"واشنطن بوست": الضجة بشأن اجتماع المنقوش وكوهين تظهر تحديات للتطبيع

تقرير في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية يتحدث عن صعوبة التوصل إلى التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً بعد إعلان وزير خارجية الاحتلال، إيلي كوهين، عن لقائه نظيرته الليبية، نجلاء المنقوش.

  • محتجون ليبيون يحرقون العلم الإسرائيلي بعد لقاء المنقوش وكوهين
    محتجون ليبيون يحرقون العلم الإسرائيلي بعد لقاء المنقوش وكوهين

تطرّقت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير بعنوان "الضجة بشأن الاجتماع بين ليبيا وإسرائيل تظهر تحديات للتطبيع"، إلى الرفض الشعبي للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، واتخاذ حكومة الدبيبة في ليبيا وضعية "السيطرة على الأضرار"، بالإضافة إلى الدور الأميركي في ترتيب اللقاء وتشجيعه.

فيما يلي نص المقال مترجماً إلى العربية:

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الأحد، أنّه التقى سراً في إيطاليا، الأسبوع الماضي، مع وزير الخارجية الليبية في حكومة طرابلس، نجلاء المنقوش، مشيراً إلى "الاحتمالات الكبيرة لإنشاء علاقات" بين ليبيا والاحتلال. بالنسبة إلى "إسرائيل"، مثّل اللقاء المنعطف الأخير في جهودها، التي تسهّلها الولايات المتحدة الأميركية، لإنشاء علاقات مع دول الشرق الأوسط التي كانت معاديةً لها. 

أما في ليبيا، التي لا تعترف بـ"إسرائيل"، وحيث لا يزال المزاج الشعبي داعماً وبقوة للقضية الفلسطينية، فأثار اللقاء غضباً، ودفع رئيس الحكومة، حميد الدبيبة، إلى خلط الأوراق لاحتواء السقوط، ويشمل هذا إقالة الوزيرة.

اندلعت الاحتجاجات في مدن غربي ليبيا، ليل الأحد-الإثنين، حيث أضرم المحتجون النيران بالدواليب والأعلام الإسرائيلية، بالإضافة إلى منزل يمتلكه رئيس الحكومة، بحسب ما قالت تقارير وسائل الإعلام المحلية. كذلك، هاجم المحتجون بوابات وزارة الخارجية في طرابلس، على الرغم من أنّ الحراس منعوهم من اختراق المبنى، وفقاً للتقارير المحلية.

وبدا أنّ الإعلان الإسرائيلي فاجأ الحكومة في طرابلس، وسعى الدبيبة إلى إلقاء اللوم على المنقوش، التي أقالها الإثنين، وحوّلها إلى تحقيق داخلي. المنقوش سافرت إلى تركيا الإثنين، بعد أن انتشرت الأخبار عن اللقاء، بحسب ما نقلت "أسوشييتد برس". وأصدر أمن الدولة، صباح الإثنين، بياناً نفى فيه تسهيل سفرها. 

بعد عقد من الإطاحة به في عام 2011، أظهر 7% فقط من الليبيين تأييدهم العلاقات بين الدول العربية و"إسرائيل"، بحسب استطلاع أجرته شبكة الأبحاث "Arab Barometer".

سريعاً، شكّلت أنباء اجتماع روما فضيحةً سياسيةً في البلد الذي تمزّقه الحرب، فيما يستمر بالانقسام بين حكومة طرابلس، والإدارة المنافسة في الشرق، التي يدعمها خليفة حفتر. 

يرجّح أنّ الدبيبة سعى لعقد اللقاء لكسب ودّ واشنطن، في وقت تسعى فيه الأمم المتحدة إلى التوصل إلى حكومة مؤقتة جديدة عبر تصويت على الصعيد الوطني، بحسب وولفرام لاتشر، محلل الشؤون الليبية في المعهد الألماني للعلاقات الدولية والأمنية.

"هذا الاجتماع يفسّر فقط على أنّه جهد يبذله الدبيبة لحشد الدعم الأميركي لبقائه في السلطة"، قال لاتشر. إلا أنّه شكّل مقامرةً محفوفةً بالمخاطر، ويبدو اللقاء المسرّب الآن جزءاً من "سلسلة من خيارات سيئة التقدير في السياسة الخارجية، يبدو أنّها لا تتماشى مع الرأي العام الليبي".

وقيل إنّ شخصيات بارزة من كلا الطرفين المتنافسين اتصلت مع مسؤولين إسرائيليين في السابق، فيما وصفه محلل الشؤون الليبية، أنس القماطي، بأنّها جهود "للتطبيع مقابل اعتراض الانتخابات". 

يرجّح أنّ الدبيبة نسّق اللقاء، آملاً كسب تأييد أميركي لحكومة مشتركة مع حفتر، كما قال القماطي، مدير معهد "صادق"، وهو مركز تفكير يقع في طرابلس. 

الجدل وضع الحكومة في وضعية "السيطرة على الأضرار"، في حين تحاول وزارة الخارجية التقليل من قيمة النقاش بين المنقوش وكوهين، على اعتباره "لقاءً غير رسمي وغير محضَّر"، كما قالت في بيان الأحد. وفي غضون ذلك، ظهرت تقارير تفيد بأنّ الدبيبة كان يعدُّ الأرضية للقاء بهدوء، منذ شهر على الأقل، بما في ذلك زيارته إلى إيطاليا، الشهر الماضي. 

وحالياً، تعقد الولايات المتحدة الأميركية محادثات غير رسمية مع مسؤولين سعوديين وإسرائيليين، على أمل أن تسفر عن اتفاق تاريخي بين المملكة و"إسرائيل".

وقال منتقدون إنّ كوهين، بإعلانه عن الاجتماع مع المنقوش، لم يعرّض أمن الأخيرة للخطر فحسب، بل خاطر بإخافة حكومات أخرى، قد تكون تتطلع بهدوء نحو تقارب مع "إسرائيل".

"اللقاءات السرية التي لم تُسرّب إطلاقاً بنت علاقات تطوّرت عبر السنين إلى اتفاقات تاريخية مع دول المنطقة. ليس هذا ما يحدث الآن"، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، في تغريدة. "دول العالم تنظر هذا الصباح إلى التسريب غير المسؤول عن لقاء وزيري خارجيتي إسرائيل وليبيا، وتسأل أنفسها: هل هذا بلد يمكننا إنشاء علاقات معه؟" 

إذا أدت الولايات المتحدة الأميركية في دوراً في تشجيع اللقاء أو ترتيبه، فسيبدو الأمر معاكساً للسياسة الأميركية الدافعة إلى الانتخابات، ومن غير الواضح كم من الشرعية ستكتسبها أي خطوات تطبيعية، صادرة عن المحادثات مع الحكومة الليبية الضعيفة والمحاصرة. 

"إنّه أمر مشكوك فيه للغاية، أي شرعية سيكتسبها التطبيع الذي تقوم به حكومة كهذه"، قال لاتشر. "إذا كانت الولايات المتحدة تدفع فعلاً نحو التطبيع، فإنّ هذا خطأ استراتيجي واضح".