها فقّاعة ستزول مع الوقت، تلاعبت بالحسابات السياسية المتعلقة بالتحضير للجولة الانتخابية الأولى، نيسان/أبريل–أيار/مايو المقبلين. وطرح عدد من المراقبين والمحللين سيناريوهات متعددة، أكثرها حلكة احتمال نجاح المتطرف اليميني في الوصول إلى الجولة الثانية، والمرجَّح أن تكون مع الرئيس إيمانويل ماكرون الذي تعطيه الاستطلاعات السبق والتقدم لدى الناخبين الفرنسيين بنسبة 25 في المئة حالياً.

في هذه الحالة المقلقة، يُخشى من فلتان الأمور، باعتبار أن جولة ثانية ينافس فيها إريك زيمور ستحشد اليمين المتطرف من حوله، ولاسيما التجمع الوطني بقيادة مارين لوبن، وشرائح واسعة من اليمين التقليدي، الذي بات منقسماً وأقرب إلى شعارات التطرف من قربه إلى شعارات الاعتدال، التي حكمت مسيرته السابقة.

اخترنا لك