"Responsible Statecraft": نجاحات "إيباك" الأخيرة.. تُقهر

لا تدخل "إيباك" في السباقات التي من غير المرجّح أن تفوز فيها، حتى لو كان ذلك يعني السماح لمنتقدي العلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" بتحقيق نصر انتخابي مهم.

  • النائبتان الأميركيتان إلهان عمر ورشيدة طليب
    النائبتان الأميركيتان إلهان عمر ورشيدة طليب

مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية، التابعة لمعهد "كوينسي" الفكري، تنشر  مقالاً للكاتب آرون سوبتشاك، يتحدث فيه عن جهود منظمة "إيباك" المؤيدة لـ "إسرائيل" في الانتخابات الأميركية، وكيف أنّها تتجنّب خوض معركة مع بعض المرشّحين المناهضين لسياسة واشنطن مع الاحتلال، تفادياً للخسارة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

تتباهى جماعة الضغط الأميركية المؤيدة لإسرائيل "إيباك" بنجاحها في فوز مرشحيها في انتخابات الكونغرس التمهيدية للحزب الديمقراطي، إذ استطاعت إسقاط النائبة كوري بوش في ولاية ميسوري، وقبلها النائب جمال بومان في ولاية نيويورك.

ولقد أنفقت "إيباك" وشركاؤها أكثر من 24 مليون دولار خلال العام الجاري للتأثير في الانتخابات. وتمتعت بسلسلة من النجاحات طوال الصيف، متفاخرة بأن 100% من المرشحين الديمقراطيين الذين دعمتهم فازوا حتى الآن في الاقتراعات التمهيدية، ما يطلق العنان لسردية تجعل العديد من السياسيين يرون في "إيباك"، قوةً لا يمكنهم تجاوزها لتحقيق طموحاتهم.

مع ذلك، لا تدخل "إيباك" في السباقات التي من غير المرجّح أن تفوز فيها، حتى لو كان ذلك يعني السماح لمنتقدي العلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" بتحقيق نصر انتخابي مهم. على سبيل المثال، يبدو أنّ "إيباك" تفضّل عدم لفت الانتباه إلى الانتخابات التمهيدية للنائبة إلهان عمر، وهي ديمقراطية عن ولاية مينيسوتا، هذا الأسبوع، ولم تقدم دعماً كبيراً لمنافسها عضو مجلس مدينة مينيابوليس السابق دون صامويل، الذي توسل "إيباك" لتساعده، لكنها أبت وعبّرت عن عدم اهتمامها بهذا السباق، لأنّه لا يمكن أن يطيح بصوت إلهان عمر المنتقدة القوية لدعم الولايات المتحدة جرائم الدولة الصهيونية بالسلاح والمال في الكونغرس الأميركي.

في الحقيقة، ضغطت "إيباك" على الزناد، وأخطأت في بعض الأحيان. أبرزها، فشلها في هزيمة النائب توماس ماسي من الحزب الجمهوري عن ولاية كنتاكي، وهو عضو في تجمع الحرية في مجلس النواب، ومدافع قوي عن عدم التدخل الأميركي في الخارج، ومنتقد شجاع لحجم المساعدات الأميركية الهائل للاحتلال الإسرائيلي، ومناهض بقوة مقترحات قوانين "معاداة السامية" في الكونغرس هذا العام، باعتبارها انتهاكات محتملة لضمانات حرية التعبير. ولقد أنفقت "إيباك" ما يقرب من 400 ألف دولار في محاولة لهزيمته في الانتخابات التمهيدية في منتصف العام الجاري، لكنه هزم خصمه، وحصل على أكثر من 75% من الأصوات.

