صلاح يخسر مرّتين!

شتان ما بين مشهد محمد صلاح في القاهرة أمس وفي مدريد قبل أسابيع.

لم يقدّم صلاح مستواه المعهود لكن من المجحف أن يكون المسؤول الأول عن الخسارة

شتان ما بين مشهد محمد صلاح في القاهرة ومدريد. في مدريد قبل أسابيع كانت الفرحة تملأ وجه صلاح وهو يرفع كأس دوري أبطال أوروبا في ملعب "واندا ميتروبوليتانو" بعد أن سجّل الهدف الأول في النهائي بين ليفربول وتوتنهام. أما، أمس، في القاهرة، فكان يذرف الدموع بعد انتهاء المباراة التي خسرها منتخب مصر أمام جنوب أفريقيا وتوديعه بطولة أمم أفريقيا في مصر في مفاجأة مدوّية.

خيبة كبرى عاشها المصريون بعد أن كانوا يحلمون بتحقيق اللقب الثامن في تاريخ منتخب بلادهم وتعزيز رقمه القياسي. الخسارة كانت قاسية، لكن أكثر المتأثّرين بها كان صلاح. خسارة صلاح خسارتان. الخسارة الأولى أن كل آمال المصريين كانت معلّقة على نجم ليفربول لقيادة بلاده إلى المجد بعد الخسارة في نهائي البطولة أمام الكاميرون عام 2017 ثم الخروج من دور المجموعات في مونديال روسيا 2018 والتي لم يكن صلاح جاهزاً بدنياً فيها لتعرّضه للإصابة في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد. من هنا كانت الآمال كبيرة بالتتويج باللقب خصوصاً أن البطولة كانت في مصر. خسرت مصر. بطبيعة الحال، فإن الأنظار على صلاح كونه النجم الأول في البلاد وأحد أفضل لاعبي العالم.

في محصّلة المشاركة المصرية وبعد الخسارة أمس، لم يقدّم صلاح ما كان مأمولاً منه. لم يكن "صلاح مصر" ذاته "صلاح ليفربول". سجّل في البطولة هدفين أحدهما بروعة من ركلة حرة، غير أن هذا أمر طبيعي للاعب بنجوميته خصوصاً في مواجهة منتخبات لا تُعدّ من المنتخبات القوية في القارة الأفريقية، إلا أنه في بطولة مثل أمم أفريقيا فإن المطلوب من صلاح أن يفعل ما هو "غير طبيعي". أن يكون دوماً في القمة وقائداً للمجموعة والبطل في كل المباريات. 

لكن من المجحف بالتأكيد التركيز على صلاح وحده في الخيبة المصرية الجديدة. صحيح أن صلاح لم يظهر بالشكل المطلوب، لكن يجدر القول أيضاً أن ظروف المنتخب المصري لم تساعد صلاح على عكس ما هو عليه الحال في فريق قويّ مثل ليفربول ومع مدرّب قدير مثل الألماني يورغن كلوب. هذا الأمر غير موجود في المنتخب المصري الذي بدا أنه يعاني الكثير من المشاكل لناحية التكتيك وأداء لاعبين محوريين أمثال عبدالله السعيد ومحمد النني حتى يمكن القول أن في الاختبار الأهم لمصر في البطولة أمام جنوب أفريقيا فقد برز من مصر فقط الحارس محمد الشناوي ولاعب الوسط "المقاتل" طارق حامد. أما عن المدرب المكسيكي خافيير أغيري فتلك مشكلة بحد ذاتها لناحية خيارات هذا المدرب قبل البطولة وأثناءها وتبديلاته خلال المباريات لتكون إقالته اليوم أمراً بديهياً.

خسر صلاح إذاً رهان الجمهور عليه لقيادة مصر إلى اللقب وتحقيق لقبه الأول مع منتخب بلاده. أما الخسارة الثانية لنجم ليفربول فتمثّلت بتبخّر حظوظه نهائياً لإمكانية المنافسة على جائزة الكرة الذهبية خصوصاً أن الأرجنتيني ليونيل ميسي قدّم في الأثناء بطولة "كوبا أميركا" مخيّبة وهذا ما كان بإمكان صلاح أن يستفيد منه ويرفع من أسهمه لو قاد مصر للقب، وحتى يمكن القول أن جائزة أفضل لاعب في أفريقيا باتت تقترب أكثر من زميل صلاح في ليفربول السنغالي ساديو ماني بعد قيادته منتخب بلاده لربع النهائي وربما أبعد.

هكذا خرج صلاح بنقطة سلبية في مسيرته من هذه البطولة بدلاً من أن يدّون الانجاز فيها. هي بطولة للنسيان لصلاح.