كذلك، نجح عدد قليل من الديمقراطيين الذين انتقدوا علاقة أميركا بـ "إسرائيل" في تفادي عدوان "إيباك" عليهم. ومنهم النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز عن ولاية نيويورك من الحزب الديمقراطي، خلال حملة إعادة انتخابها الأولى في عام 2020، ربما لأن "إيباك" أدركت أنّها ستدخل إلى قضية خاسرة، تشوّه من سجلها "الجيد في دعم المرشحين". والجدير بالذكر أنّ أوكاسيو كورتيز فازت بنحو 75% من الأصوات في الانتخابات التمهيدية لعام 2020، ولم تتجرأ "إيباك" على مواجهتها في عام 2022، ثم فازت بنسبة 82% من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في العام الجاري.

كذلك، هزمت النائبة رشيدة طليب جهود "إيباك" خلال السنوات الـ6 الماضية على التوالي، وهي أول أميركية من أصل فلسطيني تُنتخب لعضوية الكونغرس في العام 2018، ثم واجهت عضوة مجلس مدينة ديترويت بريندا جونز في الانتخابات التمهيدية في العام 2020، حيث فازت بأكثر من 66% من الأصوات، على الرغم من إنفاق "إيباك" أكثر من 600 ألف دولار آنذاك في محاولة لهزيمة أبرز الأصوات المنتقدة للاحتلال الإسرائيلي.

كذلك، هزمت رشيدة طليب 3 مرشحين آخرين في عام 2022، بنحو 64% من الأصوات، من ضمنهم المرشحة جانيس وينفري المدعومة من "إيباك" ومن منظمة صهيونية جديدة مموّلة إلى حد كبير من قبل الأثرياء من خارج الولايات المتحدة من مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد انتصارات رشيدة طليب على التوالي في عامي 2020 و 2022، يبدو ترشحها في العام الجاري، يسير ويتقدم على نحو آمن إلى ولاية جديدة لها في الكونغرس، ومن دون قدرة "إيباك" على كبح جماح فوزها الحاسم.

اعتادت النائبة إلهان عمر أن تكون هدفاً كبيراً لمنظمة "إيباك" وشركائها من الجماعات الصهيونية، وفي مقدمتها منظمة "أميركيون من الغد"، التي ضخت نحو 2.5 مليون دولار في محاولة هزيمتها خلال حملة إعادة انتخابها الأولى في العام 2020، لكنها فازت بنسبة 58% من الأصوات. كذلك أثبتت عمر حضورها في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في العام 2022، حيث فازت عمر بنقطتين مئويتين على منافسها دون صامويل، الذي يترشح ضدها أيضاً هذا العام. كما أنفق مشروع "صندوق الديمقراطية المتحد"  أحد فروع "إيباك"،  350 ألف دولار لمساعدة صامويل في الأسابيع الأخيرة من تلك الحملة التي أثبتت في النهاية عدم فعاليتها. ويذكر، أنّ "الصندوق الديمقراطي المتحد" هو مجموعة ممولة إلى حد كبير من قبل الجمهوريين المؤيدين لـ "إسرائيل" الذين يسعون للتأثير في السباقات التمهيدية في الحزب الديمقراطي.

وخلال الأسبوع الماضي، ظهرت رسائل بريدية غامضة مناهضة للنائبة عمر في منطقتها، أرسلتها مجموعة تابعة للصندوق المذكور أنفقت نحو 90 ألف دولار على أمر  من غير المرجح أن يؤثر في نتيجة الانتخابات.

تحب "إيباك" التباهي بنجاحاتها، وسوف تستمر إلى حد كبير في مواجهة المرشحين الذين ينتقدون "إسرائيل" بطرق تعدّها قاسية أو فعالة للغاية. ولكن اختيار "إيباك" عدم الاستثمار بغزارة لهزيمة إلهان عمر، لتجنّب خسارة محرجة، يعني أنّ جماعة الضغط المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي التي تزعم أنها قوية، تعرف حدودها.

ويجب أن تقدم الانتصارات الانتخابية للنواب ماسي وعمر وطليب وأوكاسيو كورتيز بعض الأمل للمشرعين الذين يطمحون لتوقف الولايات المتحدة عن تقديم مليارات الدولارات من المساعدات لـ "إسرائيل" من دون شروط.

نقله إلى العربية: حسين قطايا